رئيس جامعة العريش يهنئي السيسي بعيد الأضحى المبارك    في يوم وقفة عرفة.. سعر الذهب يرتفع خلال التعاملات الصباحية    إيقاف أعمال بناء مخالف بقرية المحروسة.. ورئيس المركز: لا تهاون مع أي مخالفة    سعر الجنيه الإسترليني يبدأ تعاملات اليوم الخميس 5-6-2025 على تراجع    أسعار البيض بالأسواق اليوم الخميس 5 يونيو    انخفاض الليمون وارتفاع الثوم.. أسعار الخضار في أسوان اليوم الخميس    استشهاد 12 فلسطينيًا في غارات إسرائيلية متواصلة على قطاع غزة    ترامب: بوتين أبلغني أن روسيا سترد على هجوم أوكرانيا    إيلون ماسك يهاجم خطة ترامب الضريبية: "إفلاس أمريكا ليس مقبولًا"    الاحتلال الإسرائيلي يستعيد جثتي محتجزين بعملية عسكرية في خان يونس    فيفا: الصفقات الجديدة شعار قائمة الأهلى فى كأس العالم للأندية    نشاط وزير الخارجية في أسبوع.. لقاءات وزيارات واتصالات مكثفة    مواعيد مباريات الخميس 5 يونيو.. نهائي كأس مصر وإسبانيا ضد فرنسا وتصفيات آسيا    تشكيل الزمالك المتوقع لمواجهة بيراميدز في نهائي كأس مصر    بيراميدز يبحث عن ثالث ألقابه أمام الزمالك في نهائي كأس مصر    «ناقد رياضي»: الزمالك استقر على تصعيد ملف زيزو إلى الفيفا    اليوم .. الأهلي يبدأ معسكره المغلق في ميامي استعداداً لمونديال الأندية    الهلال يتعاقد مع المدرب الإيطالي إنزاجي    مشاهد من توافد حجاج بيت الله إلى عرفات لأداء ركن الحج    بالرابط ورقم الجلوس.. نتيجة الصف الثالث الإعدادي محافظة كفر الشيخ الترم الثاني 2025 (فور ظهورها)    إصابة 5 أسخاص في حادثين منفصلين بالوادي الجديد    ضيوف الرحمن يتوافدون إلى صعيد عرفات لأداء ركن الحج الأعظم    «مسجد نمرة».. منبر عرفات الذي بني في مكان خطبة الوداع    الدفاع الأوكرانى: أوكرانيا ستتلقى 1.3 مليار يورو من حلفائها العام الجارى    صلاح الجهيني عن فيلم «7 Digs»: «الحبايب كتير ومستني جدًا أتفرج عليه»    موعد ومكان عزاء الفنانة الراحلة سميحة أيوب    «اللهم اجعلني من عتقائك».. أدعية مستجابة لمحو الذنوب في يوم عرفة    رئيس هيئة الرعاية الصحية يتفقد تنفيذ خطة التأمين الطبي بمحافظات القناة ا    6 إرشادات مهمة للتعامل مع الأضحية قبل وبعد الذبح (فيديو)    مسجد نمرة يستعد ل"خطبة عرفة"    إلى عرفات الله، قصة قصيدة بدأت برحلة هروب واعتذار شاعر وانتهت بصراع بين مطربتين    موعد أذان المغرب اليوم في القاهرة والمحافظات يوم عرفة.. هنفطر الساعة كام؟    «البحر الأحمر» ترفع درجة الاستعداد لاستقبال عيد الأضحى    موعد صلاة عيد الأضحى 2025 في القاهرة والمحافظات    زلزال بقوة 5.7 درجات يضرب بنما ولا تقاريرعن وقوع أضرار    عالم أزهري: أفضل أيام العشر يوم النحر يليه يوم عرفة    شريف بديع ل الفجر الفني: كنت شاهد على تحضيرات ريستارت..ورسالته مهمه وفي وقتها ( حوار)    تهنئة عيد الأضحى 2025 رسمية مكتوبة    «بعد توافد الحجاج على جبل عرفات».. كيف يقضي الحاج يومه في أعظم أيام الحج؟    فضل الدعاء في يوم عرفة.. أمين الفتوى يوضح    كامل الوزير يكشف تفاصيل إنتاج ألبان أطفال (فيديو)    فرصة تعيين جديدة.. «التعليم» تفتح باب التقدم ل 9354 و ظيفة معلم مساعد في اللغة الإنجليزية بجميع المحافظات    عيد الأضحى موسم للتواصل مع الناخبين.. الأحزاب تسابق الزمن استعدادا للانتخابات    مسؤول أمريكي: هجماتنا ضد الحوثيين كلفت أكثر من 1.5 مليار دولار منذ أواخر 2023    محافظ قنا يستقبل وفدًا من مطرانية الأقباط الأرثوذكس للتهنئة بعيد الأضحى    اليوم.. «بيت الزكاة والصدقات» يقدِّم 4000 وجبة إفطار للصائمين بالجامع الأزهر    المصرية للاتصالات WE تطلق رسميًا خدمات الجيل الخامس في مصر لدعم التحول الرقمي    «اصبر أحنا مطولين مع بعض».. محامي زيزو يتوعد عضو مجلس الزمالك بعد واقعة الفيديو    الإفتاء تحسم الجدل.. هل تسقط صلاة الجمعة إذا وافقت يوم العيد؟    بحضور نجوم الفن.. حماقي وبوسي يحييان حفل زفاف محمد شاهين ورشا الظنحاني    بعد ارتفاع عيار 21 لأعلى سعر.. أسعار الذهب اليوم الخميس 5 يونيو بالصاغة محليًا وعالميًا    نصائح مهمة يجب اتباعها على السحور لصيام يوم عرفة بدون مشاكل    صحة الإسكندرية ترفع درجة الاستعداد القصوى خلال إجازة عيد الأضحى    القائد العام للقوات المسلحة ووزير خارجية بنين يبحثان التعاون فى المجالات الدفاعية    "عاد إلى داره".. الرجاء المغربي يعلن تعاقده مع بدر بانون    نجاة السيناريست وليد يوسف وأفراد أسرته من حادث سير مروع    التعليم العالى تعتزم إنشاء أكبر مجمع صناعي للأجهزة التعويضية    فوائد اليانسون يخفف أعراض سن اليأس ويقوي المناعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عقوبة الحرق ترتبط بثقافة «المجوس».. وفتش عن إيران
نشر في الوطن يوم 04 - 02 - 2015

«الحرق» بالنار كأداة للعقوبة موضوع منقطع الصلة بالثقافة العربية. والأرجح أنه عقوبة ترتد بجذورها إلى الثقافة الفارسية. وقد اعتبر القرآن الكريم «الحرق» عقوبة همجية تتنافى مع إنسانية الأديان السماوية. ورد هذا الموضوع فى النص القرآنى فى سياق قصة نبى الله إبراهيم عليه السلام، عندما تحدى قومه وحطم أصنامهم، ونادى بعبادة الواحد الأحد، فما كان من قومه إلا أن قرروا قتله حرقاً: «قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ»، وقد حفظه الله تعالى من كيدهم بأن جعل النار برداً وسلاماً عليه، بمعنى أنه سبحانه وتعالى عطل القوانين التى تحكم النار، فبدلاً من أن تكون أداة للحرق أصبحت مصدراً للبرد والسلام: «قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ». ويحكى «ابن الأثير» فى كتابه «الكامل فى التاريخ» عن عبدالله بن عمر أنه قال: «أشار بتحريقه -أى نبى الله إبراهيم- رجل من أعراب فارس، قيل له: وللفرس أعراب؟ قال: نعم، الأكراد هم أعرابهم، قيل: كان اسمه هيزن، فخسف به، فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة». الأرجح إذاً أن عقوبة الحرب ترتد بجذورها إلى الثقافة الفارسية، وقد يمنحك هذا الأمر مؤشراً مبدئياً عن العلاقة بين الفكر والأداء الداعشى ودولة إيران وريثة عرش النار، حين قرر التنظيم تطبيق عقوبة الحرق على الطيار الأردنى «معاذ الكساسبة»، فى مشهد أتصور أنه سيرسخ لسنوات طويلة فى ذاكرة الإنسانية.
ولو أنك استذكرت بعض الأحاديث النبوية التى تناولت موضوع «الحرق»، فسوف تجد أن النبى (صلى الله عليه وسلم) كان حريصاً على الاتساق مع النظرة القرآنية التى تضع هذا الفعل فى مصاف الأفعال اللاإنسانية. جاء فى صحيح البخارى: «حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا الليث عن بكير، عن سليمان بن يسار، عن أبى هريرة رضى الله عنه، أنه قال بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فى بعث فقال إن وجدتم فلاناً وفلاناً فأحرقوهما بالنار، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أردنا الخروج: إنى أمرتكم أن تحرقوا فلاناً وفلاناً وإن النار لا يعذب بها إلا الله فإن وجدتموهما فاقتلوهما». الحرق بالنار مرتبط بالأساس بالثقافة المجوسية الفارسية، وبإمكانك أن تجد لها ظلالاً فى جذور الثقافة اليهودية أيضاً، عندما أحرق ملك اليمن «ذو نواس» نصارى نجران، وهو ذلك المشهد الذى حكاه القرآن الكريم فى سورة البروج: «قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ». كان العرب يخافون النار ويحذرونها، وليس أدل على ذلك من اعتناء القرآن الكريم بالانطلاق من الثقافة العربية وهو يصف مكافأة الطاعة (الجنة) أو عقوبة المعصية (النار). فالجنة حدائق وبساتين ونخل وأعناب ورمان وأنهار من خمر ومن عسل مصفّى، كان هذا الوصف القرآنى قادراً على إثارة خيال العربى الذى يعيش فى صحراء جرداء، لا زرع فيها ولا ماء، والأمر نفسه ينطبق على النار كأداة للعقوبة، فقد جعلها الله فى النار الحارقة، اتساقاً مع حالة الفزع التى كانت تصيب العربى من فكرة «الحرق». يدلل لك أيضاً على خطورة النظرة إلى مسألة الحرق أن النبى صلى الله عليه وسلم صنّف الميت حرقاً فى فئة الشهداء. كما جاء فى الحديث النبوى الذى سأل فيه الرسول الصحابة قائلاً: مَا تَعُدُّونَ الشَّهَادَةَ؟ قَالُوا: الْقَتْلُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى. فعدد لهم النبى سبعة أنواع للشهادة سوى القتل كان من بينها صاحب الحريق: «وَصَاحِبُ الْحَرِيقِ شَهِيدٌ». وكان صلى الله عليه وسلم يوصى مقاتليه ألا يحرقوا نخلاً: «ولا تعقروا نخلاً ولا تحرقوه»، فما بالك بحرق إنسان!.
ذلك هو موقف الأصلين الكبيرين (القرآن والسنة) من مسألة المعاقبة ب«الحرق»، لكن الأمر يختلف كل الاختلاف حين نراجع كتب التراث التى تحكى قصصاً متنوعة عن ارتكان بعض الصحابة والتابعين إلى «الحرق» فى معاقبة أعدائهم وخصومهم. فقد جاء فى بعض كتب التراث أن خالداً بن الوليد أحرق بعض المرتدين بالنار، لكن القصة الأخطر ترتبط بالخليفة الأول أبى بكر الصديق، وقد حكاها ابن الأثير فى «الكامل»، وجاء فيها: «أن إياس بن عبدياليل جاء إلى أبى بكر فقال له: أعنّى بالسلاح أقاتل به أهل الردة. فأعطاه سلاحاً وأمره إمرة، فخالف إلى المسلمين وخرج حتى نزل بالجواء، وبعث نخبة بن أبى الميثاء من بنى الشريد وأمره بالمسلمين، فشن الغارة على كل مسلم فى سليم وعامر وهوازن. فبلغ ذلك أبا بكر -رضى الله عنه- فأرسل إليه من أسره وبعث به إليه. فأمر أبوبكر أن توقد له نار فى مصلى المدينة ثم رُمى به فيها». ومن العجيب أن تجد فى كتاب «الكامل» نفسه حكاية ذات صلة بابن أبى بكر «محمد» الذى كان واحداً من الذين ثاروا على عثمان بن عفان رضى الله عنه، وتدور أيضاً حول فكرة «الحرق». يقص علينا «ابن الأثير» هذا الحوار الذى دار بين معاوية بن حديج وابن أبى بكر: «قال لهم محمد بن أبى بكر: اسقونى ماءً. فقال له معاوية بن حديج: لا سقانى الله إن سقيتك قطرةً أبداً، إنكم منعتم عثمان شرب الماء، والله لأقتلنك حتى يسقيك الله من الحميم والغساق! فقال له محمد: يا ابن اليهودية النساجة ليس ذلك إليك إنما ذلك إلى الله، يسقى أولياءه ويظمئ أعداءه أنت وأمثالك، أما والله ولو كان سيفى بيدى ما بلغتم منى هذا. ثم قال له: أتدرى ما أصنع بك؟ أدخلك جوف حمار ثم أحرقه عليك بالنار. فقال محمد: إن فعلت بى ذلك فلطالما فعلتم ذلك بأولياء الله، وإنى لأرجو أن يجعلها عليك وعلى أوليائك ومعاوية وعمرو ناراً تلظى كلما خبت زادها الله سعيراً. فغضب منه وقتله ثم ألقاه فى جيفة حمار ثم أحرقه بالنار».
عدم الدقة فى هذه الحكايات واضح لكل ذى بصر، فهى أقرب إلى الانتحال منها إلى الحقيقة، فلا يعقل أن يفعل أبوبكر أو خالد ذلك، وهما اللذان رُبيا فى حجر النبوة، ويعلمان من القرآن الكريم أن الحرق عمل همجى، ارتبط بعبدة النار، وسمعا أحاديث النبى صلى الله عليه وسلم التى تنهى عن الحرق بالنار. ووجه التلفيق يشخص واضحاً فى ذلك الربط بين قيام أبى بكر بحرق «إياس»، وقيام معاوية بن حديج بحرق ابنه «محمد» خلال أحداث الفتنة الكبرى، وكأن موضوع الحرق مرتبط ب«البكريين» فى المقام الأول، وهى محاولة ساذجة للإساءة إلى شخص أبى بكر، تمنحنا مساحة للظن بأن وراءها أصابع حاولت الإساءة إلى هذا الصحابى الجليل، وهى لا تبتعد بحال عن عبدة النار، أبناء الثقافة المجوسية. لقد استندت «داعش» إلى هذه الحكايات المريبة فى شرعنة جريمتها التى أساءت إلى الإسلام ونبى الإسلام أكثر مما أساء إليه أصحاب الرسوم الساخرة، وهى تفرض على المعنيين بشأن التراث ضرورة مراجعة كل سطر فيه وتخليصه من الأفكار التى تتناقض مع صريح القرآن وصحيح السنة. كفانا جهلاً وخبلاً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.