مسؤول فهرسة المخطوطات القبطية: المخطوطات القبطية هي جزء من التاريخ المصري الذي يروي أحداث جرت على مدي سنوات طويلة – من وجه نظر الكاتب- منذ دخول المسيحية مصر، مما دفع الدكتور والباحث إبراهيم ساويرس أستاذ اللغة القبطية بكلية الآثار جامعة سوهاج، والحاصل على الدكتوراه في الدراسات القبطية من جامعة ليدن بهولندا، للبدء في مشروع فهرسة المخطوطات القبطية رقميًا، حتى تكون متاحة للباحثين والمهتمين بالتنقيب في التاريخ المسيحي لمصر. وانتهت المرحلة الأولي من المشروع بفهرسة وإتاحة كافة المعلومات والبيانات حول 292 مخطوطة عبر موقع مؤسسة سان مارك للتراث القبطي بشكل مجاني، باستخدام أحدث الوسائل المتاحة للفهرسة حاليًا. جريدة «الوطن» حاورت الدكتور إبراهيم ساويروس، المسؤول عن المشروع للإجابة عن بعض التساؤلات حول فهرسة المخطوطات القبطية وأهميتها والطرق المستخدمة والخطط المستقبلية، فغلى نص الحوار: ما هو علم القبطيات وما هي مجالات دراسته؟ يمكن القول إن علم القبطيات هو العلم الذي يدرس كل ما هو مادي ولا مادي وعقلي وفكري وحضاري، وثقافي للأقباط بداية من دخول المسيحية مصر بداية من القرن الأول حتى اليوم. وعلم القبطيات هو المسؤول عن دراسة ظهور المنتج المادي واللامادي والفكري للأقباط، والمقصود هنا أن الأقباط هم المسيحيين المصريين، وبالتالي فإن علم القبطيات يتجاوز التقسيم التقليدي للفترات التاريخية التي يتم تدريسها في الجامعات المصرية، فمثلا قسم التاريخ الوسيط يتحدد بفترة زمنية محددة، وكذلك التاريخ الحديث، أو قسم الآثار الإسلامية يدرس ما بعد الفتح الإسلامي، أما علم القبطيات فيدرس المنتج الثقافي للأقباط من دخول المسيحية مصر بداية من القرن الأول وحتى الآن. كما يدرس قسم القبطيات المنتج المادي للمسيحية مثل الفنون والعمارة والمخطوطات، والمنتج الفكري مثل النصوص الأدبية والوثائقية، وتتداخل دراسة علم القبطيات بالعلوم الأخرى، مثل دراسة الفتح العربي من وجهة نظر الأقباط، بالإضافة إلى دراسة العلاقات الاسلامية المسيحية على مر العصور، وكيف تعامل الحكام المسلمين مع المسيحيين خلال الفترات المختلفة، وكيف انتقلت الأديرة من الحكم البيزنطي للحكم الإسلامي، ومقدار الضرائب التي كانت تؤديها للمسلمين، وهو ما تم ذكره في النصوص الوثائقية التي تدرس التاريخ الاجتماعي لمصر، وغيرها من موضوعات متنوعة لا تهمل حتى علاقات القبط بالمسيحيين في العالم تأثيرًا وتأثرًا مثل حالة إثيوبيا وسوريا وغيرها. كيف تستفيد مصر من علم القبطيات؟ استفادة مصر من علم القبطيات غير محدودة، بينها كتابة تاريخ مصر من زاوية أخرى، وإضافة للآداب المنتجة في مصر بداية من الفرعونية والبيزنطية والإسلامية. ويعتبر علم القبطيات مؤثر في دراسة المسيحية العالمية، فهناك بعض الأحداث المسيحية مذكورة باللغة القبطية، بينها نصوص النبي ماني الشهير ببلاد فارس، وذُكرت أفكاره وتوجهاته في الوثائق المكتوبة باللغة القبطية، وليس بلغة بلاد فارس، بالتالي فهي تضيف وجه مختلف لدراسة المسيحية العالمية. دراسة القبطيات تدعم أيضا للسياحة القادمة لمصر، فهي تظهر بشكل مختلف عن الفرعونية والشاطئية المشهورة بها مصر، فهي تظهر وجه ثقافي آخر، وهو ما يظهر في زيارات أديرة الصعيد مثل الدير الأبيض والأحمر بسوهاج، لكن زوارهم من الأشخاص المهتمين بعلم القبطيات والمسيحية، وأطالب بضمها للخريطة السياحية، بما يساهم في الدخل في الدخل القومي لمصر، حيث أن تنوع الوجهات السياحية يزيد من عدد السياح الوافدين. ما هو مشروع الفهرسة الرقمية للمخطوطات القبطية؟ مشروع الفهرسة الرقمية للمخطوطات هو أول مشروع أكاديمي طويل المدي، تنفذه مؤسسة سان مارك التابعة للكنيسة القبطية، وهي جمعية مرخصة غير هادفة للربح، ويرأس مجلس أمنائها البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، وتنظم مؤتمرات دولية ومحلية متخصصة في التراث القبطي. وهذا المشروع فكرتي، تقدمت بها للمؤسسة منذ عام، حيث اقترحت أن يتم إعادة فهرسة المخطوطات القبطية الموجودة بحوزة الكنيسة القبطية، وهذا المشروع يتيح جميع المعلومات للباحثين بالمجان، من خلال قاعدة بيانات متخصصة مفتوحة بعدة لغات بينها العربية الانجليزية والفرنسية والإيطالية، وتم إدخال عناوين المخطوطات وأسماء النسخ باللغة الإنجليزية، وتم ادخال بعض المعلومات بما يسمي النقحرة – وهي كتابة اسم المؤلف القبطي بحروف لاتينية- حتى يتمكن الباحث الأجنبي من استخدامها. والمشروع ممتد، وتم الحصول على إذن قداسة البابا تواضروس بالعمل على مجموعة مكونة من 292 مجلدا من المخطوطات القبطية بعضها عربي والآخر قبطي، والمشروع ممتد بمجموعات مخطوطات سيتم الإعلان عنها لاحقًا. لماذا نحتاج إلى فهرسة المخطوطات القبطية القديمة فهرسة رقمية؟ فهرسة المخطوطات تسهل مهمة الباحث في دراسة المخطوطات القبطية، حيث يمكن للباحث قراءة فهرس رقمي لمخطوطات موجودة في باريس أو ألمانيا أو ايطاليا، أو حتى فهرس ورقي. وتساعد الفهرسة الرقمية الباحث الذي يعمل على موضوع محدد من الأدب القبطي، تساعده في عرض كافة البيانات والمعلومات عن هذا الموضوع، خاصة أن الفهرس الرقمي المصري قابل للبحث من خلال شبكة مع قواعد بيانات أخرى يجمعها من خلال زيارة رابط واحد. وإذا كان الباحث يعمل على موضوع يخص إنجيل متي باللغة القبطية، فبمجرد الدخول على الموضوع يظهر كافة المخطوطات القبطية المتعلقة بكلمة البحث، كما يتم تسهيل مهمة الباحث في تجميع وتقييم النسخ الأقدم وأيهم كاملة أو منقوصة، كما أن الفهرسة المصرية أضافت بيانات عن الناسخين للمخطوطات والواقفين وقوائم مراجع تفيد الباحثين للمخطوطات، وكل هذه المعلومات مجانية يقدمها فريق العمل فهرسة المخطوطات التي شرفت برئاسة فريق المشروع ومعي 9 من الباحثين من مستوى الماجستير أو أعلى. وبسبب الفهرسة يمكننا الاستفادة في أمور أخرى من التاريخ القبطي، حيث يمكن عرض كافة المعلومات عن شخصيات مسيحية التي كانت مهتمة أو مكتوب عنها في المخطوطات، كل هذه المعلومات كتبت في هوامش المخطوطات وقد أتحناها بالكامل للباحثين ويستطيع الباحث عمل نسخ للمعلومات الموجودة سواء كانت باللغة السريانية، أو الجعزية أو القبطية، حيث يتم تقديم معلومات متكاملة عن المخطوطات يوظفها الباحث كما يريد. ما هي أهمية الفهرسة الرقمية؟ الفهرس الرقمي يتجاوز الفهرس الورقي، لأنه بإمكانك الحصول على كم كبير من المعلومات يصعب كتابتها على الورق، وهي مجانية، ويمكن الوصول إلى روابط المخطوطات بالكامل. ما هي قاعدة بيانات Diamond ؟ هي قاعدة بيانات تمتلكها شركة فرنسية يطورها مجموعة من المتخصصين، بالتعاون مع بعض الرهبان الدومينكان، وهم رهبان لهم باع طويل في فهرسة المخطوطات، وتستخدمها هيئات عالمية كبرى في الفاتيكانوباريس وغيرها. لماذا هي من أفضل طرق الفهرسة؟ هي أفضل طريقة لأنها تستخدم قاعدة دايموند للفهرسة وتعمل بقاعدة هرمية، تبدأ بالعمل والتعبير والمظهر والنسخة، وهي تعني كالآتي: العمل، يختص بكتابة المعلومات عن المؤلف سواء مخطوط أو مطبوع. التعبير، وهو الترجمات المختلفة للمخطوطات. المظهر، هي البيانات المتعلقة بالمخطوطة مثل تعليق على المخطوطة أو نقد. النسخة، وهي المخطوط المتاح بين يدي المفهرس، بكل ما يميزه عن النسخ الأخرى وتعتبر طريقة دايموند هي الأفضل لأنها تعتمد على المعايير الحديثة التي اتفق عليها اتحادات المكتبات العالمية المالكة للمخطوطات والكتب النادرة تم الانتهاء من فهرسة 292 مجلد من مخطوطات البطريركية، ما هو العدد المتبقي؟ هذه مجرد بداية وعينة لما يمكن أن تقدمه قاعدة بيانات مؤسسة سان مارك، أما العدد المتوقع فيمكن تحديده بعدة مئات، ولا يمكن تحديد الرقم بدقة، لأن الفهارس الورقية القديمة لم تتطلع على المجموعة بالكامل، ويعمل فريق سان مارك على النسج الديجيتال وليس الأصول حفاظًا عليها. ويمكن القول إنّ المشروع ممتد، ويمكن تحميل كم من المخطوطات غير محدود من نفس قاعدة البيانات، وأقصد هنا المخطوط بالكامل وبالمجان.