هذا التحقيق الذى بين أيديكم الآن استغرق شهرين كاملين، بدأته بملاحظة مجموعة من الإعلانات المتعلقة بمكاتب الزواج على مواقع التواصل الاجتماعى، وبعد مجموعة من اللقاءات التى أجريتها مع أشهر مكتب للزواج الشرعى فى مصر انكشف الستار عن تجارة رقيق أبيض، وبيع فتيات مصريات لرجال عرب. اضطررت أن أخوض التجربة كفتاة تتقدم إلى مكتب للزواج الشرعى، وبعد كل خطوة كان الخطر يقترب، اختبرنى صاحب المكتب المرة تلو الأخرى، اتصف بالشك، وتوخى أعلى درجات الحذر، خشيت أن ينكشف أمرى قبل الكشف عن جميع أوراق اللعبة. اضطررت للتقديم فى المكتب بكافة أوراقى وبياناتى الحقيقية وصورى الشخصية، حتى مع توقعى أن المكتب بإمكانه استغلال تلك المعلومات بطريقة غير أخلاقية، ومع تأكدى أن صاحب المكتب المتقمص شخصية المأذون الشرعى هو فى حقيقة الأمر «سمسار تزويج»، لم يكن أمامى طريق آخر سوى أن أكمل رحلتى بالكامل رغم الخطورة فى كل لحظة، ومع التسجيلات الصوتية للمقابلات والمكالمات الهاتفية اكتمل التحقيق الذى ستقرأونه فى السطور التالية بالتفصيل الدقيق. بعد اختيار المكتب الذى ينشر إعلاناته فى مواقع التواصل الاجتماعى وصحف الإعلانات، حصلتُ على رقم الهاتف من خلال الإعلان، أجريت مكالمة هاتفية لصاحب المكتب، رفض فيها الحصول على أىٍّ من بياناتى الشخصية من خلال الهاتف، قائلاً: «تيجى تملى استمارة، ومعاكى صورة البطاقة وصورة شخصية، وتدفعى رسوم التقديم 200 جنيه». بعد عدة أيام عاودت الاتصال به، أخبرته عن رغبتى فى الحضور إلى المكتب، وملء الاستمارة، أكد وجوده فى المكتب، وعندما سألته هل هناك موظفون أو سكرتيرة، أوضح أنه بمفرده وينتظرنى، واهتم بمعرفة المنطقة التى سأتحرك منها. وقفت أمام عمارة سكنية قديمة لم تتضح معالمها ولا مدخلها فى منطقة حدائق المعادى، عليها لافتة مكتوب عليها مكتب المأذون الشرعى، ونفس رقم «الموبايل» الذى اتصلت به. مدخل العمارة بدا لى مظلماً ومخيفاً، مما اضطرنى إلى إجراء مكالمة هاتفية أخرى، طلبت فيها من «خالد» صاحب المكتب، النزول وإجراء المقابلة فى أى مكان عام، موضحة له خوفى من الصعود إلى مكتبه، فأجاب على الفور: «لا ماتقلقيش ده بيت ناس محترمين وأنا مراتى وبنتى الصغيرة هنا معايا»، وهذا على خلاف ما قاله لى فى المكالمة الهاتفية التى سبقت اللقاء مباشرة، حيث أوضح أنه بمفرده فى المكتب. لم يكن أمامى خيار آخر غير الصعود إلى الدور الثالث، حيث مكتب الزواج الشرعى، بخطوات بطيئة صعدت السلم، وبعد الدور الأول، تسمّرت فى مكانى، حيث يتفرّع من السلم، سلم آخر أسمنتى محفور فى الجدار، نهايته مظلمة، ولا أعرف سبب وجوده. أكملت فى طريقى، حتى وصلت إلى الطابق الثالث، هناك كان باب الشقة مفتوحاً، وجدت «خالد»، جالساً أمامى فى صالة الشقة، مرتدياً «شبشب بلاستيك»، يلف حول عنقه سماعات الموبايل، قام من مقعده وصافحنى، قائلاً: «قلقانة ليه؟». وفى محاولة منه لطمأنتى، أشار إلى الستارة التى تفصل الصالة الصغيرة عن باقى الشقة: «مراتى وبنتى جوه، ماتقلقيش». طوال اللقاء لم يتوقف «خالد» عن استقبال المكالمات، فى واحدة منها قال للمتصلة: «قولى لها جبت لها العريس اللى هى عايزاه، عينيه خضرا ووسيم زى ما هى طالبة»، لم يمر وقت طويل حتى طلب منى أن أوقع على استمارة تحمل 15 شرطاً قبل التعامل مع المكتب الذى سيوفر لى عريساً، أهمها، توفير 3 لقاءات للعميل على حد أقصى، والمكتب لا يوفر أى زواج عرفى أو مسيار، ثم دفع 400 جنيه بعد إتمام الزواج. «ممنوع تبادل رقم الهاتف أو أى وسيلة للتواصل مع أحد العرسان. وفى حالة مخالفة هذا البند الأخير والتواصل مع العريس بعيداً عن المكتب ستدفع غرامة 5 آلاف جنيه للمكتب، لا تخضع لرقابة القضاء»، كان هذا هو أحد البنود التى لفتت انتباهى فى استمارة التعاقد مع المكتب، تناقشت مع «خالد» متسائلة عن كيفية إجبار العميل على دفع ال5 آلاف جنيه غرامة دون اللجوء إلى التقاضى، فقال: «أنا باعرف أجيب بيانات العملا»، موضحاً أنه يستطيع الدخول بسهولة على قاعدة البيانات، لأنه «مأذون شرعى»، ويمكنه البحث من خلال أسمائهم والرقم القومى، للتأكد من إتمام الزواج دون علمه. وأضاف -بنظرة يشوبها المكر- أن لديه طرقه الخاصة للتأكد من انضباط الطرفين مع اتفاقه أياً ما كان الاتفاق. وأكمل بحزم: «خدى بالك مافيش بنت بتضحك عليا، أنا باشتغل الشغلانة دى من 9 سنين». طلب صورة شخصية، فقدمت له صورة «4×6»، احتفظ بها، وطلب منى صورة أخرى، أرسلها له عبر «بلوتوث الهاتف»، قائلاً: «مش عايز صورة تطفش العريس، عايز صورة تجيب العريس، فاهمانى»، كرّر تلك العبارة مرتين، مؤكداً أنه يفضّل هذا النوع من الصور، كى يرسلها إلى أى عريس مقيم فى دولة عربية، ولذلك اضطررت إلى إرسال صورة أخرى أعتبرها مخيبة للآمال، لكونها عادية جداً أرتدى فيها معطفاً وملابس كثيرة، لا يظهر منها سوى وجهى وشعرى. سألنى عن محل إقامتى، فأخبرته دار مغتربات فى الدقى، ابتسم، فحاولت توضيح سبب قدومى لمكتب زواج، رغم أن عمرى لا يتجاوز ال24 عاماً، نفى أى سبب للتعجُّب، مؤكداً أنه يستقبل أحياناً فتيات أعمارهن 19 سنة يبحثن عن عريس. تقمصت شخصية فتاة الأقاليم المغتربة الفقيرة، بيّنت له أن ظروفى المادية صعبة، وأن طلبى الوحيد هو عريس يتكفّل بكل المصاريف المادية، موضحة أن كونى من الأقاليم ومغتربة وأعيش فى القاهرة بمفردى، يضع علىّ أعباءً مادية أكثر، فأجاب على الفور: «علشان نوصل للعريس ده، هتبقى الزوجة التانية»، سألته هل يتقدم لك رجال يرغبون فى زوجة ثانية؟ فأجاب بثقة: «آه طبعاً، وبيجى لى عرب». لمعت عيناه بالطمع بمجرد أن فحص جواز سفرى، وتأكد من صحة بياناتى، وأننى بالفعل من محافظة الغربية. وما لبث أن سألنى: «أنتِ آنسة ولّا مدام»، أجبته: «آنسة»، فقال بمكر: «اعتبرينى أخوكِ، وقولى لى بصراحة، مقاطعة أهلك ليه». أجبته أننى لم أقاطعهم، ولكنى أبحث عن حياة أفضل، وأرغب فى الزواج من شخص ميسور الحال. فرد على مكالمة هاتفية أخرى، استقبل فيها بعض البيانات من عريس مقيم فى السعودية، مخبراً إياه على الهاتف: «معايا عروسة أهى سنها صغير»، وأكد عليه كيفية إرسال قيمة الاشتراك فى المكتب من خلال «حوالة بنكية». حاولت أن أتفهّم منه طبيعة الزواج وما المقصود ب«الزوجة التانية» على وجه التحديد، أجاب على الفور: «أنا أصلاً مأذون، هنتصرّف بورقة زواج مدنى، مش عايز أقول عرفى». وأكمل قائلاً: «لو لاقيت لك حد عربى كويس، على الأقل 50 ألف، ماشى، والزواج هيكون مدنى ورقة معاكى وورقة معاه». قاطعته متسائلة: «هاعرف أنفصل منه من غير ما أتبهدل». إجابته جاءت قاطعة: «الورقة يبلها ويشرب ميتها، مالهاش قيمة»، وأنهى المقابلة: «ربنا يبارك فيكِ، فى رعاية الله». فترة انتظار استمرت لمدة أسبوع، دون أى محاولة اتصال منى، لتأتينى أول مكالمة منه فى مساء اليوم الثامن، لم أجب عليه سوى فى المكالمة الثانية فى صبيحة اليوم التالى، أدركت أننى الطعم والصيد الثمين الذى لن يتخلى عنه، رزق سيحصل عليه دون عناء، مقابل بيعى بمهر كبير، ولم تخالف مكالمته توقعاتى، على العكس تماماً. برّرتُ عدم معاودة الاتصال ليلتها، قائلة: «ماكانش معايا رصيد»، وذلك لتكملة مسلسل احتياجى إلى المال. أكد ضرورة حضورى إلى مكتبه لإجراء أول مقابلة، مع شخص جاء خصيصاً من سلطنة عمان ليقابلنى، وأنه متزوج ويبحث عن زوجة ثانية سراً، قائلاً: «اشترى منه ماتبيعيش»، وأكمل: «مرتب لك مقابلتين كمان». وأضاف متسائلاً: «هو أنا لو لاقيت لك حد معاه شقة، ويدفع لك مهر 50 ألف، بس خدى بالك هاخد 10 آلاف نسبتى». كنت أحاول التفاوض معه للكشف عن كيفية سير تلك الأمور، فأوضحت أن هذا المهر قليل، خاصة أننى لم يسبق لى الزواج من قبل. فأجاب فى محاولة منه لإقناعى: «فيه ناس بتعمل 400 و500 ألف من كده، مش بتتوفق فى الجوازة، وبتتجوز تانى وتالت، مش متاجرة ولا حاجة». بعدها بساعتين تلقيت منه مكالمة هاتفية ثانية، أخبرنى بتوفر عريس جديد، مقاول مصرى عمره 40 سنة، متزوج، يبحث عن زوجة ثانية فى السر، وأكد أكثر من مرة، كونه غنياً. ثم ما لبث أن قال: «أما المفاجأة الكبيرة، أنا شايلها لك، واحد أردنى، رجل أعمال، حد تقيل تقيل، هيجى لك مخصوص بعد 10 أيام، وأنا أعرفه معرفة شخصية». وأوضح أنه يتدرّج معى فى عرض العرسان، وأنه لن يتقيد معى بثلاث مقابلات فقط، ولن يتركنى سوى بعد أن يرسو الاختيار على شخص. وبطريقة التجار قال «خالد»، صاحب المكتب: «خدى بالك ممكن الواحد من دول يبان غنى جداً وتكلميه فى شبكة أو مهر، تلاقيه حد منتن ومقيح، الحل الوحيد أننا نشوف ده وده ونختار، ولازم نقعد مع الشخص ونعجبه». صيدة واحدة لم تكن كافية، بالنسبة ل«خالد» صاحب مكتب الزواج الشرعى، الذى أوضح فى البدء أنه مأذون، والذى أعد استمارة شروطها تتعارض مع اتفاقه الشفهى، الذى قمت بتسجيله صوتياً، كل الاعتبارات التى ادّعاها كذباً تجلت، بمجرد تأكده أننى مغتربة، فقرر أن يفتح لنفسه الرزق الكبير، وأن يتخذ منى طريقاً لاستدراج الفتيات المغتربات. قال صاحب المكتب: «شوفى لى بنات مغتربات من اللى تعرفيهم، بنات دماغهم زى دماغك، وعايزين يعيشوا فى مستوى كويس، البنات دى هتنفعنا جداً، بيجى لى عرب»، ولم يكن أمامى سوى أن أطاوعه فى الرد، فأجبته: «آه أنا أعرف بنات كتير مغتربات، ساكنين معايا، وبنات حلوة وكلمتهم عليك، بس هما مستنيين يشوفوا هتوفقنى إزاى». كان لا بد من إقناع «خالد» صاحب المكتب، بإجراء المقابلة مع العريس، خارج مكتبه، وذلك لسببين، أحدهما يتعلق بالسلامة المهنية، وعدم معرفتى بما ستؤول إليه الأمور مع الرجل الغريب. والسبب الثانى هو اتفاقى مع زميلى المصور الصحفى، ليجلس فى طاولة قريبة منا، ويلتقط لنا الصور. رفض «خالد» صاحب المكتب، رفضاً قاطعاً، وأعلن غضبه من قرارى المفاجئ قبل الموعد بساعات قليلة، ولكنى صمّمت على موقفى وإجراء المقابلة فى مكان عام. وأوضحت أن صديقتى خافت من القدوم معى للمكتب، وأننى قلقة من الجلوس معهما بمفردى فى الشقة، خاصة بالليل، انتهت المفاوضات بموافقته، وذلك بعد تهديدى له أننى لن أحضر أى مقابلات على الإطلاق، وأن بإمكانه اعتبار ال200 جنيه رسوم الاشتراك التى دفعتها هدية منى له. بالفعل وافق «خالد»، وجاء الموعد المحدّد فى الساعة السابعة والنصف، فى نادى المعلمين بالمعادى، التقيت الثرى القادم من سلطنة عمان، بحثاً عن عروس، تعلو جبينه علامتان للصلاة، ينهى كل عبارة بحديث شريف، يبرّر لنفسه كل شىء، برّر فشل زواجه الأول بأن زوجته لا توفيه حقوقه الزوجية كما يرغب، وبرر عدم قدرته على تطليق زوجته برفض والده، وبرر طلب زواجه منى سراً، وطالبنى بارتداء الحجاب، والاحتشام فى اللبس وعدم التحدّث مع الغرباء، لأنه غيور جداً، على حد قوله. الوسيط كان يتركنا نتحدث سوياً، لدقائق معدودات، يجلس على طاولة مجاورة، ثم يعاود جلوسه معنا مسرعاً، خوفاً من أن نتبادل أرقام الهواتف والتواصل دون علمه. بعد الانتهاء من الحديث مع العريس العمانى، جرى حديثى مع الوسيط، صاحب المكتب، بمفردنا، أخبرنى أن اللقاء الأهم هو لقاء اليوم التالى، مع العريس الثانى، وأصر أن يكون اللقاء فى مكتبه وليس فى مكان عام، وأن أتصرف بثقة أكبر من ذلك، قائلاً: «أنتِ مقفلة كده ليه، البنات كانت بتيجى لى المكتب لابسة قصير وقاعدة حاطة رجل على رجل»، وأكمل مستنكراً: «أمال لما ييجى واحد عربى وأقول لك امضى على عقد الجواز العرفى، هتعيطى؟». كاد ينكشف أمرى مرتين، المرة الأولى: عندما جلس أتباع لصاحب المكتب فى طاولة مجاورة لزميلى المصور، ليعرفوا هل وجودهم مقصود أم لا، والمرة الثانية: عندما انتهى اللقاء، ووقف صاحب المكتب قليلاً أمام بوابة النادى، ليتأكد من مغادرتى المكان بمفردى. لم يتوقف هاتفى عن استقبال الاتصالات المتتالية من صاحب المكتب طوال الليل، والتى تجاوزت العشرين مكالمة، حتى اضطررت إلى غلق الهاتف، برر «خالد» هذا «الزن المتواصل»، على حد قوله، فى صبيحة اليوم التالى، أن: «الراجل مستعجل وعايز يعرف ردك، وماتتفقيش مع حد من اللى هخليكى تقابليهم، فى أمور مادية، أنا اللى هتفق لك». استعددت للقاء الثانى، مرتدية حذاءً جلدياً عالى الكعب، ومصففة شعرى بطريقة لائقة، خبّأت كاميرا خفية فى ملابسى، رافقنى زميلى المصور زاعماً أنه زوج صديقتى، وقام بتسجيل اللقاء صوتاً وصورة بكاميرا خفية، وصلنا مكتب الزواج قبل وصول الرجل الأردنى، تحفّظ صاحب المكتب بمجرد ما رأى زميلى. وأوضحت له أنه زوج صديقتى ويعرف كل شىء. هدأ صاحب المكتب وبدأ يتكلم بثقة قائلاً: «الكلام ده المفروض ما أقلهوش، بس الراجل الأردنى اللى جاى ده أنا جوّزته قبل كده، حط ال50 ألف على الترابيزة من غير ولا كلمة». وبالفعل وصل «محمد» الأردنى، ومعه حقيبة سفر كبيرة، موضحاً أنه يقضى فى القاهرة بضع ساعات، قبل استقلاله الطائرة مرة أخرى، وبمجرد ما تركنا الوسيط صاحب المكتب كى نتحدث سوياً، قام الأردنى، وأعطانى ورقة، بدون ولا كلمة، مشيراً لى بأن أخبّئها، فوضعتها فى جيبى، وبدأنا الحديث. الأردنى أوضح أنه مهندس كبير فى شركة بترول شهيرة، وأنه متزوج ولديه أولاد، وأكد «خالد» صاحب المكتب، أن الزواج سيكون مدنياً، وأنه من سيوفر لنا شقة مفروشة نؤجرها مدة 6 شهور، وأوضح الرجل الأردنى، أننى سأسافر له الأردن من وقت إلى آخر حتى لا تشك زوجته فى سفره المتواصل، ولأن أمن المطار يستوقفه كثيراً، ويشكون فيه بسبب كثرة سفره ودخوله البلاد طوال الوقت. قال صاحب المكتب، بطريقة واضحة: «هى مش طمّاعة، عايزة مهر 50 ألف، وخد بالك دى بنت، وأنا فهمتها أنها هتعيش معاك مبسوطة». غادرت المكتب، ومعى الورقة التى أعطانى إياها الأردنى سراً، فتحتها لأجد رقم موبايل داخلياً، ورقماً آخر أردنياً، اتصلت بالرقم الداخلى، فجاءنى صوت العريس ليؤكد لى أن صاحب المكتب أخذ منه 500 دولار ثمناً لهذا اللقاء الذى رآنى فيه، وأكد أنه أصبح يشعر بالضيق من استغلال صاحب المكتب له، واصفاً إياه ب«البلاعة اللى مابتشبعش»، وأنه طلب منه موبايل وأشياءً كثيرة. حكى لى العريس أن صاحب المكتب قام بتزويجه مرة سابقة لسيدة «حالتها تعبانة»، على حد وصفه، حاولت أن أفهم منه مدة الزواج المتوقّعة بيننا، وهل هى محددة أم لا. فأجاب «أنا عايز أتبسط، الحياة قصيرة، لو ارتحت معاكى هخليكى»، وأكمل بثقة: «واعتبرى الفلوس اللى كان هياخدها (خالد)، هدية منى ليكى». وقال الأردنى: «أنا اتصلت ب(خالد) وحكيت له إنى مش عايزك، علشان مايحسش إننا هنتمم الموضوع من وراه، وأن الرفض من عندى». حاول أن يحدّد معى موعداً، ليأتى لمقابلتى فى القاهرة، ولكى نكمل باقى التفاصيل، موضحاً أن أى شخص بإمكانه كتابة العقد المدنى، وليس هناك داعٍ لدفع آلاف الجنيهات ل«خالد»، صاحب المكتب. إلى هنا قررت أن أوقف جميع المكالمات والمقابلات، فمن جهة، لم يعد بإمكانى الخوض فى الموضوع أكثر من ذلك، أو أقدم على توريط نفسى فى زيجة عرفية، ومن جهة أخرى، اكتملت أمامى جميع خيوط اللعبة، سمسرة وبيع الفتيات لرجال عرب، تجارة رقيق أبيض، تعود بنا عصوراً إلى الوراء، أمامكم جميع التفاصيل نضعها بين أياديكم، ربما يتحرك من يهمه الأمر، أو من بيده حق اتخاذ القرار.