تنسيق الأدبي 2025.. أقسام وطبيعة الدراسة في حقوق حلوان    محافظ أسوان يكرم "إبتسام" خامس الجمهورية في الثانوية الأزهرية (صور)    سهم "البنك تجاري الدولي" يسجل مستوى قياسي جديد قرب ال 95 جنيها اليوم    وزير الإسكان يبحث مع "الوطنية للمقاولات" تسريع مشروعات البنية    "اتحاد أئمة" وهمي يدعو لمظاهرة ضد مصر في تل أبيب لدعم غزة: خدنا تصريح إسرائيل    ترامب: نعمل على خطط جديدة لغزة وإنشاء مراكز غذاء مفتوحة بلا قيود    موجة حر تضرب أوروبا.. حرائق غابات مدمرة تجتاح اليونان والآلاف ينزحون من منازلهم    رسميا.. الزمالك يعلن ضم المغربي عبدالحميد معالي    كتل الدخان تتصاعد للسماء.. شاهد الصور الأولى لحريق مطعم شهير بالإسكندرية    ننشر أسماء أوائل الثانوية العامة علمي علوم في جنوب سيناء    تقودها طفلة وشقيقتها.. مصرع شخص دهسته سيارة في إمبابة    "راكعة على قدميها".. ماجدة الرومي تقدم العزاء إلى فيروز    وفاة زياد الرحباني- ما المرض الذي أنهى حياته؟    ترامب وستارمر: مراكز مساعدات مفتوحة لغزة    طريقة عمل التورتة بمكونات بسيطة في البيت    توجيهات بترشيد استهلاك الكهرباء والمياه داخل المنشآت التابعة ل الأوقاف في شمال سيناء    «الأعلى للإعلام» يُلزم 3 مواقع بسداد غرامات مالية بسبب مخالفة «الضوابط والمعايير والأكواد»    موسكو تبدأ رحلات مباشرة إلى كوريا الشمالية وسط تراجع الخيارات أمام السياح الروس    اندلاع حريق فى أحد المطاعم بمنطقة المنتزه شرق الإسكندرية    توجيهات رئاسية بمواصلة التنسيق مع الجهات المعنية لتعزيز قدرات الأئمة وتأهيل الكوادر    كمال حسنين: كلمة الرئيس السيسى كانت "كشف حقائق" ومصر أكبر داعم لفلسطين    مران خفيف للاعبي المصري غير المشاركين أمام الترجي.. وتأهيل واستشفاء للمجموعة الأساسية    عمار محمد يتوج بذهبية الكونغ فو فى دورة الألعاب الأفريقية للمدارس بالجزائر    ضعف المياه بشرق وغرب بسوهاج غدا لأعمال الاحلال والتجديد بالمحطة السطحية    الغرف التجارية: تطوير قطاع العزل والنسيج خطوة نحو استعادة مكانة مصر الرائدة    فريق جراحة الأورام بالسنبلاوين ينجح فى استئصال كيس ضخم من حوض مريضة    هدى المفتي تنفي خبر ارتباطها بأحمد مالك    لمواجهة الكثافة الطلابية.. فصل تعليمي مبتكر لرياض الأطفال بالمنوفية (صور)    السيسي: قطاع غزة يحتاج من 600 إلى 700 شاحنة مساعدات في الإيام العادية    مهرجان الإسكندرية السينمائي يكرم فردوس عبد الحميد بدورته ال 41    حملات الدائري الإقليمي تضبط 18 سائقا متعاطيا للمخدرات و1000 مخالفة مرورية    الفنان محمد رياض يودع السودانيين فى محطة مصر قبل عودتهم للسودان    ينطلق غدا.. تفاصيل الملتقى 22 لشباب المحافظات الحدودية ضمن مشروع "أهل مصر"    وزير الأوقاف: وثِّقوا علاقتكم بأهل الصدق فى المعاملة مع الله    الداخلية تضبط سائق سيارة نقل لاتهامه بتعريض حياة المواطنين للخطر    ديمقراطية العصابة..انتخابات مجلس شيوخ السيسي المقاعد موزعة قبل التصويت وأحزاب المعارضة تشارك فى التمثيلية    البربون ب320 جنيهًا والقاروص ب450.. أسعار الأسماك والمأكولات البحرية اليوم في مطروح    وزير الصحة: مصر الأولى عالميا في الحصول على التصنيف الذهبي بالقضاء على فيروس سي    على خلفية وقف راغب علامة.. حفظ شكوى "المهن الموسيقية" ضد 4 إعلاميين    الإسكان تُعلن تفاصيل مشروعات محافظة بورسعيد    السّم في العسل.. أمين الفتوى يحذر من "تطبيقات المواعدة" ولو بهدف الحصول على زواج    حكم استمرار الورثة في دفع ثمن شقة بالتقسيط بعد وفاة صاحبها.. المفتي يوضح    محافظ المنيا: إزالة 744 حالة تعدٍ على الأراضي الزراعية وأملاك الدولة    الشرطة التايلاندية: 4 قتلى في إطلاق نار عشوائي بالعاصمة بانكوك    كريم رمزي: فيريرا استقر على هذا الثلاثي في تشكيل الزمالك بالموسم الجديد    بأحدث الإصدارات وبأسعار مخفضة.. قصور الثقافة تشارك في معرض الإسكندرية العاشر للكتاب    «الصحة» تحذر من الإجهاد الحراري وضربات الشمس وتوجه نصائح وقائية    كل عبوة مساعدات مجهزة لتلبية احتياجات الأسرة في غزة لمدة 10 أيام    أحمد الرخ: تغييب العقل بالمخدرات والمسكرات جريمة شرعية ومفتاح لكل الشرور    أمين الفتوى: الصلاة بالبنطلون أو "الفانلة الداخلية" صحيحة بشرط ستر العورة    رئيس جامعة القاهرة يشهد تخريج الدفعة 97 من الطلاب الوافدين بكلية طب الأسنان    شوبير يدافع عن طلب بيراميدز بتعديل موعد مباراته أمام وادي دجلة في الدوري    متحدثة الهلال الأحمر الفلسطيني: 133 ضحية للمجاعة فى غزة بينهم 87 طفلًا    هل ستفشل صفقة بيع كوكا لاعب الأهلي لنادي قاسم باشا التركي بسبب 400 ألف دولار ؟ اعرف التفاصيل    وكيل الأمم المتحدة: الأزمة الإنسانية في غزة مدمرة    «تغير المناخ» بالزراعة يزف بشرى سارة بشأن موعد انكسار القبة الحرارية    الكرتي يترك معسكر بيراميدز ويعود للمغرب    ثروت سويلم: ضوابط صارمة لتجنب الهتافات المسيئة أو كسر الكراسي في الإستادات (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صناعة الديكتاتور
نشر في الوطن يوم 08 - 10 - 2012

مجدداً، أدق ناقوس خطر السلطوية الجديدة فى مصر. مجدداً، وبعد أكثر من مقالة سابقة ومداخلات إعلامية متنوعة، أحذّر من إحياء صناعة مصرية عريقة هى صناعة الديكتاتور. مجدداً، أذكّر رئيس الجمهورية المنتخب أن الإرادة الشعبية الحرة التى جاءت به لن تقبل بالارتداد إلى عصور الزعيم الأوحد والقائد الملهم، وأن عليه أن يخشى غضبة المصريات والمصريين إزاء بعض ممارساته الراهنة. مجدداً، أدعو رئيس الجمهورية ألا يغتر بالحشود الإخوانية وبالسائرين فى ركاب الجماعة، فمصر مجتمع ودولة، ليست هؤلاء فقط وأبداً لن تكون. مجدداً، أقرر أن الدكتور مرسى انتُخب رئيساً انطلاقاً من رؤية سياسية هى مشروع النهضة ومن وعود انتخابية وبرنامج لل100 يوم الأولى، وأن التقييم الموضوعى لأداء الرئيس وفريقه حتماً يرتبط بما تحقق وما لم يتحقق فى هذا الإطار. وعلى الرئيس وفريقه أن يحترموا القواعد الديمقراطية ويمتنعوا عن ممارسة سلطوية فى جوهرها تتمثل فى التشكيك فى وطنية أحزاب وقوى سياسية كثيرة تقيّم المدة المنقضية من الفترة الرئاسية على نحو سلبى.
فقد دلل مجمل مشهد استاد القاهرة فى 6 أكتوبر على سلطوية تتجدد دماؤها وصناعة للديكتاتور لا تختلف فى تفاصيلها عن عصور الزعيم الأوحد فى مصر ودول أخرى كثيرة. الحدود الذائبة بين الدولة والرئاسة وبين جماعة الإخوان، الحشد الجماهيرى الإخوانى المجهّز سلفاً للتأييد وللهتاف، مصادرة مناسبة وطنية لنا جميعاً لصالح الجماعة وحزبها، جميعها ذات مضامين سلطوية واضحة. الرئيس وسيارته المكشوفة، الرئيس الذى تلبّس أثناء خطابه عباءة الزعيم، الرئيس الزعيم الذى تعامل مع الحشد الجماهيرى باستثارة شعوره الدينى ونوازعه الإخوانية طلباً للتأييد وصولاً إلى حد التماهى، جميعها تثبت بما لا يدع مجالاً للشك إحياء صناعة الديكتاتور وبأدوات لا تختلف عن ناصر فى الخمسينات والستينات ومبارك خلال العقود الماضية، بل ولا تختلف عن هتلر فى الثلاثينات (قارنوا بين الرئيس فى استاد القاهرة 2012 وبين هتلر فى استاد برلين 1938 مفتتحاً للألعاب الأولمبية) أو ستالين فى الأربعينات (احتفالات النصر السوفيتية بعد الحرب العالمية الثانية) أو القذافى وصدام حسين فى الثمانينات. المشهد الذى أنتجته دولة ورئاسة ذابت الحدود بينهما وبين الجماعة هو مشهد مرَضى بامتياز ويخيف لسلطويته الفاضحة، تماماً كصورة الرئيس الفارس على غلاف مجلة أسبوعية وكمقالات الرأى المبالغة فى ممالأتها للرئيس وكتشبيه الرئيس بالأنبياء الذى تتوسع فى توظيفه حالياً المواقع الإخوانية.
اغتر الرئيس المنتخب بالحشود الإخوانية وبالملتحقين بركب الإخوان ممن التحقوا دوماً بركب المنتصر/ الرئيس/ الحكومة/ حزب الحكومة. قد اغتر الرئيس بهذا وخطب فى الحشد الجماهيرى كرئيس سابق لحزب الحرية والعدالة ومرشح الجماعة الذى صار رئيساً، وليس كرئيس لكل المصريات والمصريين وفى مناسبة وطنية هى ملك لمصر كلها. اغتر الرئيس ومارس الاستعلاء على المعارضين، وشكك فى التزامهم الدينى، وهو الذى ينبغى أن يُنتقد لتوظيفه دور العبادة للخطابة السياسية. اغتر الرئيس بالحشود المجهّزة سلفاً للتأييد والهتاف وتناسى أن مصر ليست الجماعة فقط وأن المناسبة الوطنية كانت تقتضى منه مخاطبة مصر كرئيس لكل مواطنيها والانفتاح على المعارضة باحترام دون استعلاء أو تسفيه. وعليه أن يحذر من غضبة المصريات والمصريين الذين لا يريدون رئيساً يغتر بجماعته فقط ويذهب لدور عبادة الأغلبية ولا يزور دور عبادة الأقلية، ولا يريدون رئيساً يسفّه من معارضيه عبر التشكيك بهم ويعرض نفسه عليهم كالزعيم الأوحد والقائد الملهم.
أخفق برنامج ال100 يوم الأولى للرئيس وكان الأجدر به، بدلاً من حديث النسب والأرقام التى لا يملك أحد التأكد من موضوعيتها، أن يعترف بالإخفاق ويحدد مسبباته والدروس المستخلصة منه. منذ اللحظة الأولى وأنا وغيرى نؤكد على أن وعود البرنامج غير واقعية، وأن الرئيس كان يستطيع فى ال100 يوم الأولى أن يدرس المشكلات والأزمات الكبرى وقدرات ومعضلات الجهاز التنفيذى والإدارى للدولة ثم يعمل على صياغة خطة متكاملة تعرض على الرأى العام. منذ اللحظة الأولى وأنا أؤكد أن الأجدر بالرئيس مخاطبة المصريات والمصريين بصراحة وشفافية ودون مبالغات رقمية أو بالنسب ومطالبتهم بالعمل ثم العمل لإخراج مصر من أزمتها. منذ اللحظة الأولى والجميع، باستثناء الجماعة وحزبها، يدعو الرئيس وفريقه للتفاوض بواقعية مع المضربين والمعتصمين والمحتجين والبحث عن حلول فعلية حتى وإن طال مداها الزمنى. فى السياسة، أنجز الرئيس بإلغاء الإعلان الدستورى التكميلى خطوة بالغة الأهمية وأخرج الجيش من إدارة الدولة. إلا أنه لم يفِ بوعده المتعلق بإعادة تشكيل الجمعية التأسيسية ولا بالإفراج عن المدنيين المحاكمين عسكرياً ولا بتجاوز الاستقطاب بين الأحزاب السياسية وجرّ خطوط فاصلة بينه وبين الجماعة وحزبها. بشأن كل هذه الأمور يحق لنا أن نمارس النقد الموضوعى تجاه الرئيس وفريقه، يحق لنا أن نرفع صوتنا كمعارضة وكرأى عام به قطاعات واسعة غير إخوانية الهوى. وواجب الرئيس ومن معه ومن حوله أن لا يتجاهلوا النقد أو يقللوا من شأنه بالاستعلاء على المعارضة وجموع غير الراضين. الأجدر بالرئيس هو احترام القواعد الديمقراطية والاعتراف بإخفاق برنامج ال100 يوم الأولى وتطوير خطة متماسكة لفترته الرئاسية. إلا أن ماكينة السلطوية وصناعة الديكتاتور والاغترار بالحشود الإخوانية، التى يبدو أنها تمكنت مجتمعة من الرئيس، بالقطع ستحول دون ذلك.
السيد رئيس الجمهورية، انتبه واحذر غضبة المصريات والمصريين. فمصر لن ترضى أن تُدفع للوراء، ولن تستسلم بعد ثورة عظيمة لتجديد دماء السلطوية وصناعة الديكتاتور.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.