"اللي بنى مصر كان في الأصل حلواني".. مقولة خالدة في الذاكرة المصرية تعبر عن شغفهم بكل ما هو جميل و"مسكر" حتى أصاب التسوس كثيرًا من العقول ومنذ لحظتها ونحن نفترس الحلويات بنهم شديد ولا نشبع منها "كنافة، بغاشة، أم علي وصافيناز". صافيناز أو صوفي نار تلك الراقصة الأرمينية "اللولبية" التي تتحرك على أنغام حروف اسمها فتشعل معها القلوب، فمنذ ظهورها وهي ترقص على أغنية فيلم (القشاش) في عيد الأضحى عام 2013، لامست شهرتها السحاب التي ما لبثت إن ازدادت حتى صدور حكم محكمة جنح العجوزة بحبسها 6 أشهر وكفالة 10 آلاف جنيه في قضية اتهامها بإهانة العلم المصري، عقب ارتداءها بدلة رقص تحمل ألوان العلم المصري بإحدى الحفلات. رغم تأكيدها أنها لم تكن تقصد جرح مشاعر أحد وأنها أرادت بارتدائها هذه البدلة إظهار حبها لمصر والمصريين، إلا أن الأقلام والأراء لم تهدأ ما بين مؤيد ومعارض و"مبصبصاتي"، ووسط ضجة إعلامية لا مبرر لها، تذكرنا علم مصر الآن!!.. نعم للأسف إنه قطعة القماش التي تعلو مدارسنا ومصالحنا الحكومية وهو مهترئ مدفون تحت أكوام من التراب اختلطت ألوانه الثلاثة كاشفة عن لون رمادي لا نعرف موقعه من الإعراب.. ولو سألنا كثير من المصريين أي اللونين يعلو الآخر الأحمر أم الأسود لسكت طويلًا مستغرقًا وقتًا لا بأس به فى التفكير والتمحيص.. نعم أتذكر هذا العلم الذي امتنع السلفيون بحزب النور عن تحيته من قبل، هو ذاته الذي لا نرفعه إلا في مباريات كرة القدم ثم نضعه جانبًا في انتظار الحدث الذي يليه. التغطية الإعلامية المبالغ فيها التي صاحبت الحكم على صافيناز لهي خير دليل على إهانتنا مع سبق الإصرار والترصد للعلم المصري، فهي ليست بالمبالغة إذا قولنا إن هناك من اهتم وأظهر حزنه على صافيناز أكثر مما اهتم بأخبار شهدائنا في سيناء الذين يقدمون أرواحهم يوميًا فداءً لتراب هذا البلد الأمين، وكأن كل قضايا مصر واحتياجات المواطنين "لبست طاقية الإخفا" لنناقش وبجدية مدى عدالة هذا الحكم "صافيناز مظلومة أم لا" حتى تصورت أن هناك بعض الأصوات التي ستطالب غدًا بحبس العلم بدلًا عن صافيناز، و"الحشد لمليونية صافيناز بغاشة والعلم قماشة". رسالتي الأخيرة التي أريد أن أقولها هي إن أبناء هذا الوطن هم الأولى باحترام العلم المصري، ويسكن بقلب كل منا قبل أن يستقر في يده أو على سطح منزله أن ننظر لعلم بلادنا باعتباره حياة ضحى من أجله الكثير ولايزال على الدرب في سبيله سيضحي كثيرون.