أعرف الكاتب الصحفى الكبير أسامة سرايا منذ زمن بعيد يزيد على العشرين عاماً، منذ أن كانت مجلة «الأهرام العربى» مجرد فكرة راودته هو ومجموعة من شباب صحفيى «الأهرام» الواعد الذين أصبحوا اليوم نجوماً ساطعة تملأ سماء الصحافة والإعلام والفضائيات، وكان قبل ذلك مدير مكتب «الأهرام» فى جدة وعضو نقابة الصحفيين لدورتين، ثم أسند إليه الأستاذ إبراهيم نافع رئاسة تحرير المجلة الوليدة آنذاك، فأتى بخيرى رمضان ونصر القفاص ومحمد حبوشة مديرين للتحرير، ثم سافر نصر القفاص وتولى «خيرى» و«حبوشة» المسئولية، وكانا آنذاك شابين رائعين وصحفيين نابهين رغم صغر سنهما، وانطلقت المجلة بسرعة الصاروخ، وتألق كل من يكتب فيها، فهل تعلمون من كان يكتب بها؟ كان الكاتب الصحفى اللامع مجدى الجلاد، رئيس تحرير «الوطن»، يتولى رئاسة قسم التحقيقات التى نبغ فيها، وكانت تفجر قضايا غاية فى الأهمية، وكان عمود «ببساطة» لسيد على يزلزل الدنيا، رغم كلماته البسيطة واللاذعة، والتى كان يُلام عليها رئيس التحرير من كثير من المسئولين، ويدافع عنها فى محاولة لاقتناص جزء من حرية التعبير التى لم يكن يلتفت إليها آنذاك، وخالد صلاح، رئيس تحرير «اليوم السابع» الآن، وأشرف محمود بالقسم الرياضى والذى أصبح رئيساً لتحرير نفس المجلة فيما بعد، وأشرف العشرى، مدير تحرير «الأهرام» الآن، فى السياسة، وماجدة الجندى التى أصبحت رئيساً لتحرير مجلة «علاء الدين» للأطفال، وكذلك عاطف حزين وعلا السعدنى وجيهان الغرباوى وغيرهم كثير. وكانت أول معرفتنا بكتابات الشيخين خالد الجندى والحبيب على الجفرى عن طريق خيرى رمضان النشط والمبدع الذى استكتبهما أسبوعياً، وآخرون كثيرون من النجوم فى شتى المجالات، وكانت الندوات التى تقام فى معهد الصحافة، الذى كان يتولى رئاسته الأستاذ أسامة سرايا، يحضرها كبار المسئولين فى الدولة، وتنقلها المجلة للقارئ العربى، وكنت أكتب آنذاك فى المجلة مقالاً أسبوعياً ثم شهرياً، بالإضافة إلى مقالى الأسبوعى يوم الجمعة فى جريدة الأخبار اليومية. ثم تولى أسامة سرايا رئاسة تحرير الأهرام القومية، التى كانت تعد الجريدة شبه الرسمية للدولة، فأصاب فى أشياء، وأخطأ فى أشياء، مثل أى شخص يتولى قمة المسئولية فى أى مكان، وفى أى زمن، وبالتأكيد أخطأ عندما كتب مقالاً بعنوان «يوم أن ولدت مصر» بمناسبة عيد ميلاد الرئيس الأسبق مبارك، أخطأ مثل كل الذين أخطأوا من رؤساء تحرير الصحف القومية الذين كانوا يكتبون لرجل واحد فقط هو رئيس الدولة، ولا أريد أن أذكر أسماء أو أحداثاً أو مقالات يمكن أن تجعل أصحابها يخجلون من أنفسهم، وقد رأيتها بعينى لأشخاص يرفعون راية الثورة الآن أثناء لقائهم بالرئيس الأسبق أو زوجته أو ابنه جمال فى اللقاء السنوى الذى كان يلتقى فيه بالمثقفين أو فى أعياد الطفولة، إلا أننى ومن خلال ما سردته أريد أن أقول إن ما يميز أسامة سرايا عن غيره ويجعلنى أحترمه أنه كان مقتنعاً بما يفعل، ولم يغير جلده مثلما فعل الكثيرون من المتحولين الذين لا يخجلون من أنفسهم على الرغم من وجود الفيديوهات والصور والمقالات قبل وبعد الثورة، ربما تختلف معه، ربما تلومه على بعض الأخطاء، ولكنك أبداً لا تستطيع أن تتجاهل نزاهته ومهنيته ودماثة خلقه. والحقيقة أننى أتعجب كيف لمؤسسة عريقة مثل مؤسسة الأهرام التى عُرف عنها الوفاء لكل أبنائها أن تتخلى عن أحد أبنائها الذين وضعوا لبنة فى هذا الصرح العظيم، وتمنعه من الكتابة بها مثل كل رؤساء التحرير السابقين فى الصحف القومية الأخرى، الذين يكتبون من خلال نافذة أو عمود ما يريدون أن يشاركوا به من أجل بناء مصر المستقبل التى نحلم بها، والتى تحتاج إلى خبرات كل أبنائها، فالكاتب عندما لا يكتب يكون هذا حكماً عليه بالنفى وأحياناً الإعدام. وفى النهاية أقول للأستاذ أسامة سرايا كل عام وأنت بخير بمناسبة عيد ميلادك، وعزاؤك أن من تخرجوا من عندك هم من يملأون الساحة الإعلامية والفضائية بكل وسائلها المكتوبة والمقروءة والمرئية. إعلان غبى: لا أدرى من صاحب فكرة هذا الإعلان الغبى الذى يظهر فيه رجل يرتدى الشورت ويجلس أمام طفل يرتدى «شورت» أيضاً، ليقول له: «أنا جاى أوهب لك فخادى علشان تبقى أحسن لاعب»، ألم يفكر هذا العبقرى فى أن هذا الإعلان يمكن أن يتخذ ذريعة وحجة للتحرش الجنسى بالأطفال الصغار الذين يمكن الضحك عليهم لخلع ملابسهم من أجل تبادل الأفخاذ فى ظل ما نقرأ ونسمع من حوادث التحرش اليومية داخل المدارس وخارجها؟!