قال «كمال رزيق»، وزير التجارة وترقية الصادرات الجزائري، إن للتجارة الخارجية في برنامج عمل الحكومة الجزائرية مكانة خاصة، ليس فقط لعلاقتها بالمبادلات التجارية والتوازنات المالية، ولكن أيضاً لدورها في تهيئة وضمان ظروف تنمية مستدامة، ومساهمتها في تنويع الاقتصاد الوطني. جاء ذلك خلال كلمته ب«المنتدى الاقتصادي المصري - الجزائري المشترك»، الذي ترأسه الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، وأيمن بن عبدالرحمان، الوزير الأول الجزائري، والمقام بالمركز الدولي للمؤتمرات بالجزائر العاصمة، تحت شعار «الجزائر مصر: تاريخ وقواسم مشتركة في خدمة الشراكة الاقتصادية الواعدة». واستهل وزير التجارة وترقية الصادرات الجزائري كلمته بالترحيب بأعضاء الوفد المصري في الجزائر، متمنياً لهم إقامة طيبة، كما رحب بكل الحاضرين في المنتدى الاقتصادي الثنائي الجزائري المصري. التحرر من الريع النفطي وتشجيع الإنتاج الوطني وأضاف: «الخطة المُسطرة لتأطير أفضل للتجارة الخارجية في الجزائر تعتمد بالأساس على العمل على التحرر من الريع النفطي من خلال تشجيع الإنتاج الوطني والرفع من مستوى تنافسيته وترقية الصادرات خارج المحروقات بهدف الوصول إلى اقتصاد متنوع، مبتكر، مندمج في سلسلة القيم الجهوية، الإقليمية والعالمية ومتمحور حول التنمية المستدامة». وأشار «رزيق» إلى أنه انطلاقا من هذه القناعة، كرست الجزائر جزءًا كبيرًا من مواردها لتوفير نسيج من المنشآت والمشروعات الهيكلية الضرورية لضمان سلاسة في النشاط التجاري سواء على المستوى الوطني أو المستوى الخارجي، منها على سبيل المثال فقط لا الحصر، الطريق العابر للصحراء، المعروف بطريق الوحدة الإفريقية. وأوضح أن هذه المنشآت والبنى التحتية ستعطي دفعا جديدا لآلة الإنتاج لما تمنحه من تسهيلات وانسيابية للنشاط التجاري بالنظر إلى الدور المهم الذي يلعبه الجانب اللوجيستي في تخفيض التكلفة والمساهمة في تنافسية المنتجات في الأسواق الخارجية. الانخراط في التكتلات التجارية والاقتصادية الإقليمية والعالمية وتابع: «هذا ما يقودني إلى التطرق إلى جانب هام من السياسة التجارية الخارجية للجزائر، والمتمثل في التعاون الدولي والشراكة، حيث إنه بين الآليات المهمة في تحقيق الأهداف المسطرة هو الانخراط في التكتلات التجارية والاقتصادية الإقليمية والعالمية». ولفت إلى أنه بعد اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي وبعد منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، وبالنظر إلى البعد الإفريقي للجزائر، جاء الدور لإعطاء دفعة جديدة للعلاقات الاقتصادية والتجارية مع البلدان الإفريقية من خلال منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية. واستكمل: «في هذا الشأن، أود أن أبرز نقطة مهمة فيما يخص الانفتاح الاقتصادي للجزائر على الاقتصاد العالمي والنظام التجاري المتعدد الأطراف، والتي تتمثل في أن انخراط الجزائر بالمناطق الحرة الثلاث، يترجم التوجه نحو علاقات تجارية واقتصادية شفافة مبنية على منطق التكامل والاندماج الإقليمي والقاري، كيف لا والمبادلات التجارية للجزائر تتم مع أهم شركائها التجاريين بدون دفع الحقوق الجمركية كما أنها سوف تتوسع إلى البلدان الإفريقية ليصل العدد الإجمالي للبلدان التي سيتم إعفاء منتجاتها من دفع الرسوم الجمركية إلى 90 بلدًا تقريبًا».
وأكد وزير التجارة وترقية الصادرات الجزائري أن العلاقة الخاصة التي تميز البلدان الإفريقية فيما بينها، بالنظر إلى العديد من القواسم المشتركة سيساهم في الوصول إلى تكامل اقتصادياتنا وتفعيل الاندماج والتبادل البيني الأفريقي، من خلال تشجيع استغلال المواد الأولية الإفريقية في تصنيع وإنتاج سلع وبضائع ضمن النطاق الإفريقي مع تسويقها إفريقياً بأقل تكلفة. البلدان الإفريقية لا تتاجر فيما بينها بقدر ما تتاجر مع المناطق الأخرى وتحدث عن تحليل المبادلات التجارية البينية الإفريقية، الذي أظهر أن البلدان الإفريقية لا تتاجر فيما بينها بقدر ما تتاجر مع المناطق الأخرى، حيث لا تتعدى المبادلات التجارية الإفريقية 16% من الصادرات الإفريقية، في حين أن النسبة تفوق 50% في القارات الأخرى: «ينطبق هذا الحال على المبادلات التجارية للجزائر مع البلدان الإفريقية، حيث تتم معظم المبادلات التجارية الإفريقية للجزائر 80% مع بلدان شمال إفريقيا، ومنها دولة مصر الشقيقة». واستطرد: «بلغة الأرقام، سجلت المبادلات التجارية بين الجزائر ومصر حجما إجماليا قدره 787 مليون دولار أمريكي في سنة 2021، مع تسجيل عجز في الميزان التجاري لصالح مصر قدر ب 425 مليون دولار أمريكي، وعليه، وإيمانا منا بكون الاستثمار رافدا مهما من روافد التنويع الاقتصادي ويشكل حلقة مهمة في سلسلة الإنتاج والتسويق، فقد تم مراجعة قاعدة 49/51، واقتصارها على بعض القطاعات الاستراتيجية، بالإضافة إلى قانون الاستثمار الجديد الذي سيدخل حيز التنفيذ قريباً جداً، والذي يحمل في طياته تسهيلات كبيرة وكثيرة للمستثمرين الأجانب والوطنيين دون تمييز». وقال وزير التجارة وترقية الصادرات الجزائري: «قبل أن أختم مداخلتي، أود أن أعرج على نقطة أخرى من خارطة الطريق المسطرة من قبل الحكومة في مجال التجارة الخارجية، والمتمثلة في استحداث مناطق حرة على مستوى المناطق الحدودية، كخطوة أولى، ومشروع القانون المتضمن القواعد العامة المطبقة على المناطق الحرة، يندرج في إطار توجيهات السلطات العمومية الرامية إلى تعزيز الاستثمار والإنتاج وتنويع الاقتصاد الوطني، كما يهدف إلى تحفيز الإنتاج الوطني وترقية الصادرات خارج المحروقات». وتوقع أن تعطي تلك الجهود دفعاً جديدا للاقتصاد الجزائري في القريب العاجل، ودعا رجال الأعمال المصريين ومختلف الفاعلين في عالم الأعمال لتعزيز تواجدهم في الجزائر والمساهمة في الدفع بالعلاقات الاقتصادية والتجارية إلى مستويات وآفاق جديدة مبنية على مبدأ البراجماتية الإيجابية «رابح - رابح».