قادت مصر عدة تحركات على المستوى الأوروبى، للرد على مغالطات قرار البرلمان الأوروبى، الذى أصدره أمس الأول، بعدم إرسال بعثة مراقبين للانتخابات البرلمانية المقرّرة فى مارس المقبل، فضلاً عن مطالبته بالإفراج عمّن وصفهم ب«المعتقلين السياسيين»، فضلاً عن التشكيك، الذى حفل به، حول العملية السياسية وخارطة الطريق المصرية، حيث أعرب البرلمان فى قراره عن «قلقه الشديد من القيود المفروضة على الحقوق الأساسية، لا سيما حرية التعبير وتشكيل الجمعيات والاجتماع والتعددية السياسية وسيادة القانون»، فيما رفضت وزارة الخارجية القرار، وقالت عنه إنه «يتضمن مجموعة من الادعاءات والمغالطات والاستنتاجات الخاطئة، التى تعكس عدم إدراك أو دراية بطبيعة وحقيقة الأوضاع فى مصر». والتقى السفير هشام بدر، مساعد وزير الخارجية للشئون متعددة الأطراف والأمن الدولى، ماركوس لونينج، مفوض سياسة حقوق الإنسان بالحكومة الألمانية أمس. وأكد «بدر» فى بيان له، أن المسئول الألمانى أعرب خلال اللقاء، عن تقدير ألمانيا لمصر، وهو الأمر الذى ينعكس على التعاون الاقتصادى المتزايد، وكذلك الاهتمام بمتابعة تطورات أوضاع حقوق الإنسان فى مصر عن كثب، والإنجازات التى حققتها فى تنفيذ خريطة المستقبل السياسية. وأشار «بدر» إلى أن «المقابلة تأتى فى إطار حرص مصر على إبقاء قنوات التواصل والحوار مفتوحة حول مستجدات أوضاع حقوق الإنسان، بما يعكس انفتاحنا على هذا النوع من الحوار وتوضيح الصورة للأطراف الخارجية، بدلاً من اعتماد البرلمان الأوروبى على جهة مجهولة فى الحصول على المعلومات». واعتبر السفير هشام بدر أن زيارة المسئول الألمانى، فى هذا التوقيت المتزامن مع ما تشهده العواصمالغربية من زخم، إثر وقوع الأحداث الإرهابية فى فرنسا، وفرت مناسبة لتبادل الأفكار حول سُبل مكافحة الإرهاب، وما يمثله من تهديد عالمى، والذى أثبتت التطورات والأحداث الأخيرة فى فرنسا أهمية تكاتف الدول لمواجهته، حيث أكد مساعد وزير الخارجية خلال اللقاء، أن هذه الأحداث أبرزت ضرورة التعامل مع هذه الجريمة الدولية بشكل جذرى وشامل، مشدداً على ما برهنت عليه من صعوبة التحديات التى تواجهها مصر، والتى لم ترغب الأطراف الخارجية فى مراعاتها، ومعرباً عن تطلعه لتغيّر هذا النهج والرؤية تجاه طبيعة هذه التحديات. وتطرّق الحديث إلى توازى هذه الأحداث مع تصاعد ظاهرة «الإسلاموفوبيا» فى أوروبا، وأعرب «بدر» عن تقدير مصر لما صدر من تصريحات ومواقف من جانب الحكومة الألمانية، تؤكد عدم الربط بين الإسلام والإرهاب، ورفض نزعة وخطاب الكراهية، بما فى ذلك رفض المظاهرات التى تنظمها جماعات تناهض وجود المسلمين فى أوروبا، موضحاً أن المسئول الألمانى أعرب عن حرص بلاده على التواصل مع مصر ودعمها فى مجال حقوق الإنسان، ومجال مكافحة الإرهاب، بناءً على ما تراه مناسباً من خلال المشاورات الثنائية. فى السياق ذاته، وعلى المستوى البريطانى التقى كل من ناصر كامل، سفير مصر فى لندن، والسفيرة ماهى حسن عبداللطيف، نائبة مساعد وزير الخارجية لشئون حقوق الإنسان والمنظمات غير الحكومية، مع البارونة «إين لى» وزيرة الدولة لشئون حقوق الإنسان البريطانية، حيث أوضحت «عبداللطيف» للوزيرة البريطانية أن مصر رغم كل التحديات السياسية والاقتصادية وحربها ضد الإرهاب تؤكد التزامها الكامل بمعايير احترام وحماية حقوق الإنسان، وهو ما عكسه الدستور المصرى الجديد، الذى تم إقراره فى يناير من العام الماضى، والذى تضمّن مواد غير مسبوقة لحماية وتعزيز حقوق الإنسان، وفى قلبها حقوق المرأة التى لعبت دوراً رائداً فى ثورة 30 يونيو. كما أكدت «عبداللطيف» عدم تمييز مصر بين أبنائها بغض النظر عن العرق أو الدين أو الجنس، وهو ما يحفظ لمصر هوية متسامحة ترسّخت عبر التاريخ، ترفض خطاب الكراهية والحض على العنف، فيما استعرضت الإنجازات التى حققتها الحكومة المصرية فى وقت قصير، على الرغم من التحديات التى تواجهها، وفى مقدمتها ظاهرة الإرهاب، مشيرة إلى خطورة الفكر المتطرّف والداعم للإرهاب، مما يستدعى وقوف المجتمع الدولى لمواجهة هذه الظاهرة. وأضافت أن أحداث باريس وغيرها تُشير إلى أن ظاهرة الإرهاب ظاهرة عالمية، تستوجب تضافر الجهود الدولية والإقليمية لمكافحتها. كما شاركت السفيرة ماهى عبداللطيف فى اجتماعات مؤسسة «ويلتون بارك» الخاصة بتعزيز اللجان التعهدية فى مجال حقوق الإنسان، حيث عرضت الموقف المصرى والتطورات الإيجابية التى تشهدها مصر فى هذا الشأن. من جانبها، أكدت الوزيرة البريطانية، خلال اللقاء، أهمية مصر الاستراتيجية، على المستويين الإقليمى والعالمى، والدور المهم الذى تضطلع به مصر لمواجهة الأزمات التى تمر بها منطقة الشرق الأوسط. وأعربت «الخارجية المصرية» عن دهشتها واستهجانها إزاء القرار الصادر عن البرلمان الأوروبى مساء أمس الأول، بشأن الأوضاع الداخلية فى مصر، حيث تضمّن القرار مجموعة من الادعاءات والمغالطات والاستنتاجات الخاطئة التى تعكس عدم إدراك أو دراية بطبيعة وحقيقة الأوضاع فى مصر، وعدم الارتكان إلى إرادة الشعب المصرى، باعتباره المصدر الوحيد للسلطة والقاضى بما يُتخذ من إجراءات، تحقيقاً لمصلحته، وإصراراً على تبنى منهج أحادى لا يخدم مصلحة تدعيم العلاقات الثنائية بين مصر والاتحاد الأوروبى.