بمناسبة انتهاء احتفالات العيد ال41 لانتصارات أكتوبر المجيدة، ورد فى خاطرى بعض اللمحات الإنسانية الفريدة التى يتفرد بها الجندى المصرى، كان من ضمن خطط الإعداد والتجهيز للحرب أن تشكل على مستوى كل وحدة فرعية «جماعة دفن الشهداء» كواجب إضافى، وكانت تشكل من ضابط وضابط صف وعدد من الجنود معروفة لكل أفراد الوحدة؛ فكل ضابط أو جندى كان متيقناً من أنه مشروع شهيد ولم يتأخر لحظة عن واجبه المقدس. إن أحداً لم يبكِ على رفيقه الذى استُشهد بل كان يواريه الثرى متمنياً أن يلحق به مع النبيين والصديقين، كم من شهيد سقط مضحياً بحياته لتأمين زملائه، كم من شهيد سقط قابضاً على سلاحه بعد استشهاده لم يتركه حتى بعد الشهادة، كثير ممن أصيبوا أثناء العمليات كانوا يطلبون من الأطباء العودة إلى وحداتهم قبل استكمال علاجهم. بعض الوحدات عند تحركها من مناطق تمركزها إلى المعابر كانت تترك فى هذه المناطق حراسات على المنشآت الإدارية. كان هناك تنافس بين العابرين بالقوارب المطاطية، الكل يرغب فى أن يكون ضمن الموجة الأولى. البطولة لم تكن حكراً على أحد، بل كل جندى من أبطالنا يعلم أنه فى الظرف والزمان والمكان الذى وُجد فيه صاحب البطولة وأى جندى كان سيفعلها؛ فكل من شاركوا كانوا صناع البطولة، إن صيحة «الله أكبر» التى هزت حصون العدو وزلزلت ثقته فى نفسه قبل المدافع والصواريخ رددها كل ضابط وجندى، مسلم ومسيحى. إن كل مقاتل كان يحمل بين طيات ملابسه خطاب أبيه الذى يوصيه فيه بتحمل أمانة المسئولية وأن يعود إليه منتصراً. هؤلاء جند مصر خير أجناد الأرض أبناء شعب مصر الذى علّم الدنيا وما زال يعلمها معانى الشجاعة والكرامة والوطنية.