فى خطى ثابتة يسير البطل المنتصر، رفع هامته فى عزة وتفاخر، بعد أن وعد شعبه بتحويل الهزيمة إلى انتصار. من باب قاعة مجلس الشعب دخل يوم 16 أكتوبر 1973، ممسكاً بصحيفة خطابه، مرتدياً بذلته العسكرية، ليقف الجميع لتحيته إعزازاً وتكريماً، فيبدأ خطابه للشعب قائلاً: «لست أظنكم تتوقعون منى أن أقف أمامكم لكى نتفاخر معاً ونتباهى بما حققناه فى أحد عشر يوماً من أهم وأخطر بل وأعظم وأمجد أيام تاريخنا، وربما يأتى يوم نجلس فيه معاً لا لكى نتفاخر ونتباهى، ولكن لكى نتذكر وندرس ونعلّم أولادنا وأحفادنا جيلاً بعد جيل قصة الكفاح ومشاقّه، ومرارة الهزيمة وآلامها، وحلاوة النصر وآماله». قبل ذلك التاريخ ب10 أيام، وقف الرئيس السادات، يوم 6 أكتوبر فى تمام الساعة الواحدة والنصف ظهراً، داخل غرفة عمليات القوات المسلحة، يلتف من حوله قادة الجيش، ليعطى إشارة عبور الجيش المصرى إلى شرق قناة السويس، لتعبر فى تمام الساعة الثانية ظهراً 222 طائرة مصرية سماء أرض الضفة الشرقية لقناة السويس، وتدك مراكز القيادة الإسرائيلية والمطارات وقواعد الدفاع الجوى، فتكبّد العدو خسائر كبرى. بدأت المدفعية المصرية فى دك حصون خط بارليف الصعب، يتحرك الجنود المصريون فى ركوب الزوارق المائية، ليعبروا قناة السويس، مدمرين بقوتهم وسواعدهم الأسطورة التى زعم العالم أنها لن تُهزم. رأى الرئيس السادات أن «التاريخ العسكرى سوف يتوقف أمام انتصار السادس من أكتوبر العظيم، بعد أن تمكنت القوات المسلحة المصرية من اقتحام مانع قناة السويس الصعب واجتياز خط بارليف المنيع وعبور الضفة الشرقية من القناة بعد أن أفقدت العدو توازنه فى 6 ساعات». قطع «السادات» على نفسه العهد أمام الشعب منذ اليوم الأول لتحمل مسئوليته، عقب توليه الرئاسة خلفاً للرئيس الراحل جمال عبدالناصر عام 1970، عازماً على أن تكون المهمة الأولى التى أمامه هى استرداد الأرض وتحقيق الانتصار، مؤكداً أن ما حدث فى نكسة 1967 كان استثناء وليس قاعدة، وأن الهزيمة التى عانى منها الشعب على مدار 6 سنوات، سوف تنتهى، ليرفع الشعب رأسه متفاخراً بانتصار جيشه. يقف «السادات» ليثنى أمام الأمة على قيادة الجيش ورجاله، ويجدد الثقة فى القوات المسلحة وجنودها الذين استطاعوا تحقيق النصر ومحو الهزيمة، لتعود الأرض الغالية التى ضحى من أجلها الآلاف، فجعلوا من أنفسهم ودمائهم الزكية مهراً لتحرير الأرض التى كانت محتلة.