تأخرنا كثيراً فى إجراء الانتخابات البرلمانية، رغم أن الدستور ينص على أن تجرى الانتخابات خلال مدة ستة شهور من الموافقة على الدستور وإجراء الانتخابات الرئاسية، ورغم مرور سنة تقريباً فلا تزال أصوات تطالب بمزيد من الوقت بحجة التأكد من دستورية القوانين المنظمة للعملية الانتخابية، وهى ثلاثة قوانين: مباشرة الحقوق السياسية، والبرلمان، وتقسيم الدوائر الانتخابية، ذلك بسبب صدور حكمين من المحكمة الدستورية، الأول بعدم دستورية قانون تقسيم الدوائر، والثانى بعدم دستورية منع مزدوجى الجنسية من الترشح للبرلمان، فهل فعلاً هناك إمكانية أن نتأكد من عدم دستورية تلك القوانين، وما الوقت الكافى لذلك؟ هل شهر كافٍ لتعديل القانون وإجراء الانتخابات بعدها، كما طلب الرئيس. هل ستة شهور أم أكثر من ذلك؟ ما لا يمكن فهمه هو من يعتقد أن لا أهمية للبرلمان، أو أن البرلمان خطر على الاستقرار، أو عامل تعطيل وعرقلة للرئيس، وتحت زعم اتركوا الرئيس يعمل، وهنا يتم تخيل سيناريوهات الصدام بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، رغم أن الدستور نظم العلاقة مع البرلمان وأصبح شريكاً فى تشكيل الحكومة التى تشارك الرئيس فى وضع السياسة العامة للدولة فى ذات الوقت، حيث إن البرلمان يقوم بوظيفته التشريعية والرقابية على أداء الحكومة. البرلمان هو الاستحقاق الثالث لخارطة الطريق، وهو السلطة التشريعية، وهناك ضرورة للقيام بالدور التشريعى لإصدار القوانين الهامة التى تترجم مواد الدستور، فلا يمكن الاستمرار فى إصدار القوانين استناداً إلى السلطة الاستثنائية التى مُنحت للرئيس لإصدار القوانين، أو استمرار اجتماع السلطتين التنفيذية والتشريعية فى يد واحدة فضلاً عن الرقابة على أداء الحكومة ومحاسبتها. الأسباب التى يسوقها فريق تأجيل الانتخابات غير مقتنعة بالمرة، فلا يمكن إصدار تشريع، ونحن متأكدون مائة بالمائة أنه لا يمكن الطعن عليه بعدم الدستورية، أو أن يكون محصناً من عدم الدستورية لأن الرقابة اللاحقة مهمتها فحص القانون بعد أن يطبق بالفعل وتظهر عيوبه من خلال الممارسة والتطبيق، وقد يتغير رأى المحكمة من حالة لحالة، فعدم دستورية ترشح مزدوجى الجنسية ما كان يمكن توقع صدوره لا سيما وأن لدينا حكماً من المحكمة الإدارية العليا بأن ازدواج الجنسية يعنى ازدواج الولاء، وهو غير مقبول فى عضو البرلمان، وخرج أحد أعضاء المجلس لازدواج جنسيته فى برلمان عام 2000، كما أن هناك حكماً للمحكمة الدستورية ذاتها صدر فى 14 أكتوبر عام 2012 بتشكيل ضم أغلب السادة مستشارى المحكمة الحاليين بدستورية منع عضو السلك الدبلوماسى من الزواج بغير مصرى الجنسية، وهى أسباب تنطبق على منع عضو مجلس الشعب من ازدواج جنسيته لاعتبارات تتعلق بالأمن القومى، فضلاً عن إشكالية أخرى، وهى تناقض السماح لمزدوجى الجنسية بعضوية البرلمان وإمكانية تولى رئاسة البرلمان للمزدوج الجنسية وما يستتبع ذلك من إمكانية تولى رئاسة الجمهورية مؤقتاً فى حالة خلو المنصب الرئاسى رغم النص الواضح بحظر ازدواج الجنسية لرئيس الجمهورية. فى الحقيقة التعجيل بانتخاب البرلمان ضرورة قصوى، ويجب الالتزام بنص أحكام المحكمة الدستورية فى شأن تقسيم الدوائر الانتخابية والمعايير التى تبنتها، وهو أمر يسير لن يأخذ وقتاً طويلاً من اللجنة المعنية بالتعديل، أما ازدواج الجنسية فيجب النص على قبول أوراق مزدوج الجنسية الحاصل على تصريح بازدواج الجنسية بقرار من وزير الداخلية، لا سيما أن قانون الجنسية لا يمنح للمتجنس بجنسية مصرى حق الترشح إلا بعد عشر سنوات، فيتقيد حق الترشيح للمتجنس بجنسية أجنبية بضرورة الحصول على موافقة وزارة الداخلية بالاحتفاظ بالجنسية المصرية وهو يتفق مع صحيح القانون.