امنحونى من وقتكم دقائق واقرأوا معى تلك الرسالة التى أرسلتها لى سيدة فاضلة على حسابى بالفيس بوك، وشعرت بين سطورها بمدى حيرتها التى تعكس ما يعانيه ملايين من أبناء وطنى، وسبق أن حذرت من خطورته منذ سنوات سبقت ثورة 25 يناير. تقول السيدة: «أستاذة نشوى.. لن أطيل عليكِ سأسألك سؤالاً واحداً يدور فى عقلى منذ الصباح، هل من المعقول أن أكون فى هذه السن وتلعب بى الميديا كما الكرة؟ هل من المعقول وأنا من الشخصيات المُحبة للقراءة والإنصات لكلام العقل وفوق ذلك الحب الشديد للوطن أن أصبح بين ليلة وضحاها لا أستطيع أن أحكم على شىء؟ بل والأغرب أصبح سالبة التفاعل لا لشىء إلا لأن الميديا أصبحت تعطينا ما تريده فقط! فهناك فى الكواليس أحداث وأشياء تحدث لا يجب أن أعرفها كمواطنة! ولكن ما يجب علىّ فعله أن أحب من تمجده الميديا وأكره من تكرهه. لقد فوجئت صباحاً بقرار إطلاق سراح علاء عبدالفتاح بكفالة؟! علاء الذى يبكى عليه الجميع، لأنه سُجن عندما تحدى الدولة والقانون! -هذا فهمى الضعيف- «علاء»، هذا المناضل الثورى الذى لم أسمع عنه إلا بعد الثورة ولكن لا بأس. «علاء» هذا الذى كتب على تويتر شتيمة قبيحة يندى لها الجبين للرجل المحترم عدلى منصور.. مش مهم. علاء هذا الذى خرج ليزور والده المريض وخرج ليحضر الدفن وخرج ليحضر العزاء، كله مش مهم، لكن ما يهمنى هل يُعامل كافة المواطنين هكذا؟ هل يأخذ الجميع حقهم مثله لتتنحى المحكمة لشعورها بالحرج منه لعرض أشياء خاصة عنه أثناء محاكمته؟ أنا أحب مصر وتوسمت خيراً فى السيسى عندما قال: «معنديش عزيز ومصلحة الوطن فوق كل شىء». ولكن هل من مصلحة الوطن أن يكون هناك مواطن فوق المساءلة؟ وإذا كان «علاء» مظلوماً وهو رمز الوطنية وقدوة.. لماذا يصدر لنا الإعلام غير ذلك؟». سأكتفى بهذا القدر من رسالة تلك السيدة الفاضلة التى لا تعبر فقط عن تذبذب مواطنة بسبب ما تتعرض له من موجات مد وجذر من إعلام يتأرجح بين فساد البصر والبصيرة، ولكنها تعبر عن حالة من اللامهنية التى تكاد تعصف بكل مؤسسات الدولة، يقودها للأسف وبابتذال عدد لا بأس به ممن تحولوا من فئة «مقدمى برامج على ما تُفرج» إلى «قادة فى السب والانحدار الفكرى» واهمين أنفسهم بأنهم «وطنيون» يدافعون عن الدولة وهى من أفعالهم براء. لا يختلفون عمن يتهمونهم بالتعدى على القانون ويصرون على كسر هيبة الدولة بتوصيف متهمين يحاكمون أمام القضاء، ومن المفترض أن له وحده توصيف فعلهم ومعاقبتهم عليه إن ثبت جرمهم. يساهمون بجهلهم -الموصوف خطأ بالوطنية- فى انضمام مؤسسات أخرى لهم. لأنه حينما ترسل النيابة فيديو لزوجة متهم وهى ترقص له ضمن أحراز القضية للمحكمة، فهذا يعنى قمة الاستهزاء بحقوق الوطن والمواطن، ودعوة صريحة لاغتيال ما تبقى من ضمير بداخلنا. ولذا أكررها أعد الدولة يا ريس وأعد الاحترام لمؤسساتها، حتى لا يفقد الطيبون ثقتهم فيها وفيك. أغثنا قبل أن تغتالنا اللا مهنية.