سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
سياسيون ومحللون إسرائيليون يعترفون: لهذه الأسباب لا نستطيع احتلال غزة «شيفر»: إبادة حماس هى الطريق لإعادة إعمار القطاع.. و«ماركوس»: صواريخنا يمكنها أن تدور حول العالم وتعود سالمة
«لا مكان لحماس تذهب إليه، فظهرها إلى البحر ليس بسبب موقعها الجغرافى ولكن بسبب وضعها السياسى أيضاً، جرأتها فقط هى جرأة المحاصرين وهى جرأة لا مناص منها بالنسبة لهم، ولو كانت حماس تساومنا على فتح المعابر وبناء موانئ وإنهاء الحصار، فعدم وجود مفر لها إلا البحر هى ورقة مساومة ممتازة»، هكذا علق الكاتب «ناحوم برنياع» ليظهر بهذه الكلمات أنها النغمة السائدة الآن فى تل أبيب، بعد عودة إطلاق النار، والفشل فى استمرار الهدنة، إذ عادت أصوات اليمينيين المتطرفة فى الصراخ مرة أخرى مطالبين الثلاثى صانعى القرار، وهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع موشيه يعلون، ورئيس الأركان بينى غانتس، فى التفكير مجدداً فى احتلال قطاع غزة بالكامل. ظهر هذا الاقتراح فى بداية عملية «الجرف الصامد» وتبناه وزير الخارجية أفيجدور ليبرمان، ووزير الاقتصاد نفتالى بينيت ووقتها وبعد أن تجاهلهما نتنياهو، أعلن أفيجدور ليبرمان وزير الخارجية الإسرائيلى ورئيس حزب «إسرائيل بيتنا» عن تفكيك الكتلة النيابية المشتركة التى تضم حزبه مع حزب الليكود، وجاء ذلك فى أيام العدوان الأولى بعد أن وجه ليبرمان انتقادات واسعة لحزب الليكود والحكومة الإسرائيلية ورئيسها بسبب ما وصفه بالرد الضعيف على تواصل إطلاق الصواريخ على إسرائيل، ولكنه عاد مجدداً ليطرح الأمر مرة أخرى، مؤكداً بعد فشل المفاوضات وتعنت حماس ومعاودتها إطلاق النار مرة أخرى أنه الحل الأمثل الآن. ورغم تصريحات المسئولين بأن فكرة احتلال القطاع غير واردة، يظل الأمر مثار شكوك خاصة بعد تصريحات المراسل السياسى «باراك رابيد» أن سلسلة تدابير من ديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية بالتمويه لتخدير حماس وللإيحاء بأن إسرائيل لا تفكر فى مسألة احتلال غزة، وازدادت الأمور تأكيداً بعد تصريحات وزير الشئون الاستراتيجية يوفال شتاينتس، أن خطة إعادة اجتياح غزة ما زالت على الطاولة وسيتم العمل بها قريباً، وفى السياق نفسه، قال رئيس شعبة الاستخبارات سابقاً يعقوب عميدرور، قائلاً إن الوقف الكامل لإطلاق الصواريخ لن يكون إلا من خلال سيطرة الجيش الإسرائيلى على القطاع بالكامل». ليس فقط السياسيون والمسئولون فى الجيش هم من عاودوا الحديث عن فكرة احتلال غزة ولكن أيضاً بعض الكتاب اليمينيين المتطرفين وصفوا الفكرة بأنها الحل الأخير لإسرائيل، كتب المحلل «شمعون شيفر» فى جريدة يديعوت أحرونوت، قائلاً: «فكرة الاحتلال جيدة، لكن كيف يمكننا نزع سلاح القطاع وتعميره وحماس ما زالت تحكم القطاع، إبادة حماس الكاملة هى الطريق لإعادة إعمار القطاع، أما جدعون ليفى فكان له رأى مغاير، إذ أكد أن غزة تعانى من احتلال فعلى لها فهى أرض محاصرة وسكانها سجناء، تصرف دولة أخرى جزءاً كبيراً من شئونها من تسجيل السكان إلى اقتصادها مع حظر الخروج والحد من الصيد، وتطير فى سمائها وتجتاح أرضها مرة بعد أخرى، فماذا يتبقى سوى الحكم العسكرى؟ كما عبر يوئيل ماركوس، عن ميله الشديد تجاه الاحتلال، قائلاً يجب ألا نخرج من غزة قبل أن نعرف بيقين أنه تم تدمير آخر الأنفاق، كما ينبغى العمل على تجريد غزة من الصواريخ، ثمة ميل للنسيان بأن غزة ليست كياناً مستقلاً، بل هى حزب - حركة «إرهابية»، كما أضاف يوئيل أنه على الحكومة أن تفكر مرتين، عشر مرات، أو مائة مرة إذا كانت تريد أن تحتل القطاع، ولكن من الواجب أن تعرف إسرائيل أنها دولة صغيرة مقارنة بالعرب وبالمسلمين، وفى نظره «انتهت الأيام التى تباهينا فيها بأن إسرائيل هزمت سبعة جيوش لسبع دول عربية، فإسرائيل الآن مزوّدة بالطائرات الأكثر تطوراً فى العالم، بغواصات وصواريخ عابرة للقارات التى يمكنها أن تدور حول الكرة الأرضية وتعود إلى قواعدها». وكتب عاموس ريغف، مقالاً لاقى تأييداً كبيراً واهتمت به وسائل الإعلام الإسرائيلى قال فيه: «الحرب هى الحرب فلها قوانينها ولها منطقها ولها قواعدها، فأنت تستطيع أن ترسل إشارة خفية إلى عدوك إذا كان مستعداً أو قادراً على فهم «الإشارات الخفية»، وأنت تستطيع أن تردع عدوك إذا كان يملك ما يخسره، أو إذا كان يريد أن يحفظ ما يملكه، وأنت تستطيع أن تضرب عدوك إذا كانت الضربات تؤلمه، وتستطيع أن تهزم عدوك إذا جربت كل خيار آخر فتأكد لديك أنه لا بديل عن النصر». وفى المقابل استند رافضو فكرة الاحتلال سواء كانوا سياسيين أو كتاباً أو قادة جيش أو مسئولين على حجج قوية لإلغاء فكرة الاحتلال، مؤكدين أن احتلال غزة سيفتح أبواب جهنم على إسرائيل وسيلقى بها فى البحر، فكتب يوفال ديسكن «أن اجتياح غزة هو تحدٍ عسكرى وإنسانى وسياسى من الطراز الأول، وسيكون له أيضاً ثمن بشرى مؤلم جداً»، كما أن إسرائيل تعانى الآن من أزمة اقتصادية بسبب الحرب التى من المرجح أن تتجاوز تكاليفها حاجز ال16 مليار شيكل نصفها لتكاليف الحرب العسكرية، فيما قدرت خسائر «إسرائيل» من الانخفاض فى الإنتاج المحلى ب4.5 مليار شيكل وخسائر الضرائب ب1.5 مليار شيكل، ولو فرض جدلاً أن قررت إسرائيل اجتياح واحتلال غزة بالكامل فسيكون حسب وصف الكتاب الإسرائيليين هو توريط لإسرائيل فى قطاع غزة لأمد طويل، ويعنى أن تصبح إسرائيل هى الجهة المسئولة عن توفير الظروف الحياتية للغزاويين وهو الرأى الذى عبر عنه الكاتب الإسرائيلى «ناحوم برنياع»، ناهيك عن الثمن الباهظ فى الأرواح الذى سيدفعه الجيش الإسرائيلى وهو ما يعد الخسارة الحقيقية لإسرائيل وهو المبرر الذى يتبناه كل من نتنياهو وبينى غانتس. ثم إن فكرة القضاء على حماس ومحوها من غزة، من المحتمل أن تأتى بقوات أكثر تطرفاً فى القطاع قد لا تقوى عليها إسرائيل، حسب آراء البروفيسور إيال زيسر فى جريدة إسرائيل اليوم. وبعيداً عن ذلك، فنتنياهو فى رده على مناصرى فكرة الاحتلال قد علق فى أحد اجتماعات الكابينت، «المجلس الوزارى المصغر للشئون الأمنية» أنه باحتلال القطاع ستفقد إسرائيل شرعية العملية من الأساس وتتحول لعملية احتلال قد يقف ضدها العالم لما تجنيه من قتلى وشهداء من الفلسطينيين.