لمة العائلة والأصدقاء فى عيد الفطر المبارك هى طقس محبب ينتظره الجميع من عام لآخر، حتى يشعروا بأجواء احتفالية تبدأ من اجتماع الكبار والصغار فى ليالى رمضان الأخيرة حول طاولات العجين لنقش الكحك وصنع البسكويت والقراقيش، حتى السهر ليلاً يوم الوقفة لأداء صلاة العيد صباحاً، والتى تبدأ فيها مراسم الفرح والاحتفال بتهنئة الجيران والأهل لبعضهم البعض وتوزيع الحلوى على الأطفال، وتزيين الشوارع وساحات المساجد بالبلالين. ولتلك اللمة أهمية كبيرة فى تقوية الروابط الأسرية والاجتماعية، كما أكد عدد من علماء الاجتماع، ولذلك نرى حرص كبار العائلة من الأجداد والجدات على الحفاظ على طقوس العيد القديمة لتوثيق مشاعر الود والمحبة بين أفراد الأسرة، إذ يجمعون أبناءهم وأحفادهم صباحاً لتناول الفطور، ثم يقومون بتوزيع العيديات والهدايا على الأطفال، وتكتمل اللمة حينما يقررون الالتفاف حول بعضهم لمشاهدة الأفلام والمسرحيات الكلاسيكية المرتبطة بالأعياد، كمسرحيتى العيال كبرت والمتزوجون. وأهم السبل التى تحقق اللمة ومشاعر الألفة والود بين أفراد العائلة والأصدقاء، هى خروجة العيد، التى ينشغل الجميع فى التحضير لها قبل بدء العيد بأيام، فالبعض يفضل أن يجتمع بأبنائه فى الحدائق العامة لتناول وجبة الرنجة والفسيخ المفضلة فى العيد، والبعض الآخر يشعر بالعيد حينما يجتمع مع أصدقائه لدخول أحد الأفلام المعروضة فى السينما، ويفضل آخرون أن تكون لمتهم فى السفر لأحد الشواطئ.. وحتى لا يفتقد المصريون المغتربون مشاعر الونس واللمة يحرصون على التجمع والخروج معاً فى المولات والحدائق للاحتفال هم وأطفالهم. وتحقق تلك التجمعات العائلية كذلك، ما أمر به الله عز وجل ورسوله (صلى الله عليه وسلم)، لصلة الرحم، ما يؤدى إلى تعميق مشاعر السلام والطمأنينة والود فى الأعياد، وطوال أيام العام، وفقاً لما أوضحه عدد من علماء الدين ل«الوطن»، كما تعتبر صلة الرحم من الأمور المُحققة لصلاح الأرض، وتيسير الرزق وإطالة العمر. صاجات «الكحك والبسكويت».. لمة تتوارثها الأجيال اللمة حول طاولات العجين لإعداد كعك وبسكويت العيد، هى عادة وطقس متوارث يحرص عدد كبير من الأسر والعائلات على الالتزام به حتى الآن، رغم توافر محال الحلويات فى كل مكان، وضيق الوقت فى الأيام الأخيرة من شهر رمضان المبارك، إذ يتفق عدد من النساء العاملات وربات البيوت أن العيد لن يكتمل دون لمة الأهل والأقارب والأطفال لنقش الكعك وإعداد البسكويت والبيتيفور، ورصها فى الصاجات. «رغم كبر السن وضيق الوقت مبحسش بالعيد إلا لو عملت الكحك بإيدى»، وفقاً لما قالته زينب محمد، صاحبة ال65 عاماً ل«الوطن»، إذ تحرص فى العشر الأواخر من شهر رمضان على توفير الوقت بعد الفطار وأداء صلاة التراويح للقيام بالعجين ومن ثم نقش الكعك والبسكويت ورصه فى الصوانى بمساعدة أحفادها الصغار، ما يجعلهم يشعرون جميعاً ببهجة وأجواء العيد، وبجانب هذا تحب زينب، ابنة حى شبرا بالقاهرة، إعداد البيتيفور والغُريبة بنفسها رغم الجهد الذى تبذله فى تحضيرهما وتسويتهما فى الفرن. «ياسمين»: العيد بالنسبة لنا هو تجميع الأقارب والجيران لنقش الكحك وعمل البسكويت والفايش وتقول العشرينية ياسمين فتوح، إن إعداد كعك وبسكويت العيد هو طقس ثابت يحتفظ به أقاربها وجيرانها فى أسيوط، إذ يجتمع بنات العائلات والجيران بعد الإفطار فى الأيام الأخيرة من شهر رمضان، للتشارك فى عمل الكحك والبسكويت والفايش، ومن ثم يقوم الشباب ورجال العائلة بتسويتها فى الفرن البلدى: «لمتنا وإحنا بنعمل الكحك والبسكويت هى العيد بالنسبة لنا.. فمينفعش مهما مرت السنين واتغير الزمن نتخلى عن العادة اللى بتفرح الكبار والصغيرين». «عمل كحك وبسكويت العيد من أجمل العادات اللى بتجمعنى بإخواتى البنات بعد وفاة كبار العيلة».. كما قالت هناء محمد، ابنه محافظة المنوفية ل«الوطن»، إذ حرصت هى وشقيقاتها على التجمع قبل عيد الفطر لعمل الكحك والبسكويت رغبة منهن فى الحفاظ على عادة أمهن، ولإحياء ذكرى طفولتهن ويتجمعن حول أوانى وصاجات العجين، كما تحرص هى وشقيقاتها على مشاركة أطفالهن الصغار معهن فى نقش الكعك وتزيين البيتيفور والغُريبة لإكسابهم نفس العادة والاستمرار عليها مهما مرت السنوات. وأكد الخمسينى محمد العربى، مسئول فى أحد الأفران بحى شبرا بالقاهرة، حرص العديد من النساء فى المنطقة على صناعة الكعك والبسكويت بأنفسهن، فمنذ بدء العشر الأواخر من شهر رمضان يتوافد عليه الكثير من ربات البيوت رغبة منهن فى تسوية الكعك والبسكويت، سواء قبل أو بعد الإفطار: «فيه أسر كتير محافظة على العادة دى لأنها بتحسسهم بالعيد.. وإحنا بنحس معاهم كعاملين فى الفرن بأجواء لمة العيد زمان». مسرحيات وأفلام «لازم تتشاف» «العيال كبرت والمتزوجون» ارتبطت بعض المسرحيات والأفلام القديمة فى ذاكرة المصريين باللمة والتجمعات فى الأعياد والمناسبات، كأنه طقس مقدس لا تكتمل أجواء العيد الاحتفالية دونه، ومن تلك الأعمال مسرحية مدرسة المشاغبين، والعيال كبرت والمتزوجون، وأفلام إسماعيل يس، وفؤاد المهندس، فرغم مرور السنوات وتعاقب الأجيال تظل ضحكات الكبار والأطفال مستمرة على نفس المشاهد والإفيهات، ما يجعلنا نتساءل عن سر تكرار الإقبال على مشاهدة تلك الأعمال فى الأعياد دون الشعور بأى ملل، وهذا ما أوضحه عدد من نقاد الفن. «الشناوى»: الأعمال الكلاسيكية صالحة لكل الأجيال أكد الناقد الفنى طارق الشناوى فى حديثه مع «الوطن»، أن تلك المسرحيات والأفلام أصبحت مرتبطة فى الذاكرة الجماعية للمصريين بالأعياد والمناسبات، وهى أعمال كلاسيكية تعتمد على كوميديا الموقف، وتعتبر الكتابة الجيدة والتمثيل المتقن هما السبب الأساسى فى استمرار الإقبال عليها حتى الآن: «الأعمال دى بتعيش أكتر من 40 و50 سنة.. دايماً بنحن ليها وبنعتبرها طقس ثابت فى الأعياد». وأضاف «الشناوى»: «ليست كل الأعمال الفنية القديمة جميلة ومكتملة، ولكن دائماً ما تستمر الأعمال الجيدة، مثل مسرحية مدرسة المشاغبين، والعيال كبرت، فرغم تكرار الإفيهات نستطيع الضحك من القلب بكل بساطة، ما جعل تلك الأعمال جزءاً حميماً على مائدة العيد، تقبل الأجيال المتعاقبة على مشاهدتها والاستمتاع بها مرات متكررة». «حلمى»: إفيهاتها ضمن كتالوج حديثنا اليومى وفى نفس السياق، قالت الناقدة الفنية دعاء حلمى، إن الكثير من الأفلام والمسرحيات القديمة قامت على فكرة الصراع، سواء الصراع بين الأجيال، كما فى مسرحية العيال كبرت ومدرسة المشاغبين، أو الصراع بين الغنى والفقر كما تناولت مسرحية المتزوجون، وكل ذلك يتم فى إطار كوميدى خفيف يجذب المشاهد من مختلف الأعمار، مضيفة أن تلك المسرحيات والأفلام متكاملة العناصر من حيث الكتابة الجيدة والفكرة الهادفة والتمثيل الجيد، ما جعلها صالحة لكل الأجيال. «من الأسباب اللى بتخلينا نقبل على مشاهدة الأعمال دى هى ارتباطها بفكرة النوستالجيا، وهو الحنين لذكريات مرتبطة بإفيه أو موقف فى المسرحية أو الفيلم»، وفقاً لما أوضحته «حلمى» ل«الوطن»، وقالت إن كل الأسباب السابقة تجعلنا نضحك من قلوبنا رغم حفظنا للمشهد أو الإفيه، حتى أصبحت تلك الإفيهات ضمن كتالوج حديثنا اليومى رغم مرور عشرات السنوات. «البوكس وكروت المعايدة».. ينتظرها الكبار والصغار لعيدية العيد وقع مبهج فى نفوس الأطفال والكبار سواء، فبعد أداء صلاة العيد واجتماع العائلات والأسر لتناول الكعك والبسكويت وغيرها من تسالى العيد، ينتظر الأطفال النداء المحبب لهم من قبل أجدادهم وأقاربهم ليعطوهم العيدية فى أجواء من الألفة والاحتفال، لينطلقوا بعدها لشراء الحلوى والبلالين، كما تخلق العيدية كذلك حالة من الود والحب بين الكبار عندما يتبادلها الأزواج والمخطوبون، أو الإخوة والأصدقاء مهما بلغت أعمارهم. «رشا»: خالى لسه بيدى عيدية لماما رغم إنهم فى الستينات من عمرهم «خالى لسه بيدى عيدية لماما رغم إنهم فى الستينات من عمرهم.. وبيدى كل أولادها وأحفادها».. كما قالت رشا معبد ل «الوطن»، موضحة أن تلك العادة لم تنقطع منذ صغر أعمارهم، وهى تخلق حالة من الود والألفة بين العائلات والأسر، واعتبرت أن العيد هو الفرصة المثالية لاجتماع الأقارب ولمتهم حول سفرة واحدة، وفى مكان واحد لمشاهدة فيلم أو مسرحية، ما يجعل للعيد إحساساً ممتعاً يفتقدونه خلال أيام السنة نتيجة انشغال كل منهم فى حياته وعمله. «إحساس حلو وغريب لما لقيت نفسى كبرت وبوزع العيدية على أطفال العيلة».. وفقاً لحديث محمد على صاحب ال 17 عاماً، فهى المرة الأولى التى يقوم فيها بإعطاء عيدية لأولاد إخوته، ولأطفال العائلة المقريبن، ما جعله يشعر بالمسئولية الممتزجة بالحب والألفة تجاه الصغار، معبراً عن سعادته عندما يلتف أولاد إخوته حوله بعد أداء الصلاة لمطالبته بالعيدية لشراء الحلوى: «العيدية أكتر حاجة بتفرحنا.. بنستناها من الكبار وبنحب نفرّح بيها الصغيرين». «محمد»: إقبال كبير على شراء كروت المعايدة الخشبية وعن طريقة تقديم العيدية، قال الثلاثينى محمد السنان، مصمم ومنفذ كروت معايدة وبوكس العيد، إن هناك إقبالاً كبيراً على شراء كروت المعايدة الخشبية، التى تتميز بقيمة وجاذبية كبيرة، تضفى نوعاً من الجمال والرقى عند إعطاء العيدية، فضلاً عن الإقبال على شراء «بوكس العيد» المصنوع من طبقات خشب «إم دى إف»، الذى يمكن للمخطوبين والأصدقاء إهداء بعضهم البعض به: «بوكس العيد متقسم كذا جزء.. فيه جزء بيتحط فيه العيدية وجزء للشيكولاتة أو الحلويات.. وكمان فيه إمكانية لطباعة صورة الشخص فى البوكس»، موضحاً أن سعر كارت العيدية لا يتجاوز 30 جنيهاً، وسعر بوكس العيد يتراوح ما بين 75 و120 جنيهاً.