قرأت تصريحاً منذ بضعة أيام لنكرة، يسمى «جمال زهران» (وكنت أظن أنه الشقيق الأكبر ل«تيفال زهران») يطالب فيه بإعادة محاكمة مبارك سياسياً (قال يعنى جاب التايهة)، ويطالب أيضاً بملاحقة القاضى الذى أصدر الحكم ببراءته، وهى سابقة لم تحدث فى تاريخ القضاء المصرى من قبل!. ثمة مفارقة هنا تدل على جهل أو غرض أو كليهما معاً، فمطالبة هذا الكائن المتحول بمحاكمة مبارك سياسياً، تعنى ضمناً التسليم ببراءته جنائياً، فمن أين أتته الجرأة ليطالب بملاحقة القاضى؟. أين شرفاء الهيئة القضائية من هذه البذاءة وهذا الجهل؟. أين نادى القضاة؟. وأين أسد القضاء المصرى أحمد الزند؟. بطاقة جمال زهران الشخصية تقول إنه أستاذ للعلوم السياسية فى كلية التجارة، جامعة قناة السويس (فرع بورسعيد)، لكنه يعانى من عقدة عدم التدريس فى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة، الأمر الذى جعله حانقاً وحاقداً على كل أساتذتها ممن يعملون فى الحقل السياسى.. ومع ذلك فإن الواقع يقول إنه أقل من أن يكون تلميذاً فى أسوأ مدارس النفاق السياسى. وأول وأقرب دليل على ذلك هو أن هذا المنافق اللزج كان عضواً فى برلمان 2005 -برلمان حسنى مبارك- وكانت له صولات وجولات نفاق ومصالح شخصية مخجلة.. إذا تأملتها (وسيأتى ذكرها لاحقاً) ستكتشف أنها علامات صغرى على «فساد مبارك» الذى يناضل ضده الأخ جمال زهران منذ اندلاع مؤامرة 25 يناير. وعلى ذكر المؤامرة فإن هذا الكائن ذا الوجه البيضاوى، الشبيه ب«طاسة القلى»، أطلق فى أغسطس الماضى تصريحاً أخرق يطالب فيه ب«إعدام» كل من يسمى «ثورة 25 يناير» مؤامرة، ويصنف هذه التسمية باعتبارها «خيانة عظمى». لا أعرف متى أصبح هذا «الطاسة» من ثوار 25 يناير؟.. وعلى أى أساس؟.. وما الذى لم يأخذه من نظام مبارك -بعد كل الذى أخذه- ليصبح عدواً لدوداً لهذا النظام؟. هذا واحد من طابور منتفعين طويل أدركته حرفة الثورة بعد أن أتخمته تشوهات نظام مبارك، وأنهكه الطواف حول موائده!. هذا واحد من طابور طويل لم يكن يجرؤ على رفع صوته فى وجه نظام مبارك إلا بإذن وبمعرفة رجال هذا النظام: ليس رعباً فحسب.. بل لتمرير منافع شخصية مخزية، فضلاً عن أن بعضها مخالف للقانون. لن أسمى هذا الطابور، فالمجال أضيق من أن يستوعب كل الذين ركبوا موجة العداء لنظام مبارك بعد سقوطه، وأصبحوا ثورجية بعد أن سقطت الثورة وأحيطت بالشبهات وكرهها المصريون بقدر كرههم وخوفهم على بلدهم مما يحاك ضده من مؤامرات. لكننى سأكتفى هنا بالأخ جمال زهران، إذ تبين لى أنه نموذج صارخ لفساد النخبة السياسية و«دناوتها». الأخ جمال تيفال زهران كان معجوناً فى نظام مبارك، إذ ألَّف كتاباً أيام أن كان عضواً فى برلمان مبارك بعنوان «النظام السياسى فى عهد مبارك - دراسة مقارنة» أشاد فيه بهذا النظام وبحكمته، وهو من الناحية العلمية كتاب نفاق، بلا قيمة، لكنه وقت صدوره كان كتاباً «عظيماً» بقدر ما كانت منافعه السابقة واللاحقة «عظيمة». والأخ جمال طلب وساطة الدكتور على الدين هلال -الذى أشرف على رسالة الدكتوراه الخاصة به- ليكلم الدكتور زكريا عزمى للحصول على ترقية، وبعد أن حصل على الترقية كافأ الدكتور زكريا واستعان به للتدريس فى قسم العلوم السياسية بالجامعة، وعندما كان عضواً فى البرلمان مارس ضغطاً هائلاً على سامح فهمى، وزير البترول آنئذ، وطلب منه «تعيينات» فى شركة مصر للبترول، لكن رئيس الشركة رد على الوزير قائلاً: إن هذا العضو «هرانا تعيينات»، فما كان من الأخ جمال زهران إلا أن «هرى» سامح فهمى هجوماً فى البرلمان، والأخ تيفال زهران منح رسالة دكتوراه لعبدالمنعم عمارة رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة الأسبق، وكان زهران يعمل مستشاراً له. وقصة العداء مع عدلى حسين، محافظ القليوبية الأسبق، نموذج صارخ لتجرؤ الأخ زهران على القانون وعلى حق الدولة، إذ كانت لدى شقيقه عمارة مخالفة فى شبرا الخيمة، لكن المحافظ أصر على تطبيق القانون والتصدى لهذه المخالفة وتنفيذ قرار الإزالة، ف«هراه» استجوابات فى مجلس الشعب، والأخ جمال زهران الذى نام على فخذ نظام مبارك سنوات طويلة واستيقظ ثورجياً بعد 25 يناير، حاول أن يلحق بقطار الإخوان، وكان قد تحالف معهم أيام البرلمان، لكنهم أنزلوه من فوق منصة الميدان، ومع ذلك تورط فى نفاقهم وسافر إلى إيران، وكانت حليفة محتملة للإخوان فى ذلك الوقت، كما ظل وفياً لشريكه الإخوانى محمد البلتاجى، حتى أنعم الله على المصريين بزوال حكم عصابة الإخوان وإلقاء كوادرها المحرضة فى غياهب السجن. الفضائح كثيرة، يندى لها الجبين، ولو كانت لدى هذا «الطاسة» ذرة من تعفف وكبرياء أستاذ الجامعة.. لدفن نفسه إكلينيكياً أو تقمع ب«طاقية الإخفا» حتى لا نرى سحنته التى تنضح كذباً ثورياً، ولولا زفارة لسانه.. لولا أنه عار على من يسمون أنفسهم «ثوار 25 يناير».. لولا أن الأشياء تعرف بنقائضها، وبهذا الكائن «الطاسة» تستطيع أن تعرف قيمة مناضل صلب مثل علاء عبدالمنعم، أو برلمانى شجاع مثل الراحل طلعت السادات.. لولا كل ذلك ما ضيعت وقتى ووقت القارئ فى الكتابة عن هذا النكرة!