خرج علينا عدد من رموز جماعة الإخوان يتهمون أشخاصاً مجهولين بارتداء زى الإخوان، وتنفيذ «غزوة الكتائب» التى سقط فيها ما يقرب من 150 جريحاً على أرض «ميدان التحرير» يوم الجمعة الماضى. وبالإضافة إلى ذلك أصدرت الجماعة بياناً رسمياً أعلنت فيه أن «بعض البلطجية الذين يرتدون تى شيرتات عليها شعار حزب الحرية والعدالة قاموا بهذه الجرائم وتم إلصاقها بشباب الحزب والجماعة»! ولست أدرى هل المسئولون داخل الجماعة يعون معنى هذا الكلام الذى خرج على ألسنتهم، أم أن إحساسهم بالإرهاق بسبب حمل عبء الحكم، الذى يبدو أنه ثقيل عليهم، هو الذى أفقدهم رشدهم! هل نسى مسئولو الجماعة أن المجلس العسكرى خرج علينا بعد مذبحة «ماسبيرو» أواخر العام الماضى، وبرر عملية «دهس» المتظاهرين بمدرعات ومصفحات الجيش باتهام بعض المدنيين بالاستيلاء على هذه المركبات وسحق جماجم المحتجين بها؟! هل نسى الإخوان البيانات التى كان يصدرها المجلس أثناء كل مذبحة يرتكبها، ليقول فيها للمواطنين إن أشخاصاً من البلطجية والمسجلين خطر ينتوون ارتداء ملابس عسكرية ليقوموا بالاعتداء على المتظاهرين؟! إن الحجج التى ساقتها الجماعة ورموزها فى تبرير «غزوة الكتائب» تشير إلى العجز عن إيجاد حجة تمكنهم من الانفلات من التهمة، معتمدين على فكرة أن الإنسان «نسّاى» ولن يتذكر بحال أن الجماعة تستخدم نفس الحجة التى سبق أن استخدمها المجلس العسكرى فى تبرير مذابحه! والأدهى مما سبق هو ذلك الحديث عن موضوع «التى شيرتات» الخاصة بالإخوان.. هل يعنى ذلك العودة إلى عصر «القمصان الملونة» والنظام الخاص؟ فقبل عام 1952 كان لكل حزب سياسى مجموعة من الشباب الذين يرتدون زياً موحداً، مثل القمصان «الخصر» أو «الزرق»، وكانوا يلعبون دور الميليشيات. والميليشيات معناها: قوات مسلحة غير تابعة للدولة. وكان هذا الشباب مسئولا عن الدفاع عن الحزب باستخدام القوة اليدوية أو السلاح. وقد أنشأ الإخوان ما يسمى ب«النظام الخاص» الذى كان له دور معروف فى الاغتيالات السياسية فى مصر قبل عام 1952، وكان له أيضاً - للإنصاف- دور فى مقاومة الاحتلال الإنجليزى وحرب فلسطين عام 1948. إن أداء الجماعة حالياً يفتقر إلى أدنى درجات الثبات الانفعالى. وليس أدل على ذلك من محاولة دفع التهمة عن الذات بالتورط فى تهمة أكبر! ذلك ما يفعله رموز الإخوان، وكتّاب بياناتهم. ويبدو أن كل قوة تجلس على مقعد الحكم فى هذا البلد يصيبها «وباء» اسمه «الغباء»، فتجد قدرتها على التفكير قد تعطلت، ورغبتها فى الاجتهاد قد فترت، وطاقتها على الصبر قد نفدت، وجهلها بالأشياء قد زاد، وحلمها على الآخرين قد باد، حتى لو أدى ذلك إلى سحق العباد!