القليوبية تحتفي بنُخبَتها التعليمية وتكرّم 44 من المتفوقين (صور)    بن غفير: ألمانيا عادت لدعم "النازيين" بعد 80 عاما على الهولوكوست    في بيان رسمي.. وكيل مارسيل كولر يعلن انتهاء أزمة مستحقاته مع الأهلي    طالب يقود سيارة والده دون علمه والشرطة تعاقبه    عودة نوستالجيا 90/80 اليوم وغدا على مسرح محمد عبدالوهاب    وزير الكهرباء والطاقة المتجددة يشهد توقيع مذكرة تفاهم لتطوير وتحديث مركز أبحاث الجهد الفائق (EHVRC)    136 سفارة وقنصلية جاهزة لتصويت المصريين المقيمين بالخارج بانتخابات الشيوخ    فلسطين: فرض واشنطن عقوبات على مسؤولين بالسلطة انحياز فاضح لإسرائيل    كندا تعلن نيتها الاعتراف بدولة فلسطين سبتمبر المقبل    الصحة العالمية: غزة تشهد أسوأ سيناريو للمجاعة    واشنطن تبلغ مجلس الأمن بتطلع ترامب لإنهاء حرب أوكرانيا 8 أغسطس    وزير الخارجية اللبناني يبحث مع مسئولة أممية سبل تحقيق التهدئة في المنطقة    محافظ سوهاج يبحث استعدادات انتخابات مجلس الشيوخ ويؤكد ضرورة حسم ملفات التصالح والتقنين    توتنهام يسعى لضم بالينيا من بايرن ميونخ    ريبيرو يستقر على مهاجم الأهلي الأساسي.. شوبير يكشف التفاصيل    بمشاركة جيوكيريس.. أرسنال يخسر من توتنهام وديًا    جدول ولائحة الموسم الجديد لدوري الكرة النسائية    البورصة ترتفع فوق مستوى 34 ألف نقطة مجددا    التحقيق فى واقعة تعدى زوج على زوجته بسبب قضية خلع بمحكمة الدخيلة بالإسكندرية    محافظ سوهاج يشهد تكريم أوائل الشهادات والحاصلين على المراكز الأولى عالميا    معاقبة شقيق المجني عليه "أدهم الظابط" بالسجن المشدد في واقعة شارع السنترال بالفيوم    وزارة الداخلية تضبط طفلا يقود سيارة ميكروباص فى الشرقية    وزير البترول يبحث مع "السويدى إليكتريك" مستجدات مجمع الصناعات الفوسفاتية بالعين السخنة    وزير الثقافة يشارك باحتفالية سفارة المملكة المغربية بمناسبة عيد العرش    ياسر السقاف يخلف مصطفى الآغا في تقديم برنامج الحلم على MBC    الخميس 7 أغسطس.. مكتبة الإسكندرية تُطلق فعاليات "مهرجان الصيف الدولى"    الشيخ خالد الجندى: من يرحم زوجته أو زوجها فى الحر الشديد له أجر عظيم عند الله    وكيل صحة شمال سيناء يبدأ مهامه باجتماع موسع لوضع خطة للنهوض بالخدمات الطبية    طريقة عمل الدونتس في البيت زي الجاهز وبأقل التكاليف    "قريب من الزمالك إزاي؟".. شوبير يفجر مفاجأة حول وجهة عبدالقادر الجديدة    انطلاق المرحلة الثانية لمنظومة التأمين الصحي الشامل من محافظة مطروح    تعرف على كليات جامعة المنيا الأهلية ومصروفاتها في العام الدراسي الجديد    بدء الدورة ال17 من الملتقى الدولي للتعليم العالي"اديوجيت 2025" الأحد المقبل    المشدد 3 سنوات ل سائق متهم بالاتجار في المواد المخدرة بالقاهرة    17 برنامجًا.. دليل شامل لبرامج وكليات جامعة بني سويف الأهلية -صور    SN أوتوموتيف تطلق السيارة ڤويا Free الفاخرة الجديدة في مصر.. أسعار ومواصفات    محافظ المنوفية: تكريم الدفعة الرابعة لمتدربي "المرأة تقود في المحافظات المصرية"    القنوات الناقلة لمباراة برشلونة وسيول الودية استعدادًا للموسم الجديد 2025-2026    منظمة التحرير الفلسطينية: استمرار سيطرة حماس على غزة يكرس الانقسام    "يحاول يبقى زيهم".. هشام يكن يعلق على ظهوره في إعلان صفقة الزمالك الجديدة    البورصة: تغطية الطرح العام للشركة الوطنية للطباعة 23.60 مرة    تعليقا على دعوات التظاهر أمام السفارات المصرية.. رئيس حزب العدل: ليس غريبا على الإخوان التحالف مع الشيطان من أجل مصالحها    محافظ المنيا: تشغيل عدد من المجمعات الحكومية بالقرى يوم السبت 2 أغسطس لصرف المعاشات من خلال مكاتب البريد    4 تحذيرات جديدة من أدوية مغشوشة.. بينها "أوبلكس" و"بيتادين"    يديعوت أحرونوت: نتنياهو وعد بن غفير بتهجير الفلسطينيين من غزة في حال عدم التوصل لصفقة مع الفصائل الفلسطينية    هل انقطاع الطمث يسبب الكبد الدهني؟    حرام أم حلال؟.. ما حكم شراء شقة ب التمويل العقاري؟    بالأسماء إصابة 8 أشخاص فى حادث انقلاب سيارة بصحراوى المنيا    الشيخ أحمد خليل: من اتُّهم زورا فليبشر فالله يدافع عنه    النتيجة ليست نهاية المطاف.. 5 نصائح للطلاب من وزارة الأوقاف    البابا تواضروس يشارك في ندوة ملتقى لوجوس الخامس لشباب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية    وزير الصحة يعلن تفاصيل زيادة تعويضات صندوق مخاطر المهن الطبية    أمانة الاتصال السياسي ب"المؤتمر" تتابع تصويت المصريين بالخارج في انتخابات الشيوخ    المهرجان القومي للمسرح يكرم روح الناقدين أحمد هاشم ويوسف مسلم    الأحكام والحدود وتفاعلها سياسيًا (2)    حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم الخميس 31-7-2025    حنان مطاوع تودع لطفي لبيب: مع السلامة يا ألطف خلق الله    فوضى في العرض الخاص لفيلم "روكي الغلابة".. والمنظم يتجاهل الصحفيين ويختار المواقع حسب أهوائه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أوروبا وإسرائيل: سقوط الأقنعة!
نشر في الوطن يوم 22 - 10 - 2014

هل يمكن أن نعتبر التصويت الذى تم فى مجلس العموم البريطانى لصالح قيام دولة فلسطينية بأغلبية 260 صوتاً، وما سبقه من إعلان حكومة السويد عزمها على الاعتراف بدولة فلسطين دون تفاوض جديد، وما تبعه من حركات شعبية واسعة فى معظم الدول الأوروبية تدعو إلى عقاب إسرائيل، وتقترح لذلك سلسلة من الإجراءات تبدأ بمقاطعة المنتجات الإسرائيلية المصنعة داخل الأرض المحتلة، وتشمل منع دخول المستوطنين الذين تورطوا فى جرائم ضد الشعب الفلسطينى إلى دول أوروبا، كما تشمل عدم التعامل مع البنوك الإسرائيلية خارج دولة إسرائيل ما لم تقبل إسرائيل بقيام دولة فلسطينية على أرض الضفة والقطاع عاصمتها القدس الشرقية، هل يمكن أن نعتبر هذا التوجه الجديد الغالب داخل الرأى العام الأوروبى تغييراً جوهرياً وأساسياً فى الموقف الأوروبى من إسرائيل، يشير إلى سياسات جديدة أكثر فعالية وتأثيراً، لم تعد تكتفى ببيانات الشجب والإدانة، أو تمتثل لإصرار الولايات المتحددة على أن يظل الدور الأوروبى فى قضية الصراع الإسرائيلى العربى هامشياً، لا ينافس الدور الأمريكى ولا يكمل نقائصه ولا يسبقه من خلال موقف عملى يلزم إسرائيل جادة الصواب، أم أن كل هذه الإشارات الجديدة هى مجرد ردود فعل أوروبية لمواقف حكومة نتنياهو التى لا تكف عن السخرية من الدور الأوروبى وتتهكم على القادة الأوروبيين لن يلبث أن يذهب أدراج الريح، تحت ضغوط الأمريكيين الذين لا يزالون يصرون على الانفراد بأزمة الشرق الأوسط، أو تحت عمليات التهديد والإكراه الأدبى التى تتهم فيها حكومة إسرائيل كل من يخالفها بمعاداة السامية، وتلاحقه بالتهديدات إلى أن يلتزم الصمت والطاعة؟!
بدأت بوادر هذا التوجه الجديد الغالب فى معظم الدول الأوروبية منذ الصيف الماضى، بعد أن أعلنت حكومة نتنياهو مصادرتها لما يقرب من ألف هكتار من أراضى الفلسطينيين قريباً من مدينة رام الله، كما أعلنت عزمها بناء أكبر مشروع استيطانى تشهده الضفة منذ 30 عاماً، ثم جاء العدوان الغاشم على قطاع غزة الذى أسفر عن تدمير معظم أحياء المدينة بصورة بالغة الوحشية، نتج عنها تهديم أكثر من 80 ألف منزل، وتشريد ما يزيد على 120 ألف فلسطينى لا يجدون ملاذاً آمناً ونحن على أبواب شتاء جديد، ليرفع غضب الرأى العام الأوروبى إلى حد الغليان، خاصة مع ازدياد عجرفة حكومة الليكود وسخريتها العلانية من الموقف الأوروبى، وممارساتها الفجة فى الاستمرار فى عملية بناء المستوطنات، رغم بيانات الإدانة العديدة التى صدرت من جانب الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى، تطالب حكومة نتنياهو بوقف بناء المستوطنات، لأنها تشكل عملاً غير قانونى يعيق جهود التسوية ويحبط آمال الفلسطينيين، خاصة مع نهم إسرائيل المتزايد إلى ابتلاع الأرض الفلسطينية فى الضفة وحول القدس الشرقية، وتوسعها المستمر فى بناء عدد ضخم من المستوطنات يستوعب الآن أكثر من 300 ألف فلسطينى، بهدف خلق واقع جغرافى جديد على الأرض يعزل القدس الشرقية تماماً عن باقى الضفة، ويحاصرها بحزام واسع من المستوطنات بصورة يتعذر معها قيام الدولة الفلسطينية، ليصبح الحل الوحيد المتاح هو الحل الإسرائيلى، الذى لا يمانع فى قيام دولة فلسطينية فى قطاع غزة تحت سيطرة حماس تناكف المصريين، مع الإبقاء على الضفة جزءاً من إسرائيل تتمتع بنوع من الحكم الذاتى الهش، يحيل السلطة الوطنية الفلسطينية إلى مجرد خيال مآتة لا يهش ولا ينش ولا يستطيع الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطينى.
والواضح لكل العيان أن التغيير الذى طرأ على مواقف الرأى العام الأوروبى، وكشف كل الأقنعة الزائفة التى تحجب رؤية قبح تصرفات إسرائيل تحت حكم الليكود يجد أسبابه الحقيقية، ليس فقط فى ممارسات إسرائيل الوحشية ضد الشعب الفلسطينى، أو فى عجرفتها المتزايدة ضد الأوروبيين، ولكن فى إدراك الأوروبيين المتزايد لحقيقة الارتباط العضوى بين أمن الشرق الأوسط وأمن البحر الأبيض والأمن الأوروبى، خاصة مع نمو جماعات الإرهاب والتطرف فى عدد من دول شمال أفريقيا، وسيطرة الجماعات المسلحة على معظم المدن الليبية التى تشكل تهديداً مباشراً لأمن البحر الأبيض، يجد ذرائعه فى استمرار احتلال إسرائيل للأرض الفلسطينية، وفشل كل جهود التفاوض بين الإسرائيليين والفلسطينيين التى تواصلت على امتداد عقدين من الزمان، منذ اتفاق أوسلو قبل 19 عاماً، وعجز الشريك الأمريكى الواضح عن القيام بدور حقيقى يساعد على إنجاز التسوية، رغم التزامه العلنى بذلك، وتخاذله المفضوح عن الالتزام بمرجعيات عملية السلام، وامتناعه المتعمد عن تحميل إسرائيل مسئولية فشل كل هذه الجهود وتواطؤه الواضح فى عمليات المماطلة التى تعطى الفرصة لإسرائيل كى ترتب واقعاً جديداً على الأرض يقضى على آمال الفلسطينيين فى تسوية عادلة. وما من شك أن استقرار الشرق الأوسط يشكل هاجساً قوياً للأمن الأوروبى أكبر كثيراً مما يشكله للولايات المتحدة، التى تتحصن وراء المحيطين الأطلسى والهادى بعد أن نجحت فى نقل المعركة على الإرهاب إلى قلب الشرق الأوسط والعالم العربى إثر أحداث سبتمبر.
وفى إطار سياسات الإدارة الأمريكية التى تكتفى بإدارة الأزمة دون حلها، حرصت واشنطن على تهميش الدور الأوروبى بحيث يقتصر على أن يكون عاملاً ملطفاً لردود فعل العرب والفلسطينيين، يهدئ من روعهم، وينصحهم بالتزام الحكمة والاستمرار فى التفاوض! ويصدر بين الحين والآخر بيانات أكثر تقدماً من الموقف الأمريكى تعترف بحقوق الفلسطينيين المشروعة، لكنها تقف عند حدود الإدانة أو الشجب دون أن يكون لها أى أثر حقيقى على أرض الواقع، وربما ساعد على استمرار هذا الدور تونى بلير رئيس الوزراء البريطانى السابق، مبعوث الرباعية للشرق الأوسط، الذى اكتفى بدور السمسار يتحرك كثيراً دون أى نتيجة لكنه حقق مكاسب مالية مهولة من لعبته الصغيرة يحاسبه عليها الآن الرأى العام البريطانى.
خلاصة القول إن التغير الذى طرأ على الرأى العام الأوروبى تجاه إسرائيل أخيراً حدث تحت ضغوط الشارع الأوروبى، ونخبته المستنيرة، وقواه السياسية التى تحرص على مصالحها فى الشرق الأوسط، ومؤسساته البحثية والعلمية المهتمة بقضية الأمن الأوروبى وعلاقاته بأمن الشرق الأوسط، وأغلب الظن أن هذا التوجه سوف ينمو ويتزايد إذا استمرت إسرائيل على صلفها، وثمة دلالات مؤكدة تشير إلى أن ما حدث فى مجلس العموم البريطانى سوف يتكرر فى دول أوروبية عديدة، وربما تجد إدارة الرئيس الأمريكى أوباما، التى يتعامل معها رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو بصلف وازدراء واستهانة بالغة، بعض الفوائد فى الموقف الأوروبى الجديد، تجعل واشنطن أكثر قبولاً الآن لموقف أوروبى نشيط، لكن الأمر المؤكد فى كل الأحوال، أن عجلة الرأى العام الأوروبى تدور لأول مرة منذ وعد بلفور عام 1917 فى الاتجاه الصحيح، لتضع إسرائيل وحكومة نتنياهو فى مأزق حقيقى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.