ما يحدث فى محافظة الجيزة دليل صارخ ليس فقط على فشل خطة ال100 يوم، وإنما أيضاً على أن الأمل فى إصلاح هذا البلد، أصبح صعباً، إن لم يكن مستحيلاً، فقد سبق أن كتبت هنا عما يحدث فى المحافظة من إهدار لحقوق الناس، فى أن يحيوا حياة آدمية، وقلت إن شارع الهرم تحول إلى شارع للمجارى والقمامة والإهمال مثله مثل عشرات الشوارع العشوائية فى مصر، ورغم مرور أسابيع طويلة، فإن الوضع يزداد سوءاً والمجارى التى كانت تغرق عدداً من الشوارع المهمة على بعد أمتار من الشارع الذى كان سياحياً، أصبحت تغرق العمارات من الداخل، وتهدد صحة سكانها، بل وتنذر بانهيارها فى أى لحظة، فى ظل إهمال وتجاهل غير مسبوق من المسئولين فى المحافظة بداية من المحافظ، وحتى مسئولى الصرف الصحى، وهيئة النظافة والتجميل، فهذه الجهات اكتفت طوال الشهور الماضية بمجرد كسح مياه المجارى، كلما أصبح عبور المواطنين وسير السيارات فى الشوارع مستحيلاً، ولكن هذا الحل لم يعد مجدياً مع استفحال المشكلة، وتحول مناطق عديدة إلى برك، بعد دقائق معدودة من كسح ما بها من مخلفات بشرية، وقبل يومين تفتق ذهن المسئولين بالمحافظة إلى حل جهنمى للتخلص من الأزمة ولو مؤقتاً، وهو قطع مياه الشرب عن أجزاء كبيرة من الهرم، لمدة اقتربت من 20 ساعة، دون أن ينذروا الناس بأنه سيتم قطعها، حتى يستعدوا، بتوفير احتياجاتهم من المياه، وألف المسئولون قصة وهمية، تقول: إن ماسورة مياه قد انفجرت، وجارٍ إصلاحها، وهو ادعاء كاذب، ولما اكتشف الناس ذلك، أخبروهم بأنه يتم تطهير مياه الشرب من مياه الصرف الصحى، وهذا إن صح تكون الكارثة أعظم، والجريمة أخطر من مجرد قطع المياه عدداً كبيراً من الساعات، ويكون المسئول الأول عنها هو المحافظ، ويجب إقالته، هو ووزير التنمية المحلية، فوراً وقبل وقوع كوارث تسمم جديدة، خاصة أن شارع المجارى، أقصد شارع الهرم، هو نفسه الشارع الذى يقع فيه مكتب المحافظ، وأكيد سيادته يشم رائحة المخلفات التى تزكم أنوف الجميع، خاصة أنها منذ سنوات، وليس أسابيع، لكن المحافظ لم يكلف نفسه، هو أو من كان قبله عناء توجيه التعليمات، للمسئولين فى هيئة مياه الشرب والصرف الصحى، أو النظافة والتجميل بأن يقوموا بواجبهم الذى من أجله يتقاضون رواتبهم، التى ندفعها نحن من أموالنا فى صورة ضرائب شهرية. والحقيقة أن المهزلة فى الجيزة لا تنتهى فقط عند مجرد حياة فوق مياه المجارى بسبب إدارة محلية فاشلة، أو اختلاط مياه الشرب بالصرف الصحى، وإنما الأمر أخطر من ذلك بكثير، فمخالفات العقارات بلا حدود، والكلام عنها وعن أصحابها شرحه يطول، أما المرور والخبز والبلطجة والوقود، فهى مشاكل خرجت تماماً من اهتمامات قيادات المحافظة وأحيائها. نعم، إن ما يحدث فى مصر كلها ليس وليد اليوم، وليس مسئولية الرئيس محمد مرسى وحده، إنما هو نتاج فساد حكم عسكرى استمر 60 عاماً؛ لكن المسئول الآن هو محمد مرسى، وعليه أن يتخذ إجراءات سريعة بتطهير المحليات التى أصبحت رمزاً للفساد الذى لا يصلح معه إلا البتر، وإن لم يفعل، فالمؤكد أنه يكون هو المسئول الوحيد عن استمرار هذا الإهدار لآدمية المصريين فى وطنهم.