النظام الانتخابى المصرى يقوم بالأساس على النظام الفردى. 80٪ من عضوية البرلمان المقبل تأتى من الدوائر الفردية التى يبلغ عدد المقاعد بها 420 مقعداً، بينما باقى المقاعد خصصت للفئات الست التى حظيت بميزة نسبية بموجب نصوص الدستور (المرأة والشباب والأقباط والمصريين فى الخارج والمعاقين والعمال والفلاحين)، لذلك أخذ المشرع بالقائمة المطلقة لضمان تمثيل هؤلاء، وهى القضية التى اختلف عليها الكثير من القوى السياسية بينما رأى البعض أن تتسع القائمة إلى نسبة أكبر ورأى البعض الآخر استبدال القائمة بالتزام محدد على الأحزاب بترتيب القائمة وأن نأخذ بنظام القائمة النسبية، إلا أن المشرع انتهى إلى الأخذ فى النهاية بالقائمة المطلقة. ومنذ تشكيل اللجنة العليا للانتخابات وإعلان البدء فى الإجراءات بدأ الحديث عن تكوين قوائم والبعض تبنى قائمة قومية موحدة وهى التى أعلن عنها الدكتور الجنزورى إلا أنه فى النهاية لم يتم قبول هذا الدور من قبل الأحزاب السياسية، فى الوقت ذاته كانت هناك تجربة أخرى لقائمة الدكتور عبدالجليل مصطفى التى ضمت قوى مدنية، ورغم بدء إجراءات التقدم للانتخابات لم تنتهِ القوائم بعد من إعداد قوائمها والتقدم بها حتى الآن. رغم توقع أن القوائم كانت هى الأسهل لا سيما أن مؤسسات المجتمع المدنى ساهمت فى توفير المرشحين التى يجب أن تتضمنهم القوائم مثل مجالس المرأة والمعاقين ونقابات العمال ووزارة الشباب إلا أن التعثر لا يزال هو العنوان. السؤال: هل فعلاً هناك أمل فى عمل قائمة قومية موحدة تلتزم بها أغلب الأحزاب والقوى السياسية أو على الأقل أن تتنافس قائمتان قويتان؟ أعتقد أن الأيام المتبقية لتقديم الأوراق لا تحتمل الكثير من الانتظار والمراوحة فى المكان، هناك بعض القوائم أعلنت أسماء بعض الشخصيات وما زالت تستكمل بقية الأسماء وحزب الوفد بدأ أيضاً فى تشكيل قائمة انتخابية، وكانت النقابات المهنية أيضاً لديها قائمة بأسماء مرشحين مما يعنى أن حالة العجز عن تشكيل قائمتين لخوض الانتخابات على الأقل غير مبررة وغير مفهومة، فى الوقت الذى يمكن أن نتوقع فيه وجود قائمة كاملة وجاهزة لحزب النور الذى يعمل ويبذل جهوداً كبيرة فى الانتخابات دون ضجة كبيرة مما يعنى أنه إن لم يتم بلورة قائمة أو قائمتين للتنافس نكون قد تركنا 120 مقعداً فى البرلمان المقبل للقائمة الجاهزة والمرتبة لحزب النور. أزمة القوائم الانتخابية فى الحقيقة تعكس أزمة حقيقية داخل الأحزاب السياسية وقدرتها على العمل المنظم المخطط المرتبط بإطار زمنى، فقد كان على الأحزاب أن تقوم بتحضير قوائمها الاحتياطية لا أن تتقدم بمجموعة من الأسماء لإدخالها فى قائمة الدكتور عبدالجليل مصطفى وصحوة مصر أو الدكتور الجنزورى والقائمة القومية ثم التفاوض بعد ذلك. لكن يبدو أن هناك أيضاً أزمة فى المرشحين من الأحزاب السياسية على «الفردى»، فالمتقدمون حتى اليوم الثالث بلغ عددهم أكثر من 4 آلاف مرشح أغلبهم مستقلون غير حزبيين، فالأصل فى الحياة السياسية هو وجود أحزاب سياسية تشكل الحكومة وتعطيها الثقة أو تحجبها عنها.. البرلمان المقبل أهميته كبيرة؛ لذلك يجب الاهتمام بنوعية المرشحين وقدرتهم على المساهمة فى عملية التشريع والرقابة على أداء الحكومة، الحقيقة أن الانتخابات البرلمانية كانت تتطلب جاهزية أكبر من الأحزاب السياسية فى تحضير القوائم والمرشحين بدلاً من الانتظار حتى اللحظة الأخيرة أو التهديد بالانسحاب من الانتخابات تحت أى ذريعة فكان واجباً على الأحزاب أن تعطى إشارة الثقة فى البرلمان المقبل بدلاً من ضرب الأخماس فى الأسداس.