رئيس مدينة الغردقة يتفقد جاهزية اللجان استعداداً لانتخابات البرلمان 2025    تقديرًا لأمانته.. مدرسة بقنا تكرم تلميذًا أعاد «انسيال ذهب» لمعلمته    أسعار الخضار والفاكهة بأسواق كفر الشيخ اليوم    تراجع في الأسعار.. ماذا حدث للذهب خلال الأسبوع الماضي؟    استثمارات الأجانب في أذون الخزانة المحلية ترتفع لما يعادل 2.063 تريليون جنيه بنهاية يوليو    طريقة إضافة الزوجة والأبناء على بطاقة التموين عبر الإنترنت بخطوات سهلة من المنزل    إعصار فونج وونج يجلب أمطارا غزيرة إلى تايوان الأسبوع المقبل    الخارجية الروسية: موسكو لن تنجر وراء استفزازات بروكسل في قضية التأشيرات    سكاي نيوز: توتر متصاعد في مالي بعد اختطاف مواطنين مصريين    معسكر الزمالك للسوبر.. هدوء وتركيز وجلسات تحفيزية للمدير الفني    مواعيد مباريات اليوم الأحد 9-11- 2025 والقنوات الناقلة لها .. يتصدرها نهائي السوبر المصري    النشرة المرورية.. زحام الطرق الرئيسية فى القاهرة والجيزة    «الأرصاد»: طقس اليوم خريفي مائل للبرودة.. والعظمى بالقاهرة 28 درجة    عاجل- تعرف على موعد انطلاق امتحانات نصف العام لصفوف النقل والشهادة الإعدادية 2026    اليوم.. نظر محاكمة 213 متهما بخلية النزهة    جامعة الدول العربية تكرم مدحت وهبة المستشار الإعلامي لصندوق مكافحة وعلاج الإدمان تقديرا لجهوده    نقيب الموسيقيين يكشف تطورات الحالة الصحية ل إسماعيل الليثي: بين أيادي الله    ليلى علوي تتألق بالزي المغربي في مهرجان الرباط الدولي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم 9-11-2025 في محافظة قنا    عوض تاج الدين: رئيس الجمهورية يتابع أسبوعيا مراحل الإنجاز في مستشفى 500500 تمهيدا لافتتاحه    الجيش أول المشاركين، انطلاق التصويت في الانتخابات البرلمانية العراقية (فيديو)    المصريون في كندا ينهون التصويت في انتخابات «النواب» وسط تنظيم متميز    اليوم، استئناف بيع تذاكر زيارة المتحف المصري الكبير من شبابيك الحجز    الكاتب السوري سومر شحادة: السوق المصرية تمثل لي أفقًا حقيقيًا للكتابة والقراءة    4 برونزيات، حصاد البعثة المصرية في أول أيام دورة التضامن الإسلامي    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الأحد 9 نوفمبر    وزير التعليم العالي: فوز مصر بعضوية "اليونسكو" تتويج لرؤية الرئيس السيسي في تعزيز الحضور الدولي    حظك اليوم الأحد 9 نوفمبر.. وتوقعات الأبراج    مش هترضعه صدق ولا مصداقية.. عم ضحايا جريمة دلجا يرفض إرضاع القاتلة لطفلها بعد حكم الإعدام    مطار مرسى علم يشهد نشاطًا سياحيًا مكثفًا مع وصول رحلات أوروبية    بسبب تركيبة حليب أطفال، تسمم رضع في 10 ولايات أمريكية والسلطات تفتح تحقيقًا    مسئول أممى: المشهد الإنسانى فى السودان يثير القلق جراء أعمال العنف المتواصلة    سوريا تنفذ عمليات استباقية ضد خلايا لتنظيم داعش    أحمد جعفر: تريزيجيه اكتر لاعب سيقلق دفاع الزمالك وليس زيزو وبن شرقي    صفاء أبو السعود: حفل «جراند بول» يدعم مرضى السرطان.. ويقام للمرة الأولى في مصر    إخلاء سبيل شخص وصديقه بواقعة التحرش اللفظي بسيدة فى بولاق أبو العلا    «إنت بتغير كلامي ليه! أنا عارف بقول إيه».. نقاش ساخن بين أحمد فتحي وخالد الغندور بسبب نجم الزمالك    عيار 21 الآن بعد آخر ارتفاع.. سعر الذهب والسبائك اليوم الأحد 9-11-2025 في مصر    حبس وغرامة.. نقيب الأطباء يكشف عقوبة التجاوز والتعدي على الطبيب في القانون الجديد (فيديو)    وزير النفط الكويتي يبحث قضايا بيئية مع مسؤولين في كوب 30    المخرج مازن المتجول في حوار ل«المصري اليوم»: احترم جميع الآراء حول حفل افتتاح المتحف الكبير.. والانتقادات 3% من ردود الأفعال    «معي في قائمة المنتخب».. حلمي طولان يفاجئ لاعب الأهلي قبل ساعات من السوبر    عمرو الحديدي: الأهلي يفتقد لتواجد إمام عاشور.. ومباراة القمة تكتب دائمًا شهادة ميلاد العديد من النجوم    لتلقي شكاوى المعلمين 2025.. التعليم يفعل كود QR لتسهيل التواصل مع الوزارة وتحويل فوري للطلبات إلى الجهات المعنية    إسرائيل حذرت أمريكا وجيش لبنان من عودة حزب الله بقوة    قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم بلدتي الخضر وعابود ومدينة البيرة    كورنيليا ريختر أول أسقفة في تاريخ الكنيسة الإنجيلية بالنمسا    أرتيتا بعد التعادل مع سندرلاند: لا أريد الشكوى من أي شيء    تقدير في المحيط المهني.. حظ برج العقرب اليوم 9 نوفمبر    تزوجت 5 مرات وتعاني من مرض مناعي نادر.. 17 معلومة عن الإعلامية منى عراقي    زوجة محمد محمود عبدالعزيز تعاني من نزيف داخلي.. 6 أسباب تعرض الحوامل لخطر «الولادة المتعسرة»    واشنطن تسحب إشراف مساعدات غزة من إسرائيل    مقعد آل كينيدي!    كيف يساعد عسل النحل في علاج الكحة والسعال؟    «عدد كتب الغيب 3».. خالد الجندي: الله قد يغير في اللوح المحفوظ    أمين الفتوى: صلاة المرأة بملابس البيت صحيحة بشرط    رئيس جامعة الأزهر : من لم يعرف قدر النبي صلى الله عليه وسلم فقد انتفى عنه العلم كله وصار في زمرة الجهلاء    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 8-11-2025 في محافظة الأقصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«جريج» وأمه.. وفقه الأولويات
نشر في الوطن يوم 23 - 03 - 2015

وقف «جريج» عابد بنى إسرائيل يُصلى فى محرابه.. خشع لربه واستغرقه ذكر الله وتسبيحه وحمده والثناء عليه.. شعر بأن لحظات المناجاة لربه والذوبان فى حبه وعبوديته سبحانه هى أحلى لحظات العمر.
وبينما هو مستغرق فى صلاته وهائم فى حب ربه سمع صوت أمه تناديه: «يا جُريج».. لا بد أنها جاءت لزيارته فى صومعته التى اعتزل فيها للعبادة.
حدّث نفسه: أمى أم صلاتى؟.. أرد على أمى وأنزل إليها.. أم استمر فى صلاتى؟ أأقطع خلوتى مع ربى لأخلو بأمى.. ولحظات الوجد مع الرب سبحانه، لألتقى بمخلوق، حتى لو كان أمى.
قطع الشك باليقين واستمر فى صلاته، مهملاً أمه.. نادته مرات فلم يستجب.. غادرته غاضبة.. التمست له أعذاراً لعله لم يسمع أو كان نائماً.. إلخ.. الأعذار التى توهم بها الأم نفسها حتى لا تغضب على ابنها.
جاءت فى اليوم التالى ليتكرّر السيناريو نفسه، تناديه مرات «يا جريج»، فيقارن ثانية بين الاستمرار فى صلاته أو إجابة ندائها.. إنه يظنها مقارنة بين الخالق والمخلوق.. بين الرب والأم، وهى ليست كذلك.
يرفض مجدداً الاستجابة لأمه ومقدماً صلاته.. يزداد غضبها هذه المرة وتكاد تدعو عليه، لكنها تملك غضبها وتلتمس له المعاذير مجدداً.
تعود فى اليوم الثالث لتناديه بأعلى صوتها: «يا جريج».. يُخطئ فى القياس مرة ثالثة، يظن أنه يقدم حق الله على حق العباد.. ولا يدرى أن إجابة والدته وبرّها وصلتها فرض عين حل أوانه بقدومها وندائه.. وأن نوافل العبادات والطاعات لا تعد فرضاً، لكنها مستحبة ومندوبة، ويمكن أن يحصّلها العبد فى أى وقت.
آه.. إنه فقه الأولويات الذى لم يدركه هذا العابد، كما يغفل عنه الكثيرون.. إنه ينقصه الفقه ليزن مراتب الأعمال.. ويدرك أنه لا تعارُض بين حقوق الله وحقوق العباد.. وبين صلة الرب وصلة الأم.. بل إن الأم هى أقرب خلق الله للرب.. لأن لها من عطاء الربوية الكثير.. فهى تعطى بلا منّ ولا أذى، ودون حساب، وبلا مقابل، ولمن أحسن أو أساء من أولادها.
فكر «جريج» فى نداء أمه فى اليوم الثالث وكرر السؤال على عقله: أمى أم صلاتى؟ غلّب كالمعتاد صلاته.. غضبت يومها غضباً لا نظير له.
فاض بها الكيل.. «جُريج» الذى حملته كرهاً ووضعته كرهاً وربته طفلاً يفعل بى هكذا.. لم تشعر بنفسها وهى تدعو عليه: «اللهم لا تمته حتى يرى وجوه المومسات».
كانت السماء مفتوحة كعهدها دوماً لدعاء الأمهات جميعاً.. استجاب الله دعاءها.. قدّمت السماء الأم على العابد وحقها المفروض على عبادة «جريج» المندوبة.
مرّت الأيام وجاءت إحدى بغايا بنى إسرائيل تحمل طفلاً لها، فلما سألها قومها عن صاحب الفعلة الشنيعة والزنا المحرم بها.. قالت لهم: «جريج».. أصابتهم الدهشة، لكنهم صدقوا، فقام أهل القرية يشتمون «جريج» ويسخرون من خداعه لهم.. وبعد أن أوسعوه سبّاً وشتماً قاموا بتحطيم صومعته.. عرف السبب أخيراًً؟.. فأمرهم أن يأتوا بالطفل، فلكزه بإصبعه قائلاً: من أبوك أيها الطفل؟.. فتهامس الناس: «جريج» أصابه الجنون، فهو يكلم وليداً فى المهد.. لكن الطفل نطق: أبى راعى الغنم.. فكبّر الناس وهللوا وأخذوا يعتذرون ل«جريج» ويعانقونه، قائلين: نبنى صومعتك من ذهب.. فقال: لا.. ابنوها من طين.
هذه القصة حكاها رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، ورواها البخارى ومسلم وآخرون.
وقد أعجبنى قول بعض شراح الحديث بأن «أم جريج» لو دعت عليه بالفتنة لفُتن.. لكنها كانت رحيمة به إذ دعت عليه أن يرى فقط وجوه المومسات دون أن يتلوث بمعصية أو شرك.
إن السؤال الذى يلح على البعض اليوم ليس هو أمى أم صلاتى؟.. فلا أحد يُعير نوافل العبادات والطاعات التفاتاً.. والبعض لا يُصلى الفرائض وإن صلاها لا يواظب عليها.. فسؤال اليوم: أمى أم زوجتى، أم رتبتى، أم مالى، أم جاهى، أم أولادى.
وهؤلاء فى النهاية يعدّون صنفاً راقياً إذا قارنتهم بأولئك الذين يسألون أنفسهم: أمى أو الترامادول أو البانجو أو شلة الفساد وأصدقاء السوء.
فكل حين نسمع عن شاب يقتل أمه، لأنها لم تعطه ثمن المخدرات التى أدمنها؟ وآخر ضرب أمه أو أهانها لأنها رفضت إعطاءه ثمن المخدرات؟ أو أنكرت عليه تناولها؟
لقد نال «جريج» العقوبة، لأنه لم يدرك فقه الأولويات.. وهو فقه عظيم يقدّم فرض العين على فرض الكفاية، ويقدم فرض الكفاية على المندوبات والسنن، ويحذر من الشرك قبل الكبائر، ويبتعد عن الكبائر قبل الصغائر، ولا يحول الخطأ إلى خطيئة ولا الخطيئة إلى الكفر، لكن قومنا اليوم لا يقعون فى عقوق الوالدين، أو تجاوز فقه الأولويات فحسب، إنهم يشتمون أو يضربون أو يقتلون الوالدين، وقد يرفع أحدهم قضية حجر على أحد والديه، أو يلقى بهما فى الشارع، مستلباً شقتهما أو يضعهما فى دار المسنين ليستريح من عناء رعايتهما أو يفعل ذلك إرضاءً لزوجته، أو يخجل من زيارة والديه القرويين له فى عمله أو فى منزله، حيث تتأفف زوجته الأرستقراطية منهما.
هذا حال «جريج» وحالنا، وقد وقفت طويلاً أمام قول فقهاء الإسلام من أنه يجب على من يصلى النافلة أن يقطع صلاته، ليجيب نداء أمه، لأن إجابة الأم أولى من الاستمرار فى النافلة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.