هل أصبح الرئيس مرسى ابن بطوطة العرب، فصار يألف السفر إلى هنا وهناك ويحلق فى سماء الدول شرقاً وغرباً، هل كل هذه التحركات الدوليه تشغله عن إصلاح البيت من الداخل وتلهيه عن الهم الأكبر، هل هى من قبيل الترف والترويح عن النفس والتقاء الزعماء والتقاط الصور التذكارية مع الرؤساء والظهور فى المحافل الدولية، أم أن كل هذه التحركات هى فى إطار خطة الرئيس لاستعادة مصر ريادتها من جديد وعودتها إلى محيطها الدولى ودائرتها الإقليمية بالشكل الذى يتفق ومكانتها فى المنطقة، والذى أراه أن التحرك بالتوازى بين البعد الخارجى والبعد الداخلى كجناحى الطائر وكطرفى المقص لا يعمل أحدهما بدون الآخر وأن كافة التحركات الخارجية التى قام بها الرئيس كان لها بعد اقتصادى وقد ظهر ذلك جلياً فى زيارة الصين وإيطاليا وغيرهما، فالسؤال من الرئيس لهؤلاء كان واضحاً ماذا يمكن أن تقدموا لنا، كذلك فإن الحكومة لم تجمد نشاطها الداخلى حتى نعيب على الرئيس تحركاته الخارجية، فهناك مجموعات وزارية لها تركاتها التى تعمل فيها ولإصلاح أى خلل بها، كذلك فإن أسلوب تعدد الوسائل الذى يتبعه الرئيس فى إعادة البناء حيث يعمل فى الخارج والداخل معاً على حد سواء يؤدى إلى تنامى وزيادة الاستثمار داخل البلد ويساعد حقيقة على تعافى الاقتصاد وإصلاح البيت من الداخل، فالرئيس هو المنسق العام لمؤسسات الدولة كما قال الأستاذ الكبير (هيكل) ومؤسسات الدولة تشمل ما هو خارجى وداخلى والنتيجة التى أود أن أصل إليها هو أن أسلوب الخطوط المتوازية الذى ينتهجه السيد الرئيس أعتقد أنه لا بأس به إذا كان هدف الرئيس تعافى الاقتصاد وأن تترجم كل هذه الرحلات الخارجية إلى صناعة وتجارة واستثمار لتنهض مصر من كبوتها إلى جانب طمأنة العالم الخارجى على أمن مصر واستقرارها واستعادة الدور الريادى لمصر على الصعيدين الإقليمى والدولى الذى طالما غيبت عنه مصر حقبة من الزمن، أما إذا كانت تحركات الرئيس روتينية كما كان فى النظام السابق فحرام عليها ثمن الوقود الذى تمون به طائراتنا التى تنقل الرئيس والوفد المرافق له فما قيمة الكلمة إذا لم تترجم إلى حركة حية والمعنى المفهوم إلى واقع يعيشه الناس، كما أقترح أن يكون هناك يوم محدد يكاشف فيه الرئيس شعبه بأن يعرض عليه فى هذا اليوم ما قام به داخلياً وخارجياً وما حققه من نتائج وليكن ذلك كل شهر -مثلاً- تحقيقاً لمبدأ الشفافية بين الرئيس وشعبه، فقد سمعنا عن استثمار عشرات المليارات فى مصر من بعض الدول ولكننا لم نلمس لها أى أثر على أرض الواقع، فأسهل ما يكون الوعود ولكن أصعب ما يكون التنفيذ، فالدول التى تعد باستثمار عشرات المليارات لا تبرم عقوداً ملزمة لتحقيق ذلك، فمن السهل جدا أن (تخلع) بكسر التاء وتسكين الخاء وكأنك يا أبا زيد ما غزيت لا سيما وأننا نعلم يقيناً وبما لا يقبل مجالاً للشك أن هذه الدول لها أغراضها ومطامعها من وراء هذا الدعم وهذه الوعود وليس هناك من يعطى بدون مقابل وممكن فى نصف الطريق إذا لم ننفذ له مايريد -وربما يكون غير المتفق عليه- يتركنا بلا أدنى حياء نغرق وحدنا، من أجل ذلك ينبغى علينا أن نراعى فى مثل هذه الوعود كل هذه الظروف والملابسات وإلا سنغرق فى شربة ماء ولا نجد من يبكى علينا غير البكاء، فمن الممكن أن يئن لجراحنا.