خلال العقود الأخيرة تم الترسيخ لتداول خطاب دينى بتوجهات بعيدة كل البعد عن الخطاب الدينى الوسطى والمعتدل، الذى يشكل جزءاً رئيسياً من هوية وثقافة الشعب المصرى. فكان الخطاب الدينى الإخوانى الذى يعتبر أن غير الإخوان ليسوا مسلمين (استعلاء) ويتبنى أفكاراً شاذة كالسمع والطاعة (العبودية) والامتثال للمرشد (فقدان الإرادة) وهو خطاب دينى متفجر وقاتل يبحث أصحابه عن السلطة باسم الدين. والخطاب الدينى السلفى الذى يعتقد أصحابه أنهم أوصياء علينا باسم الدين وهم بين سلفى عاشق لآراء وأفكار علماء القرون الأولى من الإسلام ويرى أن إعمال الفكر بدعة، وسلفى جهادى يرى أن من يخالفه فى الرأى كافر وقتاله فريضة، وسلفى تكفيرى يكفر الجميع ويستبيح دماءهم، والخطاب الدينى لجماعات تدعى أنها إسلامية تتشيع لأمير وتعتبره مبعوثاً إلهياً تمتثل لما يأمر به من قتل وتخريب، أمام هذه الفوضى من خفافيش الظلام وغربان الخراب وعشاق الجاهلية الأولى الذين يتاجرون بالدين، فإن الخطاب الدينى المعتدل والوسطى، الذى يملكه الأزهر الشريف هو الملاذ الأخير لإنقاذ مصر والأمة الإسلامية من خطاب دينى يتبناه تجار الدين والدواعش والإرهابيون بتوجهاتهم الدينية المنحرفة. تجديد الخطاب الدينى أصبح ضرورة ملحة لا تحتمل التأخير وهناك تردد وتأجيل متعمد من البعض. تجديد الخطاب الدينى لا يعنى إهدار التراث الإسلامى، فهو جزء أصيل من تراث الأمة. فقط نريد خطاباً دينياً يتماشى مع مقتضيات العصر يرسخ للتسامح ويدعو إلى المودة والرحمة، خطاباً يوحد الأمة ويحفظ الدين فى صورته النقية بعيداً عن الجمود والركود والتقليد الأعمى، تجديد الخطاب الدينى مسألة شجاعة وعلم يمتلكهما فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر وعلماؤه الأجلاء ولن يتخلوا أبداً عن مسئولية دينية ووطنية وأخلاقية لإنقاذ أمة باتت فى خطر.