طلبة راودهم حلم دخول كلية الصيدلة "إحدى كليات القمة"؛ لذا عكفوا على مدار عامين من عمرهم على التفوق الذي يمكنهم من دخول الكلية، وبذلوا من جهد والمال، وقلق أولياء الأمور، والطوارئ داخل البيت الذي يضم طالب في الثانوية العامة، وكلل الله مجهوداتهم، وحصلوا على مجموع تسعيني يؤهلهم لتحقيق الحلم، وسط فرحة عارمة من الأهل، والأقارب، والأصدقاء، ودموع الفرح تنهمر مختلطة بشقاء السنتين، وسعادة تحقيق المراد، وبين مشاعر الفرحة والتطلع إلى المستقبل، ورسم طريق السنوات المقبلة، يشرد الذهن مستشرفا المستقبل الذي يحمل فيه بعد سنوات قليلة لقب "دكتور صيدلي". لم يكن طلبة الفرقة الأولى بكلية الصيدلة جامعة حلوان، يعرفون أن هناك عوائق أمامهم غير صعوبة امتحانات الثانوية العامة، وضعف المجموع، وسوء الحظ في التنسيق، ليتفاجئوا بعائق جديد أمامهم، لا فكاك منه، وهو الوقوع بين عدم تمكنهم من السكن في المدينة الجامعية، و القدرة على التحويل إلى جامعة أخرى، وأن يجب على كل طالب مغترب، من الأقاليم، أن يتكبد عناء مصروفات الإقامة. يسافرون فجرا، يتوجهون جميعهم مع أول شعاع للشمس، وأحيانا قبله، بينهم فتيات لا يستطعن السفر بشكل يومي، أو المبيت بعيدا أن الأهل، وعلى هذا الحال منذ شهر، والوضع مازال قائما، وبين رفض رئيس الجامعة تسكينهم في المدينة الجامعية، ورفض الوزير تحويلهم، يقبع 650 طالبا من طلاب صيدلة حلوان على الطريق بين منزلهم والجامعة، ويهدرون من عمرهم الكثير والكثير، ويتكبدون مشقة السفر اليومي. وينظم طلاب الفرقة الأولى، في الثانية من ظهر غد، وقفة احتجاجية أمام رئاسة الجامعة، مطالبين بفتح المدينة الجامعية للتسكين، أو فتح باب التحويل، وسوف يتوجهون في مسيرة احتجاجية إلى وزارة التعليم العالي، حال عدم تحقيق مطالبهم. ويروي إسلام عبد الغني، أمين اتحاد طلاب كلية الصيدلة جامعة حلوان، تفاصيل الأزمة منذ بدايتها، ويقول إن الأسبوع الثاني من الدراسة، قرر مكتب التنسيق فتح الباب مرة ثانية، للقبول بصيدلة حلوان، مشترطا ألا يتم التحويل من الكلية بعد دخولها، وهو ما ترتب عليه قبول حوالي 676 طالبا وطالبة، منهم 650 مغتربين من خارج القاهرة، وهو ما أدى إلى إرسال مجلس الكلية، توصيات إلى المجلس الجامعة حيث قال رئيس الجامعة، الدكتور ياسر صقر، إنه لا يستطيع استيعاب هذا العدد من الطلبة المغتربين في المدينة الجامعية، كما بعث رئيس الجامعة قبلها خطابا إلى المجلس الأعلى للجامعات، الذي يرأسه الدكتور أشرف حاتم، يطلب فيه مخاطبة رئيس مكتب التنسيق، دكتور سمير شاهين، لفتح الباب لتحويل الطلبة المغتربين، وهو ما ترتب عليه مخاطبة المجلس الأعلى للجامعات، لوكيل أول الوزارة، ورئيس قطاع التعليم ومدير مكتب التنسيق، بالإضافة إلى مخاطبة رئيس الجامعة، للجامعات المناظرة لها لقبول أوراق تحويل طلبة "صيدلة حلوان" المغتربين. وأضاف إسلام، أنه على الرغم من تعاون الدكتور ياسر صقر رئيس الجامعة، في قضية التحويل، إلا أنه رفض فكرة التسكين في المدينة الجامعية، متعللا بعدم وجود أماكن وميزانية تكفي لهذا العدد. قرر إسلام بعدها التوجه إلى وزير التعليم العالي، يطلب منه فتح باب التحويل، إلا أنه لم يتمكن من مقابلته حتى الآن، وأحيل الطلب إلى وكيل أول الوزارة ورئيس قطاع قطاع التعليم، المهندس أحمد عبد العزيز، وبعدها قرر إسلام التوجه للأخير، واستمرت المقابلة قرابة الساعة والنصف، وأكد له صعوبة فتح باب التحويل، قائلا إنه سيحيل القضية للوزير، بينما كان طلب إسلام والطلبة واضحا "اقبلوا أوراق طلبة صيدلة حلوان في الجامعات الاخرى". ويذكر إسلام أنه كان هناك اجتماعا للمجلس الأعلى للجامعات، ومر الاجتماع دون أن يعرف الطلبة عما أسفر، فيما طلبت جامعات طنطا ودمنهور، وكفر الشيخ، والإسكندرية، والمنيا من الطلبة أن يواصلوا الحضور في جامعة حلوان، مضيفين "لما تيجي اساميكم من مكتب التنسيق، مفيش حاجة رسمية". ووردت أنباء من بعض الطلبة، حول أن جامعات "طنطا، والمنيا، والزقازيق"، قبلت تحويل الأوراق، ولكن لا يوجد ما يثبت حق الطلبة في التحويل، من الناحية القانونية، فلا يوجد قرار من الوزير ولا من مكتب التنسيق، ويمكن للجامعات السالف ذكرها، أن تنفي حق الطلبة في التحويل، مرة أخرى، لا خيار ثالث للطلاب سوى قبول السفر ذهابا وإيابا، أو ترك الكلية.