رئيس جامعة المنيا يُواصل جولاته التفقدية لامتحانات كليات التمريض ودار العلوم والتربية    وزير الزراعة يستقبل رئيس هيئة السلامة الغذائية الإماراتي    ميناء دمياط البحري يستقبل نحو 43 ألف طن بضائع عامة خلال 24 ساعة    لسد الفجوة من الدقيق.. مصر تنجح في زراعة نبات الكاسافا بالوادي الجديد    3 وزراء يوقعون عقود تنفيذ مصنع تدوير المخلفات الصلبة البلدية بالجيزة    مصر تنضم رسميًا إلى "بريكس" شراكة أكاديمية جديدة من أجل الابتكار والتنمية    الخط الثالث للمترو يعلن تقليل أوقات انتظار القطارات حتى عيد الأضحى    إصابة فلسطيني برصاص إسرائيلي عقب اقتحام جنين ومخيمها    القناة 12 الإسرائيلية: مسؤولو "الموساد" يحذّرون من أن إيران تروّج لهجمات إرهابية في أوروبا    بوليتيكو: ألمانيا تعتزم السماح لأوكرانيا بضرب روسيا بالأسلحة الغربية    «حزب الغد»: خطاب الرئيس في الصين ركّز على قضايا أساسية ومنها الأمن المائي لمصر    القصة الكاملة لأزمة حسين الشحات والشيبي.. حبس لاعب الأهلي عامًا مع إيقاف التنفيذ وتعويض 100 ألف جنيه.. والاعتداء على نجم بيراميدز السبب    حبس حسين الشحات سنة في قضية صفع المغربي محمد الشيبي    مصرع شاب في الدقهلية سقط عليه ونش مواد بناء    «الأمن» يبحث عن مواطن سعودي اختفى في ظروف غامضة بالتجمع الخامس    الشهادة الإعدادية 2024| اعتماد نتيجة نهاية العام بالقاهرة.. و470 طالبا بقائمة الأوائل    استفسارات المواطنين حول موعد عيد الأضحى المبارك 2024 وإجازات العمل    انطلاق الدورة الثامنة من مهرجان منصات للأفلام في سينما زاوية اليوم    رئيس جامعة القاهرة يهنئ حاكم الشارقة لفوزه بجائزة النيل للمبدعين العرب    فيلم بنقدر ظروفك يحقق أقل إيراد يومي.. هل خسر أحمد الفيشاوي جماهيره؟    «التضامن» توجّه فريق التدخل السريع بنقل مسنة مريضة إلى دور رعاية في القاهرة    بيت الزكاة: 500 جنيه منحة عيد الأضحى للأسر الأولى بالرعاية السبت المقبل    شروط الأضحية من البقر والجاموس.. اعرف الوقت المحدد للذبح    هيئة الرعاية الصحية توافق على تدشين منظومة لمتابعة الفحص الطبى الدورى للعاملين    «الصحة»: تقديم 4 آلاف و548 خدمة طبية مجانية فى مجال طب نفس المسنين    وضع حجر أساس إنشاء مبنى جديد لهيئة قضايا الدولة ببنها    البنك الأهلي المصري يطلق خدمة استقبال الحوالات الإلكترونية لحظيًا    تسجيل أول مرشح في قائمة الانتخابات الرئاسية الإيرانية    بيبو: سنفتح ملف تجديد معلول بعد الإجازة.. وتم اتخاذ قرار على تصرف تاو    فاولر: هبط مستوى صلاح بعد أمم أفريقيا.. وحزين لكسره رقمي القياسي    قرار قضائي ضد سفاح التجمع ونجله بالتحفظ على أموالهما.. تفاصيل    فرق الدفاع المدنى الفلسطينى تكافح للسيطرة على حريق كبير فى البيرة بالضفة الغربية    الحبس عام لنجم مسلسل «حضرة المتهم أبيّ» بتهمة تعاطي المخدرات    من حقك تعرف.. إهمالك لأولادك جريمة.. ما هى عقوبتها؟    الهيئة القومية لضمان جودة التعليم تعلن اعتماد برنامجين بالهندسة الإلكترونية بالمنوفية    وزير الري يتابع ترتيبات عقد أسبوع القاهرة السابع للمياه وأسبوع المياه الإفريقي    الشامي : موقف رمضان صبحي صعب بسبب المنشطات    ل برج السرطان والحوت والجوزاء.. احذر تقع ضحية للعلاقات العاطفية السامة (توكسيك)    رئيس الأعلى للإعلام: القاهرة الإخبارية صوت مصر ينقل رسالتها للعالم    قبل «هنادي وأحمد صالح».. شائعات الانفصال تواجه ثنائيات الوسط الفني    وضع حجر أساس إنشاء مبنى جديد لهيئة قضايا الدولة ببنها    «التضامن»: طفرة غير مسبوقة في دعم ورعاية ذوي الإعاقة نتيجة للإرادة السياسية الداعمة (تفاصيل)    ما حكم صيام العشر الأوائل من شهر ذى الحجة؟ دار الافتاء تجيب    سائلة: زمايلي بيصلوا بطريقة غريبة في الشغل؟.. ورد مفاجئ من أمين الفتوى    "طوارئ غزة" تدعو سكان جباليا لعدم العودة إلى شمال القطاع    حصول محطتين لرفع الصرف الصحى بسوهاج على شهادة الإدارة الفنية المستدامة TSM    عاجل.. شوبير يكشف حقيقة رحيل علي معلول عن الأهلي بعد نهاية عقده    رسمياً.. موعد التقديم لرياض أطفال 2025 فى الإسكندرية (الرابط وشروط التقديم)    التعليم العالي: مصر تشارك في الاجتماع الأول للمؤسسة الإفريقية للتعلم مدى الحياة بالمغرب    الصحة: القوافل الطبية قدمت خدماتها العلاجية ل 145 ألف مواطن بالمحافظات خلال شهر    رئيس هيئة الرعاية الصحية يجري جولة تفقدية داخل مدينة الدواء.. صور    نقابة الأطباء البيطريين: لا مساس بإعانات الأعضاء    كيف كشفت الحرب الروسية قصور الأسلحة الأمريكية؟.. أخطاء كارثية    سيد معوض: لست مؤيدًا لفكرة عودة أشرف بن شرقي للدوري المصري    أسعار الدواء بعد رفع سعر رغيف الخبز المدعم.. 40% زيادة    وزير الخارجية: الصين تدعم وقف إطلاق النار فى غزة وإدخال المساعدات للفلسطينيين    كهربا: أقترح إقامة مباراة بين الأهلي والزمالك لمساعدة غزة    الإفتاء توضح حكم التأخر في توزيع التركة بخلاف رغبة بعض الورثة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أكذوبة الفتوحات الإسلامية!
نشر في الوطن يوم 06 - 02 - 2015

هل تريد أن أصدمك؟ إذن فاعلم أن الإسلام الذى قدموه لنا عبر قرون ليس هو الإسلام الحقيقى! الإسلام الحقيقى يا صديقى تم إخفاؤه فى مغارة سرية لأنه لم يكن على هوى الملوك والسلاطين، وبدلاً منه ظهر «إسلام الغزوات والقتل والإكراه والحرق والتعذيب»، ولكن لتخفيف وقع تلك الأشياء على القلوب تم تسميتها ب«الفتوحات» و«نشر الإسلام وإجبار الطواغيت على إعطاء الناس حرياتهم»! وما أعظم الفتوحات خاصة إذا ما اقترنت بنشر الإسلام، ألم يقل الله تعالى «إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً»؟
نعم، كان الفتح الحقيقى هو عودة النبى صلى الله عليه وسلم إلى بلده فاتحاً لا غازياً، كان الفتح هو النور الذى دخل إلى القلوب ففتح مغاليقها، كان الفتح هو الدخول فى معية الله طواعية واختياراً لأنه يستحق أن يُعبَد، ولكن فتح النور هذا تحول على يد القدماء إلى «احتلال» لبلاد وإكراه أهلها على الإسلام! وظللنا عمرنا كله نفتخر بتلك الأيام التى كانت فيها جيوشنا قوية نغزو بها العالم، نستعمرها ونأخذ خيراتها، ونفرض عليها ديننا، ونقول ونحن نتوق شوقاً لتلك الأيام: «ليتها تعود»!
من الآن يجب أن نقولها صراحةً دون خوف من الجماهير التى تجهل أو طواغيت الدين التى تريد احتكاره، يجب أن نجاهر بها مهما كانت النتائج فقد بلغ السيل الزبى ولم يعد فى قوس الصبر منزع، إذن فاعلموا أن الإسلام الذى بين أيدينا ليس هو الإسلام الذى أنزله الله سبحانه وتعالى على سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم)، بل هو دين مختلف جد الاختلاف، لذلك يا صديقى أنا لا أعتبر أن تلك الأفهام التى استقرت عليها جمهرة من الأمة هى الفهم الصادق للإسلام النورانى العظيم، بل أعتبرها ليست من الإسلام فى شىء إذ هى تفاسير القدماء وأعمالهم ومواقفهم، هى التراث يا صديقى، وما نحن عليه الآن هو «دين التراث» أو هو ذلك الدين الذى أطلقت عليه «الدين الرابع» الذى جاء بعد اليهودية والمسيحية والإسلام.
لم يكن من أهداف الإسلام الانتشار فى كل بقاع الأرض وإلا لطلب الله منا ذلك، نعم أرسله الله رحمة للعالمين، لمن يؤمن به ولمن لا يؤمن به كلاهما سواء، لم يطلب الله منا أن نصل لنتيجة مؤداها أن يكون الإسلام هو صاحب الأغلبية فى العالم، أو حتى صاحب الأكثرية، بل إن الأكثرية فى الإسلام مذمومة، ألم يقل الله تعالى «وإن تطع أكثر من فى الأرض يضلوك عن سبيل الله»، وقال أيضاً «بل أكثرهم لا يعلمون»، وقال «وأكثرهم لا يعقلون»، و«ولا تجد أكثرهم يشكرون»، و«ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم».. وهكذا تقابلنا عشرات الآيات من القرآن الكريم، ليظهر لنا أن المسألة عند الله سبحانه ليست بالكثرة بدليل أنه قال «ولو شاء ربك لآمن من فى الأرض كلهم جميعاً».. أما عن القلة فقال الله سبحانه عنهم «وقليلٌ من عبادى الشكور»، وقال أيضاً «وقليلٌ من الآخرين»، وقال أيضاً «وما آمن معه إلا قليل» بل إن كل الرسل تقريباً لم يتبعهم إلا قلة من أقوامهم؟!
إذن، ما هى القصة الحقيaقية، القصة باختصار أن الله طلب منا أن ندعو للإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة، وطلب منا أن نجادل أهل الكتاب بالتى هى أحسن، وطلب منا فقط أن يقتصر دورنا على التبليغ، فقال للرسول (صلى الله عليه وسلم) إن الأمم من الممكن أن تكذبكم، فماذا ستفعلون آنذاك، هل ستذهبون لهم بالسلاح، هل ستقاتلونهم حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا قالوها عصموا منكم دماءهم وأموالهم؟
لا والله، إن الله قال «وإن تُكَذِّبوا فقد كذَّبَ أممٌ من قبلِكم وما على الرسول إلا البلاغ المبين».. البلاغ المبين فقط يا عباد الله، وتأكيداً لهذا قال الله سبحانه «فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر».. لا سيطرة لك على قلوب العباد فإنك لا تهدى من أحببت ولكن الله أيها العباد يهدى من يشاء، كل دورك أن تدعو إلى الله على بصيرة يا عبدالله كما قال رب العباد لرسولنا الكريم «قل هذه سبيلى أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعنى».
هى الدعوة لله على بصيرة يا أخى المسلم، وإذا أردت أن أسترسل لك فى ذكر آيات القرآن التى تكلفنا بالدعوة والبلاغ المبين فقط ما وسعنى المقال.
وعلى هذا فلا تعوِّل كثيراً يا أخى على ما نقله لنا التراث حول «الجزية» إذ كانت الجزية هذه هى التكأة التى استندوا عليها فى تبرير الغزوات، مع أن آية الجزية فى القرآن إن أمعنت النظر فيها لا تتحدث عن أهل الكتاب ولكن عن الذين أوتوا الكتاب، وهؤلاء غير أولئك، ولكن آية الجزية التى على الذين أوتوا الكتاب كانت مرتبطة بظرف تاريخى مرتبط بأحداث بعينها لا يجوز تعميمها، أما أسباب نزول «آية الجزية» فهى أن أمة الغساسنة التى كانت تتولى حكم الشام بالنيابة عن الروم قامت بشن حروب وغارات على الجزيرة العربية، وقتلت من قتلت، وكانت حرب تبوك التى نزلت سورة التوبة بمناسبتها حرباً تستهدف إجلاء العدو الغازى عن البلاد، وطرده من مدينة تبوك شمال الجزيرة العربية، ولذلك لم يكن سبب القتال هو إدخال هؤلاء إلى الإسلام، فالدين كما قلنا ليس فيه إكراه، ولكنها حرب تظل جذوتها مشتعلة إلى أن يتم طرد الغساسنة الغزاة، بحيث يكون الغساسنة فيها صاغرين أذلاء مجبرين على دفع جزية، والجزية من الجزاء، وهى غرامة تضمن عدم معاودتهم التعدى مرة أخرى، ولكن فى هذه الحرب هرب الغساسنة وعادوا إلى ديارهم قبل أن يصل لهم جيش المسلمين، فعاد الرسول (صلى الله عليه وسلم) منتصراً، إلا أن الدارس يجد أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) لم يتتبع الغساسنة إلى ديارهم فى الشام، بل عاد إلى المدينة بعد أن عقد بعض الأحلاف والمعاهدات مع قبائل عربية كانت تستوطن شمال الجزيرة العربية، وكان آخر ما فعله الرسول (صلى الله عليه وسلم) أن جهز جيش أسامة بن زيد ليستكمل تأديب الغزاة، وقال له: «وطئ بجيشك أرض الشام ثم عد»، ثم توفى الرسول (صلى الله عليه وسلم)، الجزية إذن كان لها ظرفها التاريخى وسياقها الدولى، ولكن القدماء بعد ذلك استخدموها فى غير موضعها، وتحولت من عقوبة على من يغزو بلادك، إلى وسيلة فى يد المسلمين يغزون بها بلاد العالمين تحت «مُسمى إسلامى»: «فتح، وجزية، وسيف، ومصحف، والله أكبر»، وتحت راية الله أكبر تراق الدماء!
الآن، لك أن تعلم أن فكرة الفتوحات هى فكرة اعتنقتها إمبراطورية عربية جديدة، أرادت أن تجد لنفسها مكانة عظيمة فى العالم، وكانت إمبراطوريات العالم وفقاً للتاريخ تقوم على غزو بلاد وضمها إلى ممالكهم، وما فعله العرب لم يكن إلا تطبيقاً لقواعد عصرهم ورغبتهم فى الاستحواذ على العالم، وكما جاءت الحروب الصليبية إلى المنطقة بنزعة استعمارية واضحة تتخفى وراء الصليب، خرجت جيوش العرب فى عهد الصحابة والتابعين تريد الاستحواذ على معظم العالم بنزعة استعمارية اختفت وراء القرآن والإسلام ونشر الدين، وأطلقوا عليها الفتوحات تشبّهاً بفتح مكة! ومن هذا التعسف فى فكرة نشر الإسلام والخروج بها من سياقها الصحيح ظهر إسلام السيف والقتال والإكراه وحد الردة، واختفى إسلام لا إكراه فى الدين، و«أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين»!
أما محاولات التجميل التى أجراها فريق «المبرراتية» لتلك الغزوات فهى التى أدت إلى ظهور الإخوان والقاعدة وداعش وغيرهم، ومن إسلام هؤلاء المبرراتية خرجت أفكار التعذيب وقطع الرؤوس والقتل بالحرق للمخالفين أو لغير المسلمين.. فهل نرى فقهاء كباراً يجرون مراجعة فقهية مستنيرة لأخطاء تاريخية وقع فيها القدماء، أو تقويم مواقف قام بها «الحواريون الأوائل»؟
لا أظن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.