ليس هناك جديد فى تاريخ الإخوان، فهم كما هم، لم يتغيروا، فقط كشفهم الزمن وكشف خبيئة نفوسهم، فيما مضى وفى زمن مبارك عندما كنت أتحدث عن الإخوان وخطورتهم وخطرهم على مصر وأمنها، وحين كنت أحذر من وجود نظام خاص مسلح داخل جماعة الإخوان، وهذا النظام هو جيش من المدنيين تم تدريبهم على القتال عبر سنوات ماضية، وتم مسح عقولهم حتى أصبحوا مسوخاً بشرية لا عقل لها ولا قلب فيها، وأنهم على استعداد لشن حرب أهلية للحفاظ على الكرسى، حينها لم يكن أحد يصدق ما أقوله وأكتبه، كان البعض يظننى أبالغ، والبعض الآخر يظننى أدعى عليهم ما ليس فيهم، والبعض الآخر كان يقول ولا يزال: هو غاوى شهرة ويريد أن يسترزق من وراء الهجوم على الإخوان، وهو لم يختلف معهم إلا لأنهم أقصوه عن منصب كان طامعاً فيه! وكان بعض الذين يدعون الحكمة من النخب السياسية ينظرون لى بشفقة وهم يقولون: خفف غلواءك فإنهم فصيل وطنى لهم ما لهم وعليهم ما عليهم، وعلينا أن نضمهم للحركة السياسية الوطنية حتى يسهل علينا التعامل معهم، ولأننى كنت أعلم خرافة أنهم فصيل وطنى، إذ كنت أجلس ذات يوم فى كهوفهم، وفيها عرفت ما تشيب لهوله الولدان، فإننى كنت أستمر فى تحذيرى، وأظن أن معظم الإعلاميين فى مصر يعرفون أننى كنت أمر على كل الصحف عبر سنوات طويلة مضت وأجلس مع قياداتها الصحفية لأدق للجميع جرس الإنذار، فقط مجموعة صغيرة من النخب أدركت هذه الخطورة مبكراً وأخذت على عاتقها أن تواجههم مهما كان الثمن، بعضهم سبقنى فى تنبيه الأمة والبعض الآخر جاء بعدى، حتى الذين انشقوا عن الإخوان قبلى أو معى أو بعدى، لم يتحرك أحد منهم لينبه الأمة إلا بعد ثورة يناير وعلى استحياء، ثم أخذ بعضهم حبوب الشجاعة بعد ذلك وارتفع صوته بعد أن كان يخجل من توجيه أى نقد لهم على وهم أن هذا النقد قد يؤثر فى المقبلين على الحل الإسلامى!! اللهم إلا الدكتور السيد عبدالستار المليجى فقد كان من السابقين فى نقد الإخوان وإن جاء تنبيهه للأمة بعد أن قطعتُ شوطاً كبيراً فى ذلك. ويقينا فإن الأمر ليس سباقاً فى المواقف، ولكنه إجابة صغيرة على أسئلة سخيفة يطرحها أصحابها قائلين: وأين كنتم يا من اختلفتم مع الإخوان؟ ولماذا لم تقوموا بتنبيه الأمة مبكراً قبل ثورة يناير؟ والإجابة هى فى الفقرة السابقة فى المقال وأزيد عليها قائلاً: بل أين كنتم يا من كنتم تعيشون لأنفسكم لا تعرفون عن مصر وما يدور بها أو فيها شيئاً، ولم يحدث أن اهتم أحدكم بما كنا نقول بل لا أظن أن أحدكم كلف نفسه مشقة قراءة مئات المقالات والحوارات التى كتبتُها فى كل صحف مصر من عام 2001 إلى ثورة يناير ثم ما بعدها، لا تلوموا إلا أنفسكم، أما أنا فلم يتغير موقفى أبداً منذ أن رأيت نواياهم وأفكارهم الحقيقية التى يخفونها، وكان فزعى الأكبر يوم سمعت قبل تركى الجماعة بسنوات قليلة أحد كبارهم وهو يقول فى لقاء خاص مع بعض الإخوان: إن خير من أنجبت هذه الأمة هم من أطلق عليهم أعداؤهم اسم «الخوارج»، هم لم يكونوا خوارج أبداً إلا لأنهم خرجوا من الكفر ودخلوا للإسلام الحقيقى، الخوارج هم المسلمون الحقيقيون عبر تاريخ الأمة ونحن أحفادهم. كانت عبارات مفزعة لا شك، ولكننى اعتبرتها كلمة متطرفة من إخوانى متطرف تحسب عليه هذه الكلمة ولا تحسب على الجماعة، ولكن بعد سنوات تأكدت من خلال الأحداث أن هذه هى جماعة الخوارج، أو هم أحفادهم، وهم أخطر ما تعرضت له مصر، هم الخطر الحقيقى على الأمن القومى، ويكفى أنهم فى أيامنا هذه يستخدمون الغرب ليضربوا به مصر ويقضوا على جيشها، ويشكلون جيوشاً من المرتزقة هدفها الوحيد تدمير مصر، والإخوان يقومون بتنفيذ خطط المخابرات الأمريكية عياناً بياناً دون خجل، جواسيس يفتخرون بجاسوسيتهم ولا يسعون إلى إخفائها كما حدث من محمد مرسى وهو فى قفص الاتهام يفتخر بأنه كان يتخابر مع حركة حماس! ومع ذلك لا يزال هناك فى مصر إلى الآن من يتحدث عن السلمية فى مواجهتهم! هؤلاء الذين يتحدثون عن السلمية فى مواجهة الإخوان كانوا يلتمسون لهم العذر عندما كانوا يستقوون بالغرب وهم فى صفوف المعارضة، رغم أن ذلك لم يكن مقبولاً بأى حال من الأحوال ولكن هذا هو الذى كان يحدث! أما الاتصالات التى كانت تتم بين الإخوان والخارج منذ بداية إنشاء الجماعة وحتى الآن فإنها تدل على أن هذه الجماعة لم تعرف معنى الوطن وقيمته، وكلنا شاهدنا جمال حشمت ومن معه من الإخوان الهاربين وهم يلتقون مؤخراً بشخصيات نافذة فى السياسة الأمريكية، وقد سبق أن حذرت من هذه الصلات أثناء انتخابات الرئاسة إذ قلت أكثر من مرة إن جلوس الإخوان على كرسى الحكم هو تهديد مباشر للأمن القومى، فالجماعة لها تنظيم دولى ممتد فى أكثر من ثمانين دولة، ولها مكتب إرشادها الدولى، وهى فى ذات الوقت تكره مصر وترغب فى الانتقام منها، لذلك يجب أن يعلم الجميع أننا فى حالة حرب حقيقية مع جيوش عصابات ذات خبرة كبيرة. وكانت علامات مؤامرتهم على أمن مصر واضحة من خلال كثير من التصرفات وقد ظهر هذا واضحاً للعيان عندما فتحوا الأبواب لجماعات متطرفة فى سيناء، حيث أطلق مرسى سراحهم من السجون ليتمركزوا هناك، ثم فتحوا أبواب مصر لحماس ولم يرمش لهم جفن. أما الحقيقة التى يتهرب منها أصحاب الأيدى المرتعشة فهى أن أى تلكؤ فى القضاء على خوارج العصر الإرهابيين هو أكبر خطر على أمن مصر، فلا سلمية وقت مواجهة الإجرام المسلح، لذلك فإن إعلان حالة الطوارئ حالياً هو فريضة وطنية، فلمثل هذه الحالات تفرض الطوارئ، وفيما بعد سيكشف التاريخ لنا ما كان مخفياً من قبل، وإنا لله وإنا إليه راجعون.