لجأ الكثير من مربىِّ الدواجن إلى غلق مزارعهم بقرية برما فى الغربية، إثر انتشار مرض إنفلونزا الطيور الذى تسبب لهم فى خسائر فادحة تسببت فى تراكم الديون على أصحاب المزارع فلم يجدوا سبيلاً سوى بيع مزارعهم لتسديد ديونهم. «الإنفلونزا أجبرتنى على غلق مزرعتى الصغيرة التى ورثتها عن والدى وجدى.. أخرج فجر كل يوم وأعود بعد المغرب لأبيع الدواجن والبط ذات الأعمار الصغيرة، ولا أبيع البضاعة بالكامل».. كلمات وصف بها وليد محمد، 33 عاماً، معاناته اليومية فى بيع الطيور لربات المنازل فى منازلهن. «وليد» الذى لجأ إلى العمل كبائع متجول للطيور بعد إغلاق مزرعته بقرية برما، التابعة لمركز طنطا، يعمل منذ صغره فى تربية الدواجن والإوز والبط، وكان يعمل مع والده فى مزرعته الصغيرة، وواصل عمله داخل المزرعة عقب وفاة والده، وكانت تعود عليه بالربح المقبول. ولفت «وليد» إلى أن ظهور مرض إنفلونزا الطيور جاء بالخراب عليه، فأجبره على غلق مزرعته بعد أن تراكمت عليه الديون وأصبح مهدداً بالسجن وتشريد أسرته المكونة من 4 أطفال وزوجته، وقام ببيعها لسداد ما عليه من ديون واشترى دراجة بخارية يستخدمها فى بيع «الدواجن والبط والإوز» لربات البيوت بالقرى، والتى يطلق عليها عامل السبوبة أو الديليفرى. وعن عملية بيع الطيور، أوضح «وليد» أنه يستيقظ من نومه يومياً لأداء صلاة الفجر، ثم يخرج من منزله مستقلاً دراجته التى تحمل «أقفاص الطيور»، متوجهاً بها إلى إحدى المزارع ليبتاع البضاعة (الدواجن والبط والإوز) والتجول بها فى القرى، مشيراً إلى أنه يتجول فى جميع قرى مركز طنطا والمراكز المجاورة، وكله حيوية ونشاط لينتهى من بيع بضاعته قبل ال10 صباحاً، ليعود بعدها إلى صاحب المزرعة ليسدد له مستحقاته. وأوضح أن فصول الصيف والخريف والربيع تعتبر أيام الخير لهم ولأصحاب المزارع، حيث تشهد تلك الشهور إقبالاً كبيراً من قبَل ربات المنازل على شراء الطيور وتربيتها، لكن هذا الإقبال يتراجع بشكل كبير فى فصل الشتاء الذى وصفه ب«فصل الفقر والجوع»، وذلك بسبب مرض الإنفلونزا الموسمى الخبيث الذى يمثل «البعبع» لربات البيوت ويمنعهن من شراء الدواجن والبط والأوز لتربيتها، حيث يفضلن اللجوء إلى شراء اللحوم من محلات الجزارة، وهو ما يتسبب له ولزملائه فى تعب وإرهاق طوال اليوم بسبب التجول على المنازل دون فائدة، بعد أن كانوا يبيعون بضاعتهم خلال 3 ساعات، وهو ما تترتب عليه خسائر مالية وتراكم الديون عليهم لأصحاب المزارع. ويلتقط طرف الحديث عماد إبراهيم، 37 عاماً، قائلاً: «ربات البيوت فى كل قرى مركز طنطا والمراكز المجاورة يعرفننى ودائماً زملائى يصفونى بملك بيع الطيور وهذا يرجع إلى خبرتى الكبيرة الناتجة عن طول فترة عملى فى تلك المهنة، فمنذ صغرى وأنا أمتهن بيع الطيور فى القرى حتى أصبحت هناك عشرة وثقة كبيرة بينى وبين عملائى، وإذا تغيبت لفترة يسألون عنى، لكن رغم ذلك فمرض الإنفلونزا هزمنى، فلم أقدر على إقناع ربات البيوت بشراء الطيور فى فصل الشتاء». وأشار إلى أنه بعد تدهور الأحوال لجأ إلى بيع الدواجن الكبيرة التى لا تحتاج لتربية، ودائماً يحاول إقناع ربات المنزل بأن المرض لا يصيب الإنسان فى حالة تناول الدواجن بعد الطهى الجيد على النيران، وهذا ما أكده الأطباء والمسئولون بوزارة الصحة، لكن كلامه كان يقابل برفض شديد ما أصابه بخيبة أمل كبيرة.