عبر طريق ضيق يستقر على جانبيه عدد من الورش، يسير الشاب حاملًا على ظهره علبة سوداء، يجد طريقه إلى "كنبة" خشبية تستند إلى الجدار، يستخرج "الكمان" من علبته، ويبدأ العزف فيترك "الصنايعية" أعمالهم ويتجمعون حوله.. مشهد بطله شاب مصري استهدف منه الترويح عن الفقراء الذين تمنعهم الحاجة من الذهاب إلى الأوبرا والاستمتاع إلى الموسيقى. "العزف للبسطاء".. فكرة صغيرة تبلورت وأصبحت واقعًا يخلقه "مؤمن" في شوارع مدينته المنصورة، قال مؤمن عازف الكمان: "الفكرة حققت هدفها والناس البسيطة اللي رحت لهم مكان شغلهم، وكانوا مبسوطين وطلبوا أغاني معينة أعزفها لهم"، موضحًا أن أغاني أم كلثوم وعبدالحليم حافظ ومحمد عبدالوهاب كانت من أكثر الأعمال التي طلب منه العاملون في الورش عزف موسيقاها على الكمان. قهوة "الحسينية" لم تكن المقصد الأول للشاب العشريني، بعدما سبق له تأدية عدة ألحان على الكمان في "العباسي" أحد الشوارع المعروفة في مدينة المنصورة، وفي محيط مديرية الأمن عقب تفجيرها بعدة أسابيع، أضاف: "فكرة أني أعزف للبسطاء جزء من فكرة أكبر اسمها مزيكا الشارع بحاول أعرف الناس بيها وأوصل لمرحلة إنهم يتقبلوها". محاولات "الكمنجاتي"، كما يسمي نفسه لممارسة "مزيكا الشارع"، التي بدأها قبل عام واحد، لا يقابلها دائمًا ردود أفعال إيجابية. أشار مؤمن أن :"الطبيعي لما تشوف حد بيعزف في الشارع يا تسمعه يا تمشي، لكن للأسف ده مبيحصلش ونادر لما حد يقول تعليق إيجابي أو يقف يسمع"، يروي طالب السياحة والفنادق، كيف حاول أحد المارة إجباره على عزف "تسلم الأيادي" أو التوقف عن العزف نهائيًا، وكيف نعته آخر بكلمة "أخ" بغرض السخرية مما يفعل. حلمه أن تصبح "مزيكا الشارع" أمر عادي يألفه المصريون، لم يتحقق بعد، إلا أن عشقه ل"الكمانجا" يدفعه دومًا إلى تكرار التجربة بين الحين والآخر أملًا في إحداث نوع من التغيير.