مجمع مصانع الكوارتز في العين السخنة.. مصر تحول الصخر ل«الذهب الأبيض»

انتهى جهاز مشروعات الخدمة الوطنية للقوات المسلحة، ممثلاً في الشركة المصرية للتعدين وإدارة واستغلال المحاجر والملاحات، من إنشاء مجمع صناعي ضخم لإنتاج خام الكوارتز، المعروف باسم «الذهب الأبيض»، من جبال البحر الأحمر، وذلك في ضوء توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة، بتعظيم الاستفادة من الخامات التعدينية ومنها خام «الكوارتز».
مجمع مصانع الكوارتز في العين السخنة
وأجرت «الوطن» جولة ميدانية للمشروع، الذي يوجد في منطقة العين السخنة، وسط جبالها، والذي حرصت الدولة على إنشاء طريق داعم للمحاجر العاملة في تلك المنطقة، حرصاً منها على دعم النشاط التعديني، كما حرصت الدولة على تنفيذه كمشروع متكامل هو الأول من نوعه في مصر والدول العربية والأفريقية، ويُصنف باعتباره المشروع الأول عالمياً من حيث تكامل العملية الإنتاجية، وذلك بعدما كان يُصدر «الكوارتز» للخارج ب«مبالغ زهيدة»، ثم يتم استيراده بأضعاف ثمن المادة الخام بعد العمليات التصنيعية عليه.
وحسب «الثروة المعدنية» فإن تركيز خام «الكوارتز» في مصر يُعتبر من أعلى معدلات التركيز عالمياً؛ حيث تصل درجة النقاوة إلى 99% في منجم بمنطقة مرسى علم في جبال البحر الأحمر، والتي يتم استغلالها في المشروع.
وتضم منطقة «مروة السويقات»، التي تحوي «منجم مرسى علم»، 3.5 مليون طن من أجود خامات الكوارتز في العالم، التي ستستغلها «الخدمة الوطنية» في هذا المشروع.
صناعات يدخل فيها خام الكوارتز
وتوضح تقارير «الثروة المعدنية» أيضاً أن «الكوارتز» يدخل في تصنيع الخلايا الشمسية الضوئية، واللوحات الإلكترونية، وشرائح الكمبيوتر، والعربات، والأجهزة الإلكترونية الدقيقة، والحديد والصلب، وألواح الكوارتز، التي يركز عليها «مجمع المصانع» في العين السخنة.
لدى توجهك إلى مدينة العين السخنة، ستجد طريقاً داعماً أنشئ خصيصاً لخدمة المناجم الموجودة في تلك المنطقة، وعلى ضفافه، ووسط جبال «العين السخنة» تجد صرحاً صناعياً ضخماً، منشأ على مساحة 300 ألف متر مربع، تضم كافة مراحل العملية الإنتاجية ل«ألواح الكوارتز» عقب استخراجه من «مرسى علم».
ويضم «مجمع العين السخنة» 4 مصانع، تستقبل خام الكوارتز بعد تكسيرها بشكل أولى في مرسى علم إلى أحجام صغيرة تتراوح من 3 إلى 5 سنتيمترات، ثم يستقبلها مصنع التكسير الرئيسي في «مجمع العين السخنة»، الذي يكسر الخام إلى حبيبات صغيرة بمقاسات من 3 إلى 4 ملليمتر، وذلك بعد إجراء عمليات الفصل الضوئي والغسيل لها.
ويمر خام الكوارتز أيضاً على مصنعين لطحن الخام، لتصل إلى حبيبات بالغة الدقة، طبقاً للمواصفات المطلوبة لإدخال جزء منها لإنتاج ألواح الكوارتز، كما يوجد مصنع لإنتاج ألواح الكوارتز نفسها.
ويوضح مسئولو الشركة المصرية للتعدين وإدارة واستغلال المحاجر والملاحات، على هامش جولة «الوطن» في المشروع، أن مجمع «العين السخنة»، هو الأول من نوعه بمصر والدول العربية والأفريقية، ويعتبر نموذجاً متكاملاً لتكامل العملية الإنتاجية بجميع مراحلها، بداية من استخراج خام الكوارتز، وتكسيره ثم طحنه إلى حبيبات بأحجام ومواصفات معينة، وإدخال جزء من الناتج في صناعة ألواح الكوارتز، مع طرح الفائض للتصدير أو إدخاله في صناعات أخرى.
مميزات الكوارتز
وحسب تقارير الهيئة العامة للثروة المعدنية، يتميز «الكوارتز» بأنه مضاد للبكتيريا والفيروسات والميكروبات، وجميع أنواع التلوث الهوائي، والأحماض، ومقاوم لدرجات الحرارة العالية، ومضاد للحرائق، كما أنها أكثر صلابة من «الجرانيت».
ويقول مسئولو «المصرية للتعدين» إن مشروع «مجمع العين السخنة» يهدف إلى استغلال الخامات الطبيعية المتوفرة في مصر، بما يسهم في تعظيم القيمة المضافة لخام الكوارتز، وزيادة الدخل القومي للدولة، والمساهمة في خطة التنمية الصناعية الشاملة للدولة.
ويهدف المشروع أيضاً إلى تلبية احتياجات السوق المحلية من ألواح الكوارتز اللازمة لتجهيز المستشفيات والفنادق وغيرها، بدلاً من استيرادها من الخارج، بما يوفر العملة الصعبة للدولة.
واستغرق تنفيذ مشروع «العين السخنة» قرابة العام ونصف العام، في حين أن مشروعات إنشاء مثل تلك المشروعات تستغرق من عامين إلى 3 أعوام، وذلك في إطار حرص جهاز مشروعات الخدمة الوطنية للقوات المسلحة على إنجاز المشروعات التي تحقق قيمة مضافة للاقتصاد الوطني للدولة.
الشركة المصرية للتعدين وإدارة واستغلال المحاجر والملاحات
كان الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة، قد أصدر توجيهاته بإعادة هيكلة قطاع التعدين في «الخدمة الوطنية»، ليُصدر الفريق أول محمد زكى، القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي، قراره رقم 83 لسنة 2020، بإنشاء الشركة المصرية للتعدين وإدارة واستغلال المحاجر والملاحات، كشركة تابعة لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية، ليكون مقرها الرئيسي في القاهرة، مع جواز إنشاء فروع ومكاتب لها بالمحافظات.
كما صدَّق الرئيس عبدالفتاح السيسي، على قرار جمهوري بصدور القانون رقم 193 لسنة 2020، بالترخيص لوزارات «البترول والثروة المعدنية، والتنمية المحلية، والإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية» في التعاقد مع «الشركة المصرية للتعدين» لاستغلال المحاجر والملاحات التي تقع في دائرة اختصاص كل من المحافظات وهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة في مصر، وذلك طبقاً لاتفاقية الالتزام الموقعة بين الحكومة المصرية ممثلة في الوزارات السابقة و«الشركة»، والتي تمنح «المصرية للتعدين» التزاماً مقصوراً بإدارة واستغلال المحاجر والملاحات على مستوى الجمهورية بما فيها شبه جزيرة سيناء.
وتتعاون «الشركة» مع الجهات المعنية والعلمية والبحثية لتنظيم عمليات البحث واستغلال خامات المناجم والمحاجر والملاحات، والعمل على رقابة كل ما يتعلق بها.
الشباك الواحد في استغلال الملاحات والمحاجر
وتعمل «المصرية للتعدين» مع المستثمرين والقطاع الخاص والراغبين في استغلال المحاجر والملاحات على مستوى الجمهورية، وفق منظومة «الشباك الواحد»، مع العمل على الإشراف الفني على عمليات استخراج الخامات التعدينية.
كما تعمل الشركة على تبادل الخبرات، وتطوير الأداء في مجال التعدين بما يُسهم في تعظيم القيمة المضافة للثروة التعدينية بكل أراضي الجمهورية، وتلبية احتياجات السوق المحلية من الخامات التعدينية والمحجرية لصالح المشروعات القومية، بما يدعم الاقتصاد الوطني للبلاد، ويعمل على توفير فرص عمل مباشرة وغير مباشرة.
ويقول مسئولو «المصرية للتعدين»، على هامش جولة «الوطن» الميدانية، إن المشروع سيوفر قرابة 600 فرصة عمل مباشرة من العاملين المدنيين بالكامل، و2000 فرصة عمل غير مباشرة، لافتين إلى التنسيق مع الجامعات المصرية المختلفة، وانتقاء كوادر مميزة من خريجي كليات الهندسة والعلوم، بما يدعم تنفيذ المشروع على أعلى مستويات الجودة العالمية.
ويلفت المسئولون إلى أن المجمع سيعمل على تنفيذ الأنشطة التصنيعية للخامات التعدينية بمراحلها المختلفة، ومنها خام الكوارتز، بهدف تعظيم العائد منه، وتحقيق قيمة مضافة للاقتصاد الوطني، والحفاظ على الثروات التعدينية للدولة.
ويعمل المشروع على إنتاج ألواح الكوارتز، مع طرح الفائض من إنتاج خام الكوارتز المطحون، وألواح الكوارتز للبيع في السوق الخارجية، عقب تلبية الاحتياجات المحلية منها.
توجيهات رئاسية
وأصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي توجيهاته بتعظيم الاستفادة من الثروات المعدنية الموجودة، مع العمل على عدم تصديرها كمادة خام كلما أمكن ذلك.
وسبق أن نجحت الدولة المصرية في تعظيم القيمة المضافة من خام الفوسفات بدلاً من تصديره للخارج في صورته الأولية، بما حقق نتائج اقتصادية مُبهرة؛ حيث وصلت قيمة طن الأسمدة الفوسفاتية إلى ما يُقارب 700 دولار، بدلاً من تصديره كمادة خام بمبالغ زهيدة.
ويشدد مسئولو «المصرية للتعدين» على اهتمامهم للغاية بمجال البيئة؛ حيث تم اتخاذ جميع الإجراءات التي تضمن الحفاظ على البيئة، بداية من استخدام مصادر للطاقة النظيفة؛ حيث تم الاعتماد على الطاقة الكهربائية لتشغيل جميع المعدات وخطوط الإنتاج، باستثناء الغلايات، التي يتم تشغيلها بالاعتماد على الغاز الطبيعي.
ويشيرون إلى إنشاء محطة تحلية مياه بطاقة قدرها 300 متر مكعب يومياً، بخلاف محطات إعادة تدوير المياه، والتي تستخدم بخطوط الإنتاج لتقليل الهدر منها، باعتبارها من الثروات الطبيعية، وذلك بسعة إجمالية قدرها 556 متراً مكعباً.
كما أظهرت جولة «الوطن» في المشروع، الاهتمام بالمساحات الخضراء وزراعة الأشجار المثمرة للحفاظ على البينة، ونجح المصنع أيضاً في الحصول على شهادة الأيزو رقم (14001/ 2015) في مجال المحافظة على البيئة.
أما في مجال «الجودة»؛ فقد تمت مراعاة اتباع أحدث النظم العلمية لاختبار ومراقبة الجودة أثناء عمليات التصنيع وما بعدها، بالاعتماد على عدد من المعامل المتخصصة التي تم إنشاؤها وتزويدها بأحدث الأجهزة المعملية، وتضم أكفأ المهندسين والكيميائيين المتخصصين في هذا المجال مما مكن المجمع للحصول على شهادة الأيزو 9001.
كما تم تطبيق أحدث المعايير في مجال الصحة والسلامة المهنية مما أهّل المصنع للحصول على شهادة الأيزو 45001، وذلك بخلاف إنشاء شبكة إطفاء ومكافحة حريق، وتنفيذ آلية لتأمين مجمع مصانع إنتاج الكوارتز، وتم اعتمادها بنجاح من جهات الحماية المدنية.
وعن تفاصيل مجمع إنتاج الكوارتز، يلفت المسئولون إلى أن المشروع يتكون من 5 مصانع، أولها مصنع التكسير الأولى الموجود في منطقة «مروة السويقات» في مرسى علم، والذي تبلغ طاقته الإنتاجية 140 ألف طن كوارتز في العام عبر العمل بورديتين.
أما المصنع الثاني فهو للتكسير الرئيسي للكوارتز في منطقة العين السخنة، والذي تبلغ طاقته الإنتاجية 140 ألف طن في العام، عبر العمل من خلال ورديتين، كما يوجد مصنعان لطحن خام الكوارتز بالعين السخنة أيضاً، بطاقة 140 ألف طن في العام عبر العمل من ورديتين، وأخيراً مصنع لإنتاج ألواح الكوارتز، الذي تبلغ طاقته الإنتاجية 438 ألف متر مربع من الكوارتز في العام عبر العمل من خلال ورديتين.