يصعدون المسرح، ويبدأون في شدو ألحانهم التي ينتظرها الجمهور متشوقا، تخرج "الست" بهيئتها الرزينة مع ابتسامة، تجلس على الكرسي، تميل رأسها مع عذوبة اللحن الذي ينتظر عزف أوتار أحبالها الصوتية معه ليخلطا مزيجا لا يطل على الجمهور سوى مرة شهريا، تقف سيدة الغناء العربي في وقار، وتبدأ وصلتها الطربية يزين يدها منديلها الشهير، ويحتضنها مسرح جامعة القاهرة، ومعها ذكريات وتفاصيل لم يشهدها سواه. "كلموني تاني عنك.. فكروني.. صحوا نار الشوق في قلبي.. وفي عيوني، رجعولي الماضي بنعيمه وغلاوته وبحلاوته وعذابه.. وافتكرت فرحت وياك أد ايه".. وقفت أم كلثوم تطرب محبيها بكلمات الشاعر عبد الوهاب محمد، على مسرح قاعة الاحتفالات بجامعة القاهرة، في 1967، على موسيقى محمد عبد الوهاب، وينفعل معها جمهورها، تارة بالتصفير وأخرى بالتصفيق، وثالثة بدندنة الكلمات التي تلقيها على مدار ساعتين، لترد عليهم بالنهاية "فكروني إزاي.. هو أنا نسيتك!". قدمت كوكب الشرق العديد من حفلاتها بجامعة القاهرة، فغنت في ذكرى طلعت حرب عام 1957 أغنية "اذكروه خلدوه"، وفي أعقاب مؤتمر المحامين العرب، قدمت حفل "هجرتك" عام 1961، وبعد الاستفتاء وإعادة انتخاب جمال عبد الناصر، وقفت "الست" تشدو "يا سلام على الأمة" من كلمات عبد الفتاح مصطفى، وألحان محمد الموجي، 25 مارس 1965، وفي نفس الحفل غنت "أراك عصي الدمع" و"إنت الحب"، أما "أغدا ألقاك" فشدت بها على المسرح نفسه عام 1972. وفي عام 1964، شهدت قاعة الاحتفالات الكبرى بالجامعة، لقاء السحاب بين أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب، فوقفت تغني ملحمتها "أنت عمري" التي تحتل حتى الآن مكانة خاصة في قلوب محبي كوكب الشرق". واحتضن مسرح جامعة القاهرة حفلات كبار الفنانين، فإلى جانب أم كلثوم، وقف العندليب الأسمر يغني على مدار سنوات عدة، وانطلق ب"وحياة قلبي وأفراحه"، وفي عام 1973 قدم "أحلف بسماها وبترابها"، و"رسالة من تحت الماء"، و"يا مالكا قلبي"، و"أي دمعة حزن لا"، وقدمها في حفل عام 1974، كما غنى "بعد ايه" و"فوق الشوك" خلال حفل عيد الطيران عام 1960.