قالت الدكتورة هالة شكرالله رئيس حزب الدستور، إنه من الوارد عدم ترشحها لرئاسة الحزب لفترة ثانية، حال نجاحها فى إنجاز لائحة جديدة خلال ال6 أشهر المقبلة، تمكن حزب الدستور من إجراء انتخابات داخلية تضمن استقرار الحزب، مشيرة إلى أن دخول الحزب فى تحالف انتخابى مع المصريين الأحرار -صاحب الخلفية الرأسمالية- لا يمس مبادئ الحزب المتعلقة بالعدالة الاجتماعية. وأشارت رئيس حزب الدستور فى حوار ل«الوطن»، إلى أنه لا يوجد أى تنسيق سياسى بين الحزب ومصر القوية، لأنها لا تتفق مع عبدالمنعم أبوالفتوح حتى قبل ثورة 30 يونيو، وهناك خط فاصل بين حزب الدستور والأحزاب التى تستخدم الخطاب الدينى فى مواقفها السياسية مثل «مصر القوية». وقالت إن المؤسسة العسكرية لا تحكم بشكل مباشر، وعليه فحكم العسكر «غير موجود»، ولكن هناك مؤسسات يتم تقوية مركزها مثل المؤسسة الأمنية وهو نفس الحال الذى كان موجوداً أيام نظام الرئيس الأسبق حسنى مبارك، رغم أن المفروض أن يكون للمؤسسات المدنية نفوذ أقوى فى الحكم. ■ مر ما يقرب من 6 أشهر على فوزك برئاسة حزب الدستور، ويتبقى لك عام ونصف، هل فكرت فى خوض الانتخابات مجدداً؟ - حقيقة أعتبر أنى قضيت عاماً كاملاً فى رئاسة الحزب، خاصة أنه بعد 6 أشهر سيتم إجراء الانتخابات على مستوى قواعد الحزب، وحتى هذه اللحظة لم أحدد موقفى سواء بخوض الانتخابات مرة ثانية أو الاكتفاء بتلك الفترة، ولكن ما أعرفه جيداً أن رئاستى للحزب «مرحلة انتقالية»، خاصة أن الدستور كان يمر بمرحلة صعبة تعرض فيها لهزات، وكنا نعيش وسط انشقاقات واستقالات تهدد بانجراف الحزب، وكان علينا التعامل سريعاً مع هذا الأمر، ولذلك على الفور بدأت عقب فوزى بتعديل لائحة الحزب بدلاً من القديمة التى كانت «غير صالحة»، واللائحة ستكون جاهزة بحد أقصى خلال 6 أشهر أيضاً. ■ حديثك يشير إلى أنه لو تحققت الأهداف التى ترشحتِ للرئاسة من أجلها، لن تترشحى مجدداً؟ - بالفعل، فبمجرد أن يكون للحزب قواعد واضحة، أعتقد أن دورى سيكون انتهى، وأقولها صراحة «احتمالات عدم ترشحى مجدداً واردة»، وأن يكون للخبرات القديمة دور جديد لكن بأساليب جديدة، من الممكن أن نشكل مستقبلاً ما يعرف ب«مجلس أمناء الحزب» يضم «أصدقاء الحزب» ليكون لهم دور مهم فى المرحلة المقبلة. ■ القاعدة الشبابية لحزب الدستور تصنف بأنها الأقوى من بين الأحزاب المدنية الأخرى، وكان لها دور رئيسى فى حملة حمدين صباحى المرشح الرئاسى الخاسر، هل تستطيع تلك القاعدة إثبات نفسها فى الانتخابات البرلمانية؟ - فى ظل قانون الانتخابات الحالى الذى يخدم «العصبيات ورجال الأعمال ورؤوس الأموال» سيصبح الأمر صعباً، لكن سنحاول أن نخوض تلك الانتخابات «بطريقتنا الخاصة»، لأننا لو قررنا المنافسة معهم بنفس وسائلهم المعروفة وهى «رش الفلوس»، سنخسر بالطبع، هدفنا للوصول للبرلمان هو تحقيق أهداف الثورة، وأن نقنع الشارع بأن البرلمان مهم لتحويل الدستور إلى قوانين تضمن حقوقهم، ولذلك نسعى لتجهيز برنامج انتخابى يؤمن بالعدالة الاجتماعية، والعمل على خلق كتلة ديمقراطية مرتبطة بمبادئ ثورتى يناير ويونيو. ■ تقصدين كتلة «معارضة للنظام الحاكم»؟ - ليس بالأساس كتلة معارضة، بقدر ما أنها كتلة تطرح السياسات البديلة للحكومة، وتلعب دور المراقب والمسائل للحكومة، ممثلاً عن الأحزاب، وأقول للأحزاب «دوركم هو المراقبة.. وليس مساندة النظام». ■ الدكتور محمد البرادعى مؤسس الحزب ونائب رئيس الجمهورية السابق، كان دائماً يتفاخر بأن حزبه «يضم قواعد شعبية»، هل تعتقدين أن تلك القواعد ما زالت موجودة حتى بالرغم من مساندة «الدستور» لحمدين صباحى فى مواجهة عبدالفتاح السيسى فى الانتخابات الرئاسية؟ - معركة الرئاسة كانت لديها خصوصية شديدة، التى انعكست على المرحة الحالية بشكل مباشر، وما يحدث حالياً هو عكس ما حدث عامى 2011 و2012، فالشعب فى السابق كان يمارس «السياسة» بشكل مباشر، ووقتها كانت الانحيازات واضحة، لكن الآن نحن نعيش حالة من «التراجع الشعبى»، وكأن الشعب «سلم دوره للدولة»، وقالها صريحة «أنا مش داخل فى المعركة». ■ هل تقصدين أنه حينما قرر الشعب تسليم دوره للدولة، هنا «الثورة لم تعد مستمرة»؟ - صراحة الثورة لم تعد مستمرة، وحدث نوع من التراجع بعد إسقاط الشعب للإخوان، وهذا لا يعنى أن الشعب قرر أن ينهى دوره للأبد، ولكن الأكيد أن رغبة الشعب فى الحكم تراجعت، وهذا أمر سيئ، ونحن بالمناسبة نعيش تراجعاً فى القضايا الديمقراطية ومسألة الحريات، وذلك يلقى بظلاله على معركة الدولة ضد الإرهاب التى أثرت على أشكال التعبير عن الرأى. ■ حزب الدستور ذكر فى أكثر من بيان صحفى خلال المرحلة الماضية مصطلح «القمع»، هل ما زلنا نعيش تلك المرحلة؟ - نعم، حينما يسلط قانون التظاهر ضد الشباب السلمى، وتصل لدرجة الأحكام إلى عدة سنوات مشددة، بالرغم من أن تلك الفئة بعيدة عن حرب الدولة ضد الإرهاب. ■ اجتمعتِ مع المستشار عدلى منصور رئيس الجمهورية السابق، هل دار فى المناقشات أى شىء يخص تعليق قانون التظاهر والإفراج عن المحبوسين؟ - حضرت اجتماعاً معه مرة وحيدة فقط، وكان يناقش أزمة تحصين عمل لجنة الانتخابات، وكان رأيى الذى قلته بوضوح إنه يجب ألا نثق فى أى شىء بشكل مطلق والمسار غير صحيح، والحقيقة أنى أثق فى أن المستشار عدلى منصور كانت لديه نوايا حسنة، ولكن القوانين التى صدرت فى تلك المرحلة استُخدمت بشكل «عشوائى»، ووجِّهت فقط لاصطياد شباب ثورتى يناير ويونيو. ■ لماذا تفسرين تلك القوانين بأنها «اصطياد للشباب»، بالرغم من أن كل التصريحات الرسمية التى خرجت عقب ثورة 30 يونيو قالت إن الدولة تفتح ذراعيها للشباب؟ - أرى أنه لم توجد رغبة من الدولة للسماح للشباب بالتعبير عن مطالبهم فى شكل «وقفات واحتجاجات»، ونفس الأمر تكرر مع القوى العمالية، حيث تزايد «القمع» لوقفاتهم، وكأنها رسالة بأن التعبير عن الآراء عبر «التظاهرات» غير مرغوب فى الفترة المقبلة، ولا ينظر لها بأنها جزء أساسى من العملية الديمقراطية. ■ فى أول مؤتمر صحفى بعد فوزك برئاسة الحزب قبل إجراء الانتخابات الرئاسية، تحدثتِ عن ملف المحبوسين على ذمة قضايا سياسية، وتطرقتِ ل«المرشح العسكرى»، هل حديثك يعنى أن مصر تعيش الآن تحت نظام «عسكر»؟ - لم أقل إننا نعيش تحت نظام عسكر، لكننى قلت بمنتهى الوضوح إنه من الخطأ أن يترشح شخص ذو صفة عسكرية، لأنه ينعكس بشكل سلبى على منطق الحكم المدنى. ■ بمعنى؟ - من اللحظة الأولى لترشح الشخص العسكرى، تسخر الدولة إمكاناتها لصالح وصول ذلك الفرد سواء كان جيداً أم سيئاً. ■ وهل هذا حدث مع الرئيس عبدالفتاح السيسى أثناء حملته الانتخابية؟ - أعتقد أن الإعلام اتبع هذا حتى من قبل إعلان الرئيس السيسى ترشحه، وهذا يؤدى إلى نوع من الشعور بانعدام العدالة. ■ الآن وبعد مرور نحو ما يزيد على شهرين من حكم الرئيس السيسى، هل تستطيعين أن تقولى إن مصر تعيش تحت حكم «العسكر»؟ - لا، المؤسسة العسكرية لا تحكم بشكل مباشر، وعليه فحكم العسكر «غير موجود»، ولكن هناك مؤسسات يتم تقوية مركزها داخل مؤسسة الرئاسة مثل المؤسسة الأمنية، وهو نفس الحال الذى كان موجوداً أيام نظام الرئيس الأسبق حسنى مبارك، والمفروض أن يكون للمؤسسات المدنية نفوذ أقوى فى الحكم. ■ بعد استقالة الدكتور محمد البرادعى عقب فض اعتصامى «رابعة العدوية» و«النهضة»، شعر عدد من أعضاء الحزب بأن الدولة تنتقم منهم لموقف «البرادعى». - الحزب تم تشويهه بعد فترة فض الاعتصام، وتعرضنا لحملة تخوين، ما أثر على شكل الحزب فى الأوساط السياسية. ■ وماذا عن موقفك تجاه حزب مصر القوية ورئيسه الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح؟ - لا أتفق مع توجه الحزب فيما يتعلق بمقاطعة الانتخابات الرئاسية الماضية، وشخصياً لا أتفق مع عبدالمنعم أبوالفتوح حتى قبل ثورة 30 يونيو، ونحن نضع خطاً فاصلاً بين حزب الدستور والأحزاب التى تستخدم الخطاب الدينى فى مواقفها السياسية ك«مصر القوية». ■ لكن البعض يربط بين مواقف حزبى «الدستور ومصر القوية» فى الآونة الأخيرة، ويتحدثون عن تنسيق مشترك. - لم يحدث أى تنسيق سياسى، واشتركنا فقط فى تنظيم قافلة طبية إلى غزة، وهو أمر خارج نطاق السياسة المحلية، فنحن نتضامن مع شعب شقيق يتعرض للإبادة. ■ هل حدث بينك وبين الدكتور البرادعى أى اتصال فى الآونة الأخيرة؟ - لا، لم يحدث، ولا توجد اتصالات مباشرة معه فيما يدور داخل الحزب، والدكتور البرادعى ليس له أى دور فى السياسات التى يتخذها الحزب، ولا يتدخل إطلاقاً فى هذا الشأن، ولا يشارك حتى برأيه، وكل ما حدث هو بعض الرسائل التى وصلت إلينا بعد إجراء الانتخابات على رئاسة الحزب ومفادها ترحيب بالنتيجة. ■ حزب الدستور يبحث عن تطبيق مبادئ العدالة الاجتماعية، وأنتم جزء من تحالف «التيار الديمقراطى»، وتتجهون إلى التحالف مع حزب المصريين الأحرار الذى يتبنى المنهج الرأسمالى.. ألا يعد هذا تناقضاً؟ - نحن نتحدث عن ائتلاف انتخابى يمثل قضايا الديمقراطية بمفهومها الشامل، وهو أمر شديد الأهمية فى المرحلة الحالية والمقبلة، وأيضاً هو ائتلاف يتبنى عدداً من القضايا والمبادئ مثل العدالة الاجتماعية، والأحزاب التى ستتفق على هذه المبادئ بما فيها بعض التشريعات التى تخدم هذا التوجه وهذا الإطار مرحب بها. ■ وهل هذا جائز مهما كانت الاختلافات الأيديولوجية؟ - إذا تم الاتفاق على هذا فلا يوجد هناك اختلاف، ونحن ندفع بفكرة أن يكون هناك برنامج أو وثيقة للائتلاف تنظر بشكل واضح لمبادئ 25 يناير و30 يونيو، وتضمين مبادئ الثورة، وبالتالى ننتصر لها، والأحزاب التى تقول إنه تناصر ثورة 25 يناير و30 يونيو، من الطبيعى أن تتفق على عدد من المبادئ التى تمثل حرية الديمقراطية، ولن أطلق أحكاماً على أى حزب لكن سأنسب الحكم بارتباطه وموافقته على هذه الوثيقة. ■ وما آخر المشاورات بشأن تشكيل تحالف موحد يضم كل الأحزاب سواء المنضمة للجبهة المصرية أو الوفد المصرى؟ - أى محاولة لزج أحزاب تمثل النظام القديم من قريب أو بعيد بثوب جديد فهو أمر مرفوض تماماً ولن نقبله، وهناك عدد ليس بقليل من هذه الأحزاب التى تشكل تحالفات، وهذه المحاولات ستبوء بالفشل، ونحن لا نتحدث عن ائتلاف واحد يضم أحزاب مصر بلدى أو الحركة الوطنية الذى يؤسسه شفيق، لأنها أحزاب تحاول استعادة النظام القديم وهذا يجعلها خصماً لنا لأنها تنشط من أجل إسقاط كافة وأى مكاسب استطاعت الثورة أن تحققها سواء الدستور أو غيره، ولا يمكن أن يجمعنا معهم شىء مشترك، والائتلاف الذى نأمل أن يتحقق هو الذى يضم الأحزاب التى ما زالت تنسب نفسها لثورة 25 يناير، بالإضافة إلى ثورة 30 يونيو التى تستبعد الأحزاب الدينية، نحن نهدف لتكوين كتلة مدنية تدافع عن الديمقراطية وقوانينها وآلياتها وعن العدالة الاجتماعية. ■ وهل مشاورات تشكيل تحالف بين الأحزاب التى تؤمن بالثورتين ستنجح؟ - نحن أقرب إلى هذا، ونحن نريد مشاركة أطراف أخرى مثل الكتلة العمالية وكل الاتحادات المستقلة والعمالية، وأن تكون كل الأطراف التى لديها مصالح اجتماعية وسياسية واقتصادية داخلة فى هذا الائتلاف، وأعتقد أن هذه المبادرة ليست فقط قادرة على أن تنجح، لكنها جديرة بأن تنجح. ■ ألا تخشين من انشقاقات جديدة داخل حزب الدستور، خاصة أن البعض يرى أن الحزب يدفع الثمن نتيجة انحيازه لشعارات الثورة، فى حين يرى البعض الآخر ضرورة استكمال طريق الثورة؟ - الحقيقة أن هذا جزء من الارتباط مع الجماهير، والثورة ليست فقط مظاهرات، بل السعى للتغيير وإلى الأفضل، ولا أعتقد أن حزب الدستور به كتلتان وأن هناك كتلة محدودة النفوذ وأخرى غالبة، ورأيى أن هناك أعداداً كبيرة داخل حزب الدستور تريد أن تعمل على أرض الواقع، وترى أنه علينا أن ننتقل من عمل الثورة إلى عمل السياسة، وأنا أسميها الانتقال إلى الجماهير وتستخدم كل الآليات التى تستطيع أن تدافع بها عنهم بل وتشركهم معك، ومع تطوير آليات الحزب أستطيع القول إننا قادرون على توحيد الناس على الأهداف والأساليب، وهناك أعداد كبيرة ترحب بهذا، مثلاً: أن نتحدث عن قانون التظاهر بالتظاهر، وهناك خبرة ما زالت تبنى لأننا أحزاب عمرها صغير، وأعتقد أننا نعبر عن رغبة الملايين فى التغيير بعد سنوات من إغلاق العمل السياسى، اليوم الجماهير انتقلت إلى مكان آخر، وعلى القيادات السياسية أن تنتقل إلى الجماهير وتشركهم فى العمل. ■ برأيك أى تيار سيكون غالباً فى البرلمان؟ - لا أستطيع أن أعطى إجابة مطلقة لأننا فى بداية عملية إعداد البديل، وهذا يفترض تغيير المعادلة وموازين القوى، ولو نجحنا فى خلق بديل ستكون النتيجة أن البرلمان المقبل سيكون غير برلمان 2010 وبرلمان 2005، ونستطيع وقتها أن نجعله برلماناً سياسياً قادراً على المراقبة والمحاسبة للهيئات التنفيذية. ■ وما موقفكم إذا جاء البرلمان المقبل شبيهاً لبرلمان 2010؟ - موقفنا هو أن نضغط من خارج البرلمان ومحاسبته، وهناك معايير معينة لإسقاط هذا البرلمان إذا كان هناك تزوير واضح، أو مخالفات شديدة أو سعى للتراجع عن الدستور الذى وضعناه، فيجب علينا أن نتخذ موقفاً من هذا البرلمان، لكن أيضاً علينا حتى وإن كنا داخل تشكيل البرلمان أن نضغط لتوصيل صوت الناس، ولتوصيل رغباتهم فى التغيير، هكذا تفعل الشعوب. ■ هل يمكن أن تتطور فكرة التحالفات الانتخابية لاندماجات حزبية؟ - الاندماجات مطروحة بشكل عام ومرحب بها وأى خطوة تجاه الاندماج سنعود فيها لقواعد الحزب للمشاركة فى هذا القرار، لأنها قرارات استراتيجية، وستكون عبر خطوات كثيرة من العمل المشترك، لأن كل الاندماجات التى يتخذ قرارها من «فوق» تؤدى إلى انشقاقات، ونحن فى مجموعة ال6 أحزاب التى تمثل التيار الديمقراطى، نقترب من بعض، وهناك وثيقة يتم بلورتها لهذا التحالف، وهذه خطوة للعمل المشترك، ونسعى أن يكون هذا التحالف مفتوحاً ويضم مثلاً الحزب المصرى الديمقراطى لأنه قريب منا من حيث البرنامج.