، صدر عن دار الهلال للنشر، يجمع بين طياته مزيجًا بين أدب المعاناة الذي تولد من محنة المرض التي ألمت بالكاتبة، وبين معاناة السياسة التي تمخضت عنها الثورات العربية. جاء الكتب بديعًا يحمل الكثير من المعاني الإنسانية الجميلة، وصور متعددة من الكفاح والمثابرة والتمرد والتشبث بالحياة والسعي نحو كل ما هو جميل وأفضل، فالكاتبة تسعى إلى التحرر والخلاص من المرض، والشعوب العربية على نفس الطريق تثور مطالبة بالحرية ورفع الظلم. وفي هذا السياق كتبت ألفة السلامي: "احكي قصة الوطن والجسد في ثورتيهما، فتشت عن ابتسامة سقطت بين تعرجات الصخور ومغامرة في الطفولة النضرة والشباب الفائر لأحتمي بها من دماء تسيل في ميادين الأوطان وأوجاع تفترس العقل والروح". يستطيع القارئ أن يشعر عبر صفحاته بذلك التناغم الرائع الذي انتقلت فيه الكاتبة بين اندلاع ثورتي تونس ومصر والمرض الذي عاشت تفاصيله الدقيقة، ففي أحد المعاني المؤثرة مع المرض تقول ألفة السلامي "ودون أن استدعيه، أجد محمد ابني وكأنه شعر بألمي فيحاول تدليك العضلات والرقبة فأشعر باسترخاء وأمسح دموعي المنسابة على خدي إشفاقًا عليه من دموعه المحبوسة، ومن أنفاس الخوف التي تخرج من صدره في حرقة.. وبمجرد ان يكشف دموعي التي تبلل خدي نصبح شخصًا واحدًا ويبكي بعيوننا الأربعة"، هكذا كان جسد ألفة مشتعلًا بثورة مقاومة المرض الذي ألم بها تمامًا بالتوازي مع اشتعال الثورات العربية، فالثورة بدأت في تونس بلدها الأصلي وامتدت إلى مصر بلدها الثاني، وأصبحت الكاتبة في لحظة نادرة من لحظات العمر تعيش بين ثورات الجسد وثورات الأوطان وتقول في هذا الإطار "بينما الأوطان ترعى مولودتها الثورة وتثبت خطاها نحو الغد الأفضل، كان الصراع على أشده بين إرادة الحياة وشراسة المرض اللعين". كما كتبت "مثلما كانت العذابات كانت لحظات السعادة كالنبوءة.. فلامست أحضان الإنسانية الرحبة"، فميدان التحرير كان ولادة جديدة من رحم بكر، وطاقة نور كبرى، فتحت الشبابيك لنسمات الحرية وأشرعة الحب" ومع كل المعاناة ظلت ألفة زهرة تمنح الحياة رحيقها بعد أن منحها الله القوة علي مقاومة هذا المرض اللعين، فألهمها ذلك الصراع قوة سجلتها عبر صفحات الكتاب في شجاعة نادرة.