سقط الشهداء ضحايا لثورة يناير، التى أعادت للمصريين كرامتهم وبلادهم، التى اغتصبها نظام بليد جثم على صدر الوطن ثلاثة عقود، أفسد فيها بطول وعرض البلاد. ولكن الشهداء الذين ضحوا بدمائهم من أجل المستقبل يكفيهم أنهم عند ربهم أحياء يرزقون، أما المعتقلون الذين زج بهم فى السجون فهم دفعوا الثمن باهظا، لأنهم ظنوا -وبعض الظن أثم- أنهم أحسنوا صنعا فى نزولهم إلى الشوارع والمشاركة فى الثورة الشعبية التى أطاحت بالنظام البائد وحررت البلاد من ظلم الطاغية وبطانته الفاسدة، وكان جزاؤهم التوارى خلف جدران السجون، ونسيان قضيتهم التى يتاجر بها الكثيرون. طوال الفترة الانتقالية، وخلال حكم العسكر، زج بالمئات دون ذنب إلى السجون، وتشتتت أحلام وتشردت أسر، وحرم أطفال من آبائهم الذين خرجوا يحملون هم الوطن فكان مصيرهم الرمى وسط المجرمين. الكثير منهم طلاب فى المرحلة الثانوية قادتهم المصادفة إلى الوجود فى أحداث درامية أثناء الفترة الانتقالية الدامية، وبعضهم غُرِّر به، ومنهم من أُخذ بغير ذنب إلا لوجوده لحظة اندلاع أحداث واشتباكات بين العسكر والمعتصمين، سواء فى أحداث ماسبيرو أو محمد محمود. هنا، نسرد نماذج للمعتقلين السياسيين بلا قضية فى سجون العسكر خلال الفترة الانتقالية.. الذين تنتظر أسرهم سماع «جرس التليفون»، ذلك الجرس الذى تصحبه بشرى بقرب انفراج الهم، ورؤية ذويهم من جديد. فبين تصريحات لوزير ومستشار للرئيس وبيان من الرئاسة، تبحث تلك الأسر عن أسماء أبنائها، على أمل أن يتضمنهم العفو الرئاسى المقبل، ذلك العفو الذى طالما وعد به الرئيس محمد مرسى، وقت أن كان مرشحا للرئاسة، وعلى أساسه تم تشكيل لجنة لدراسة حالات المعتقلين الصادر بحقهم أحكام طوال فترة حكم المجلس العسكرى. ورغم كثرة المطالبين بالإفراج الفورى عن المعتقلين، فإن ملفهم لم يراوح مكانه، وتظل الوعود كلها سراب.