بشري سارة للمعلمين والمديرين| 2000 جنيه حافز تدريس من أكتوبر 2026 وفق شروط    حقيقة ظهور فيروس ماربورج في مصر وهل الوضع أمن؟ متحدث الصحة يكشف    ترامب: جميع دول العالم ترغب في الانضمام إلى مجلس السلام حول غزة    بحضور ماسك ورونالدو، ترامب يقيم عشاء رسميا لولي العهد السعودي (فيديو)    ترتيب الدوري الإيطالي قبل انطلاق الجولة القادمة    شبانة: الأهلي أغلق باب العودة أمام كهربا نهائيًا    أوكرانيا تطالب روسيا بتعويضات مناخية بقيمة 43 مليار دولار في كوب 30    "الوطنية للانتخابات": إلغاء نتائج 19 دائرة سببه مخالفات جوهرية أثرت على إرادة الناخب    "النواب" و"الشيوخ" الأمريكي يصوتان لصالح الإفراج عن ملفات إبستين    فرحات: رسائل السيسي ترسم ملامح برلمان مسؤول يدعم الدولة    شمال سيناء تنهي استعداداتها لانتخابات مجلس النواب 2025    النيابة العامة تُحوِّل المضبوطات الذهبية إلى احتياطي إستراتيجي للدولة    أقرب إلى الخلع، وزير الآثار الأسبق يكشف مفاجآت عن وثيقة الجواز والطلاق في عصر الفراعنة    نمو الطلب على السلع المصنعة في أمريكا خلال أغسطس    نشأت الديهي: لا تختاروا مرشحي الانتخابات على أساس المال    انقلاب جرار صيانة في محطة التوفيقية بالبحيرة.. وتوقف حركة القطارات    مصرع شاب وإصابة اثنين آخرين في انقلاب سيارتي تريلا بصحراوي الأقصر    ما هي أكثر الأمراض النفسية انتشارًا بين الأطفال في مصر؟.. التفاصيل الكاملة عن الاضطرابات النفسية داخل مستشفيات الصحة النفسية    إحالة مخالفات جمعية منتجي الأرز والقمح للنيابة العامة.. وزير الزراعة يكشف حجم التجاوزات وخطة الإصلاح    النائب العام يؤكد قدرة مؤسسات الدولة على تحويل الأصول الراكدة لقيمة اقتصادية فاعلة.. فيديو    مصرع شاب وإصابة اثنين في انقلاب سيارتي تريلا بالأقصر    معرض «الأبد هو الآن» يضيء أهرامات الجيزة بليلة عالمية تجمع رموز الفن والثقافة    أبرزهم أحمد مجدي ومريم الخشت.. نجوم الفن يتألقون في العرض العالمي لفيلم «بنات الباشا»    في ذكرى رحيله.. أبرز أعمال مارسيل بروست التي استكشفت الزمن والذاكرة والهوية وطبيعة الإنسان    جميع المنتخبات المتأهلة إلى كأس العالم 2026    شجار جماعي.. حادثة عنف بين جنود الجيش الإسرائيلي ووقوع إصابات    قوات الاحتلال تطرد عائلة الشهيد صبارنة من منزلها وتغلقه    وزير الدفاع الروسي: قوات الصواريخ والمدفعية تلعب الدور الحاسم في تدمير العدو    حبس المتهمين في واقعة إصابة طبيب بطلق ناري في قنا    إنهاء تعاقد مُعلم في نجع حمادي بتهمة التعدي على تلميذ    عاجل مستشار التحول الرقمي: ليس كل التطبيقات آمنة وأحذر من استخدام تطبيقات الزواج الإلكترونية الأجنبية    أحمد موسى: الرئيس دائمًا يؤكد قيمة الوحدة الوطنية.. ودعم البوتاجاز مثال على اهتمام الدولة    الأحزاب تتوحد خلف شعار النزاهة والشفافية.. بيان رئاسي يهز المشهد الانتخابي    وزارة الاتصالات تنفذ برامج تدريبية متخصصة في الأمن السيبراني على مستوى 14 محافظة    آسر نجل الراحل محمد صبري: أعشق الزمالك.. وأتمنى أن أرى شقيقتي رولا أفضل مذيعة    أسامة كمال: الجلوس دون تطوير لم يعد مقبولًا في زمن التكنولوجيا المتسارعة    دينا محمد صبري: كنت أريد لعب كرة القدم منذ صغري.. وكان حلم والدي أن أكون مهندسة    الفنانون يدعمون تامر حسنى فى أزمته الصحية.. هنا الزاهد ودياب: تقوم بالسلامة    أحمد الشناوي: الفار أنقذ الحكام    سويسرا تلحق بركب المتأهلين لكأس العالم 2026    تحريات لكشف ملابسات العثور على جثة شخص في الطالبية    أحمد فؤاد ل مصطفى محمد: عُد للدورى المصرى قبل أن يتجاوزك الزمن    جامعة طيبة التكنولوجية بالأقصر تطلق مؤتمرها الرابع لشباب التكنولوجيين منتصف ديسمبر    فضيحة الفساد في كييف تُسقط محادثات ويتكوف ويرماك في تركيا    زيورخ السويسري يرد على المفاوضات مع لاعب الزمالك    مشروبات طبيعية تساعد على النوم العميق للأطفال    فيلم وهم ل سميرة غزال وفرح طارق ضمن قائمة أفلام الطلبة فى مهرجان الفيوم    طيران الإمارات يطلب 65 طائرة إضافية من بوينغ 777X بقيمة 38 مليار دولار خلال معرض دبي للطيران 2025    «مصر العليا للكهرباء»: 4.3 مليار جنيه مشروعات للغير وفائض تشغيل كبير    وزير المالية: مبادرة جديدة لدعم ريادة الأعمال وتوسيع نظام الضريبة المبسطة وحوافز لأول 100 ألف مسجل    هيئة الدواء: نعتزم ضخ 150 ألف عبوة من عقار الديجوكسين لعلاج أمراض القلب خلال الفترة المقبلة    داعية: حديث "اغتنم خمسًا قبل خمس" رسالة ربانية لإدارة العمر والوقت(فيديو)    هل يجوز أداء العشاء قبل الفجر لمن ينام مبكرًا؟.. أمين الفتوى يجيب    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 18نوفمبر 2025 فى المنيا....اعرف صلاتك    الشيخ رمضان عبد المعز يبرز الجمال القرآني في سورة الأنبياء    التنسيقية تنظم رابع صالون سياسي للتعريف ببرامج المرشحين بالمرحلة الثانية لانتخابات النواب    الملتقى الفقهي بالجامع الأزهر: مقارنة المهور هي الوقود الذي يشعل نيران التكلفة في الزواج    كيف يحدث هبوط سكر الدم دون الإصابة بمرض السكري؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الوطن» تواصل نشر الدراسة البريطانية: «شبه الجزيرة الثائرة» أصبحت أرضاً بلا صاحب (2-2)
بعض زعماء البدو طالبوا دولاً أوروبية بدعم قيام «دولة بدوية» فى سيناء
نشر في الوطن يوم 18 - 10 - 2012

فى الجزء الثانى من الدراسة التى أعدها نيكولاس بيلهام، مدير الأبحاث بمركز TIDA للدراسات فى قطاع غزة، والتى صدرت عن المعهد الملكى للشئون الدولية «تشاتم هاوس» والمعنونة ب«سيناء.. حائط الصد الذى يتآكل».
يركز بيلهام على ما وصفه بانتفاضة البدو ضد «القاهرة» إلى الحد الذى طالب فيه بعضهم بالانفصال عن مصر وإقامة «دولة بدوية» مستقلة، ويرصد أسباب تصاعد تنامى نفوذ حماس، وتنافس كل من زعماء الحركة وإسرائيل على شراء ولاء البدو.. ويختتم الباحث دراسته القيمة بتسليط الضوء على خيارات إسرائيل التى تخشى من تحول سيناء لساحة حرب بالوكالة يقودها الجهاديون من كل دول العالم ضدها.
المجلس العسكري:
فى إطار محاولاته لإعادة السيطرة على تمرد البدو، حاول المجلس العسكرى إحكام قبضته على الحدود مع غزة، وهدد أحيانا بإعادة فرض الحصار عليها، وفى أوائل عام 2012 فرضت السلطات المصرية قيودا شديدة على إمدادات الوقود إلى غزة، مما أدى إلى نقص حاد فى البنزين وإغلاق مؤقت لمحطة توليد الكهرباء فى غزة، وسبق ذلك فى أكتوبر 2011 تأكيد المشير حسين طنطاوى رئيس المجلس العسكرى أن الجيش استعاد «كامل سيطرته على شبه جزيرة سيناء»، لكن استمرار الاختراقات الأمنية قوض مصداقية هذه الادعاءات، وعلى عكس محافظات مصر الأخرى لم تستطع الشرطة أن تعود إلى شوارع سيناء، كما أن التصعيد العسكرى أثار مشاعر البدو مرة أخرى، وفى هذه المواجهات ثبت على وجه اليقين أن القوات غير مؤهلة تماما من حيث التدريب والمعدات للقيام بمهام الشرطة فى شبه الجزيرة الثائرة، فتجار الأنفاق كانوا يتجاوزون نقاط التفتيش دون أى عائق، وحسب المصادر الإسرائيلية فإن المناوشات مع المهربين المسلحين كانت مستمرة يوميا، فضلا عن اختطاف 17 من أفراد شرطة الحدود فى 9 فبراير 2012.
فاتورة الاقتصاد:
ودفع الاقتصاد فاتورة الاضطرابات، فوفقا للأرقام الرسمية الصادرة فى يناير عام 2012 انخفضت عائدات السياحة من 12.5 مليار دولار فى عام 2010 (أى ما يعادل 11.5% من الناتج المحلى الإجمالى) إلى 8.8 مليار دولار فى عام 2011، لكن تدفق اللاجئين الليبيين وأهالى غزة على سيناء أنقذ الموقف، ولولاهم لوصل انخفاض السياحة إلى 45%، خصوصا فى جنوب سيناء التى تحتضن ثلث فنادق مصر. وتراجعت بشدة عوائد مصر من تصدير الغاز لإسرائيل والأردن، بسبب الهجمات المتكررة على خط أنابيب الغاز عبر سيناء، وهبطت بشدة أيضاً صادرات الكويز فى سبتمبر 2011، بعد أن عطل قناصة البدو -مؤقتا- دخول الواردات الإسرائيلية عبر قناة السويس، التى قيل إن الأمن أحبط هجوما إرهابيا عليها فى منتصف مارس الماضى. والضرر الذى لحق بعلاقات مصر الدولية لم يكن أقل خطورة، فاستخدام الصواريخ المضادة للطائرات خلال هجوم أغسطس 2011 على الحدود الإسرائيلية كان يعنى قدرة البدو عسكريا على تهديد الملاحة عبر قناة السويس ومضيق تيران، ووصل عجز الدولة فى سيناء إلى الحد الذى عرضت فيه الأردن التدخل لحماية خط أنابيب الغاز هناك، علاوة على ذلك فإن استهداف ما تبقى من علاقات إسرائيل مع مصر (وهى التجارة المرتبطة باتفاقية الكويز والسياحة وأنابيب الغاز) على أيدى الجماعات المسلحة، هدد بانزلاق مصر إلى جولة جديدة من القتال مع جارتها وزعزعة العلاقات مع حلفائها الغربيين.
محاولات مرسى:
بعد قرار الرئيس مرسى إقالة كبار العسكريين والقيادات الأمنية فى سيناء عقب مذبحة رفح 5 أغسطس الماضى، بدا أن الإخوان حسموا صراعهم مع العسكريين لصالحهم، أى لتغليب المؤسسات المدنية على الأمنية فى سيناء.
وفى مؤشر على الاهتمام الكبير بسيناء زار مرسى شمال سيناء مرتين، ليكون بذلك أول رئيس يفعل ذلك خلال 3 عقود، وفى محاولة لتشجيع التنمية أمر حكومته بتوجيه استثمارات إلى شبه الجزيرة المحرومة، ودفع بأسلحة ثقيلة إلى عمق سيناء لملء الفراغ الأمنى، لكنه فى نفس الوقت تجنب مواجهات مباشرة ومؤثرة مع المسلحين، متجاهلا بذلك نصائح المؤسسة الأمنية التى كانت راغبة فى الانتقام لمقتل الجنود المصريين، وأثبتت الأحداث أن التقارير الأولية التى أشارت إلى مقتل 20 مسلحا فى هجمات بالهليكوبتر على قرى سيناء مبالغ فيها، وكذلك التقارير عن حملة تدمير الأنفاق.
وفى أعقاب عملية التطهير، بدأ مرسى تعزيز سياسة الحوار مع الجماعات المسلحة فى سيناء، بالتنسيق الوثيق مع ممثلى الإخوان المسلمين فى شمال سيناء الذين كانوا يؤيدون التسوية السياسية وليس العسكرية للمشكلة، واستعان مرسى بأعضاء برلمان سلفيين تحت قيادة الدكتور عماد عبدالغفور رئيس حزب النور ومستشار الرئيس لاحقا، للتوسط لدى بدو سيناء من أجل إلقاء السلاح فى مقابل مشاركتهم السياسية، وكان يمكن لهذه السياسة -إلى جانب محاولات إدماج أهالى سيناء اجتماعيا- أن تؤتى ثمارها لولا معارضة عدد من زعماء الجهاديين الذين لم يظهروا حماسا لمبادرات الرئيس.
مطالب الانفصال:
يصعب التكهن بنتائج انتفاضة سيناء، فالحكومة المركزية تحاول بعمليات أمنية متتالية استعادة سيطرتها على سيناء، فى الوقت الذى يمضى البدو فى انتخاب رؤساء قبائلهم بدلا من هؤلاء الذين فرضهم الأمن عليهم، ويسعون لاستعادة تقاليدهم وأعرافهم الخاصة، وإذا أفلحوا فسيشجعهم ذلك على مطالب الحكم الذاتى والانفصال، وهو ما عبر عنه أحد زعماء البدو بقوله: «سنقيم نظامنا الخاص فلدينا قانوننا الخاص، وسجوننا الخاصة، ولدينا أسلحة ثقيلة جاءت من السودان»، وفى كل يوم يتصاعد تحديهم للدولة إلى الحد الذى اضطر قوات حفظ السلام إلى استخدام الهليكوبتر بعد أن عجزت عن نقل مؤنها بالسيارات نتيجة الهجمات المستمرة عليها، بل إن بعض البدو طالبوا دولا أوروبية بدعم دولة بدوية فى سيناء وافتتاح قنصليات لها هناك. ولم ينتبه كثيرون فى الأيام الأولى لثورة 25 يناير إلى مطالبة بعض أهالى جنوب سيناء -الذين حضروا للمشاركة فى مظاهرات ميدان التحرير- ب«دولة بدوية مستقلة»، وأثبتت مذبحة رفح أن سيناء أصبحت أرضا بلا صاحب.
ومع استمرار الحرب فى سيناء ضعفت آمال مرسى فى التوصل إلى اتفاق مع البدو، مما اضطره إلى إرسال دباباته، لكن هذه المرة بموافقة إسرائيل، ومع لجوء مرسى إلى الحل العسكرى بدلا من السياسى تثور الشكوك.. هل ينجح فى أى منهما؟
حماس قنبلة على الحدود:
لم تكن سيناء على أجندة حماس حين صعدت إلى السلطة فى غزة، يناير 2006، لكنها سرعان ما اكتسبت أهمية متزايدة للحركة بعد أن تعاونت مصر والولايات المتحدة وإسرائيل فى حصار غزة وخنقها، فبدأ زعماء الحركة فى البحث عن منافذ تجارية ومالية وعسكرية بديلة، وزاد اهتمام حماس بسيناء كملاذ آمن بعد هروب نحو 350 من القوات الموالية لمحمد دحلان إلى العريش بعد سيطرة حماس العسكرية على القطاع فى يونيو 2007.
ومع صعود الإخوان المسلمين إلى السلطة زادت جاذبية سيناء لهم أكثر وأكثر، وتؤكد الدراسة أن العلاقات التجارية بين أهالى غزة قديمة وعميقة جدا، تدعمها صلات القربى بين المصريين، فثلث أهالى غزة من أصول بدوية، ومن هؤلاء خرج عدد كبير من قيادات حماس، ولعب مبارك - بتواطئه مع إسرائيل فى حصار «حماس فى غزة» - دورا كبيرا فى دفع حماس للتحالف مع بدو سيناء الساخطين على الحكومة المركزية، وترصد الدراسة 3 أسباب لصعود نفوذ حماس فى سيناء؛ أولها الاعتماد التدريجى للأهالى على التجارة «غير الرسمية» مع غزة التى أصبحت بحلول عام 2009 مصدر الدخل الرئيسى لبدو شمال سيناء، مما عزز «القوة الناعمة» لقادة حماس فى سيناء، والسبب الثانى انهيار النظام الأمنى مع سقوط مبارك، أما السبب الثالث فهو زيادة القدرات العسكرية لحماس، مما قوّى من نفوذها فى مصر، ولم يكن هناك ما هو أكثر دلالة على قوة حماس فى غزة من اختيار رجال أعمال فلسطينيين غسل أموالهم - التى حققوها بشكل غير مشروع من خلال بزنس الأنفاق - من خلال موجة من المضاربات على الأراضى داخل وحول العريش، مما أدى إلى ارتفاع كبير فى أسعارها، وتدل القرائن على أن أهالى غزة يسعون ليس فقط لإخفاء أموالهم فى سيناء بل أسلحتهم أيضاً حتى تكون «فى الحفظ والصون».
وفى سعيها لإقامة علاقة تجارية وسياسية جديدة مع مصر عقب الإطاحة بمبارك، عرضت حماس «مساعدات لوجستية» على القوات المصرية فى الجانب الجنوبى من الحدود المشتركة، وأكد مسئولون أمنيون فى حماس أنهم استخدموا مرارا وتكرارا نفوذهم على عشائر البدو لتهدئتهم، أى توسطوا لدى البدو حتى يخففوا من تمردهم ضد السلطات المصرية، والأكثر غرابة أن حماس اضطرت - فى انقلاب كبير فى الأدوار - لإغلاق حدود غزة لمنع تدفق السلفيين الجهاديين من مصر إليها فى فترات الاضطرابات الأخيرة.
والواقع أن صعود الإخوان عزز موقف حماس فى مصر حتى قبل تولى الرئيس مرسى مهام منصبه، ففى حين سعى المجلس العسكرى للحفاظ على العلاقة مع إسرائيل، فإنه لم يستطع تجاهل رغبات جماعة الإخوان التى تدعو لإدخال تعديلات على اتفاقيات كامب ديفيد، ومع تحقيق الإسلاميين نتائج مبهرة بدأ المجلس العسكرى فى أخذ تطلعات الإسلاميين فى الاعتبار، وسعوا مرارا لتهدئة التوتر مع حماس فى غزة، وسمحوا لقادة حماس بالتحرك دون عائق عبر الحدود المصرية، لأداء صلاة الجمعة فى المساجد الكبيرة ومنها الأزهر، وعقد اجتماع لمجلس الشورى فى القاهرة، وفتح مكتب لموسى أبومرزوق نائب زعيم حماس فى القاهرة، وفى فبراير 2012 وقعت هيئة البترول اتفاقية رسمية مع حماس بعيدا عن السلطة الفلسطينية فى الضفة الغربية تلتزم فيها بالوفاء بربط غزة بشبكة الكهرباء المصرية.
وكان لسياسات مرسى الراغبة فى دعم القضية الفلسطينية والمتعاطفة معها انعكاس هائل على حماس التى بات الطريق إلى قصر الرئاسة ومقرى المخابرات ووزارة الدفاع معبَّدا لدخولهم، مما مهد الطريق لتنسيق ثنائى أفضل.
خيارات إسرائيل الصعبة:
منذ نشأتها، تعاملت إسرائيل -التى خاضت 5 حروب مع مصر من 1948 وحتى 1973 فوق أرض سيناء وخسرت فيها 5000 من جنودها- مع سيناء كفناء خلفى لها، ومنطقة عازلة ضد أى محاولات من جانب مصر لتوسيع نفوذها شرقا باتجاهها، وهى المخاوف التى بدأت بتدخل مصر لإنقاذ فلسطين من الغزو اليهودى فى 1948.
وإسرائيل التى لم تكن أبدا راغبة فى الخروج من سيناء اضطرت إلى ذلك بعد حرب 1973، بعد أن أدركت أن ثمن احتفاظها بسيناء سيكون عاليا جدا، ووافقت على توقيع اتفاقية كامب ديفيد 1979.
وقدمت الاتفاقية مزايا هائلة لإسرائيل على مدار أكثر من 30 عاما، فقد تمكنت من تخفيض قواتها على الحدود المصرية وأعادت نشرها على حدودها الأخرى، وساعدها ذلك على خوض عدة حروب على جبهتها الشمالية، وهى آمنة من التهديدات المصرية إلى الحد الذى جعلها تسحب حرس حدودها بالكامل من الجبهة المصرية عام 2007!
لكن بمرور الوقت، خلق غياب القوات المسلحة فى سيناء فراغاً سارعت قوى محلية وإقليمية لملئه. وتفاقم الوضع مع انسحاب إسرائيل من غزة. وحاولت إسرائيل تأمين حدودها بطرق مختلفة منها نشر قواتها أحياناً على طول ممر فيلادلفيا وبناء جدران عازلة، لكن هذه الجهود أثبتت فشلها، وأمام إغلاق إسرائيل الحدود مع غزة خاصة، اتجه سكان القطاع لنقل طرق تجارتهم إلى سيناء، وأقام زعماء حماس علاقات تكافلية مع البدو، مما قوض نفوذ إسرائيل التاريخى على بدو سيناء وأهالى عزة.
ويوضح الكاتب أن البدو فى شمال سيناء ظلوا حانقين على إسرائيل بسبب تهجيرهم لإقامة مستوطنة «ياميت»، على عكس بدو جنوب سيناء الذين يذكرون الإسرائيليين بالخير لتوصيل المياه إلى قراهم وفتح المراكز الطبية أيام الاحتلال.
وكشفت تفجيرات 2004 و2006 للإسرائيليين أن شعور البدو بالولاء لهم ما زال قائما، فقد تجنبوا ضرب الأهداف الإسرائيلية، ومعضلة ساسة إسرائيل -التى أعلنها رئيس حكومتها بنيامين نتنياهو فى سبتمبر 2011 أن سيناء تشكل تهديدا أمنيا لدولته - أنهم غير قادرين على تحديد أفضل الخيارات: هل يتركون حدودهم الجنوبية فى يد جماعات مسلحة ومعادية لكنها متخلفة تكنولوجياً وعسكريا، أم تدعم إسرائيل الجيش المصرى لفرض سيطرته على سيناء، أم تتدخل عسكريا لفرض الأمن بنفسها مستغلة ضعف مصر بعد الثورة؟
الخيار الثالث يمثل الملاذ الأخير إلا أنه محفوف بالمخاطر لدولة تعانى بالفعل من عزلة متزايدة، وفى حالة دخولها سيناء ستفقد حليفتها مصر، وعلى الأرجح جدا الأردن وباقى العالم العربى، لكن عدم التدخل سيمكن حماس من بسط نفوذها على الجنوب، ولا يمانع بعض الإسرائيليين فى ذلك آملين فى أن يؤدى قطع العلاقات مع غزة وحصارها إلى أن يتوجه سكانها الذين يتزايدون بمعدلات مخيفة إلى التطلع إلى فضاء شمال سيناء والزحف عليه كحل لمشاكل القطاع السكانية على حساب مصر، لكن مرة أخرى ترك الحدود الجنوبية لحماس قد يشعل الجبهة الجنوبية ويؤدى إلى حرب استنزاف أخرى قاعدتها سيناء، وفى حالة أى رد عسكرى إسرائيلى ستنهار العلاقات مع مصر، وفى ظل هذا الوضع المضطرب يبقى خيار السماح للحكومة المصرية بإعادة تسليح قواتها فى سيناء «أقل الخيارات سوءا».
وبالفعل بعد هجوم جهاديين على حدودها فى 8 أغسطس 2011 الذى قتل فيه 8 جنود إسرائيليين أذنت إسرائيل لمصر بشن أكبر عملية عسكرية فى سيناء منذ حرب عام 1973 ضد المسلحين. لكن كثيراً من قادة إسرائيل لا يثقون فى قدرة القيادة المصرية أو استعدادها لخوض «حرب على الإرهاب» فى سيناء، فقد فشلت القوات المصرية فى تحقيق أى إنجاز يذكر فى مواجهة المسلحين حتى الآن.
الأمر الذى يجدد الجدل داخل إسرائيل بشأن خياراتها الثلاثة الصعبة مع مصر.. وحتى إذا تجنبت إسرائيل حرباً مباشرة مع مصر والتزمت بسياسة ضبط النفس، فقد تجد نفسها أمام كابوس آخر وهو تحول سيناء إلى ساحة حرب بالوكالة يقودها الجهاديون من كل دول العالم عليها.
سيناء التى لا نعرفها
سيناء (61000 كيلو متر مربع) ضعف حجم منطقة وادى النيل والدلتا فى مصر، وثلاثة أضعاف حجم إسرائيل و200 ضعف حجم غزة.
عدد سكانها نحو 400 ألف شخص، يتركزون على سواحلها وسهولها الشمالية.
تتكون سيناء من 20 قبيلة تتراوح أعداد أفرادها بين 500 و25 ألفاً.
يمثل ال300 ألف بدوى فى المحافظتين 70% من السكان.
العريش أكثر مدن سيناء ازدحاماً ب145 ألف نسمة.
يوجد نحو 165 ألفاً يعيشون حياة بدوية فى جبال جنوب سيناء.
رغم إهمالها فإن نسب البطالة والأمية أقل من المتوسط العام فى مصر خصوصاً فى جنوب سيناء صاحبة ثانى أعلى دخل فى محافظات مصر ال26 بفضل السياحة وإنتاج البترول فى أبورديس.
هناك تفاوت كبير فى الدخول بين البدو والنازحين من محافظات وادى النيل.
معدل المواليد 4 أضعاف المعدلات العامة فى مصر.
يوجد نحو 40 ألف فلسطينى فى 3 مدن بشمال سيناء (رفح والشيخ زويد والعريش) قرب الحدود مع غزة.
أخبار متعلقة:
دراسة بريطانية تحذر: سيناء قد تتحول إلى ساحة «حرب بالوكالة» «1-2»


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.