"برج مغيزل، السكري، الجزيرة الخضراء، معدية رشيد، خان الجني، أبوخشبة، الهردا،..".. أسماء لقرى بمركز مطوبس، شمال الجمهورية ومحافظة كفرالشيخ، لا يخلو بيت فيها من قتيل أو مخطوف أو محتجز، فدموع الأهالي لم تكد تجف حتى يصحوا على فاجعة، قد تكن أكبر من سابقتها، إما لصياد مخطوف أو مقتول، غامر بحياته بحثًا عن رزق يسد به رمق بطون وأفواه أعياها الجوع، فضلًا عن الأمراض والمشكلات الحياتية الأخرى. يضطر معظم أبناء تلك القرى المنكوبة، للعمل في عمليات الصيد في البحر المتوسط، يجرفهم التيار والفضول للبحث عن رزق أوفر وأفضل، بعد أن ضاقت بهم سواحلهم المصرية؛ بسبب عمليات الصيد الجائر للزريعة، فيقذفهم فضولهم لمياه إقليمية لدول عربية أو أوروبية، علهم يفوزون بالرزق لأبنائهم. بعض الرحلات قد تستغرق شهرا، ليعود بعدها الصياد برزق، بعد مواجهة الصعاب ومصارعة العواصف والأمواج، والكثير يقع في أيدي سلطات بعض الدول، مثل تونس وليبيا أو اليمن، وتوجه لهم السلطات تهما عدة، منها الصيد في مياه إقليمية محرمة بدون تصريح، قد يفرج عنهم بعد شهر أو أكثر، ليعودوا لذويهم صفر اليدين، ومنهم من لم يعد بعد أن تطلق عليه سلطات تلك البلاد نيرانها فترديه قتيلا، فتُرمل زوجته أو تيتم أبنائه، وهو حال عشرات الأسر. منهم من يتعرض للخطف كما حدث أمس، حسبما صرح أحمد نصار، نقيب الصيادين في كفرالشيخ، أن 21 صيادا من محافظة كفرالشيخ معظمهم من قرية برج مغيزل، تعرضوا للاختطاف علي أيدي جماعه "فجر ليبيا"، في مدينة مصراته في ليبيا، وأصبح مصيرهم مجهولًا وقد يتعرضون للقتل، ما أصاب ذويهم في تلك القرى بحالة من الحزن الشديد على مصير أبنائهم. أضاف نصار، أن الصيادين المخطفين منهم "محمد مصطفى الشاذلي، سعد أحمد إبراهيم المغربي، محمد عبداللطيف محمد أبورزق، علي السمار، زايد محمد مرعي، حسن محمد مرعي، علي حمدي علي رطب، حسنين عبدالفتاح الغرباوي، صبري محمد القاضي، محمد القاضي، علي مرجان القاضي، صبري سعد القاضي، محمد محمود أحمد محمود، محمد صبحي داود، أحمد جابر فراج". وتابع، أن نقابة الصيادين طالبت الخارجية بسرعة التدخل لعودة الصيادين رحمة بأبنائهم وعائلاتهم، مؤكدا أن الدكتور أسامة حمدي محافظ كفرالشيخ، أمر بتشكيل غرفة عمليات لمتابعة حالة الصيادين المختطفين وأسرهم. وقال غالي شحاتة، أمين جمعية رعاية الصيادين في قرية برج مغيزل، أن هناك حالة من التكتم على أهالي بعض الصيادين المختطفين رحمة بهم، وخوفا على صحة الآباء والأمهات بخاصة كبار السن، في ظل أنباء عن قتل 22 من الإخوة المسيحيين في ليبيا، مشيرا إلى وجود أكثر من 1000 من أبناء تلك القرى غائبين عن ذويهم، ولا يعلمون مصيرهم، ومنهم شقيقي الذي لا أعلم مصيره منذ عام، إلا أنه محتجزا في إيطاليا. فيما قال صبحي داوود، والد الصياد المخطوف "محمد" (22 عاما) متزوج"، إن ابنه غائب منذ 3 أشهر ولا يعلم عنه شيئا، وكان محتجزا في ميناء زوارة، ثم نقلوهم إلى إحدى المدارس مع الكثير من المصريين، واختطفوا داخل السيارة التي كانت تقلهم، بعد الإفراج عنهم، وهم الآن في مصراتة، مشيرا إلى أن آخر مكالمة معه طالبوا الخارجية المصرية، بإرسال من يتسلمهم، وأخبروهم أنهم ليسوا مخطوفين، مؤكدا أن الخاطفين أفرجوا عن 4 منهم. وأضاف الأب الطاعن في السن، "لا نملك من حطام الدنيا شيء، وليس لنا إلا الله، وأنا مريض بالفشل الكلوي، وأضطر للذهاب لمدينة رشيد المجاورة لمحافظة البحيرة 3 أيام في الأسبوع للغسيل". أما حمدية أحمد داوود، والدة "محمد"، فقالت "لم أرى ابني منذ 4 أشهر، ولا أجد من ينفق علي بعد غيابه، كما أنني مريضة بالضغط والسكر"، وأكدت أن "ماجدة عبدالرحيم الأزلي" زوجة ابنها، ذهبت أمس لوزارة الخارجية، رغم علمها بأنها مريضة وما زالت في القاهرة، لتقديم البلاغات لإعادة زوجها.