أكد العديد من الدراسات أن ظاهرة تجارة الأعضاء البشرية بمصر قد استفحلت حتى أنها أصبحت تحتل المركز الثالث عالمياً، مشيرة إلى أن هذا النمط من التجارة غير المشروعة أصبح أكثر رواجاً وربحاً وأماناً لتلك العصابات من تجارة المخدرات التى تحفها المخاطر، حتى أن انتعاش هذه التجارة غير المشروعة بمصر منحها لقب (برازيل الشرق الأوسط) نظراً لأن البرازيل من المفترض أنها تحتل المركز الأول بالنسبة لدول أمريكا اللاتينية فى مجال تجارة الأعضاء البشرية، وقد أوردت تلك الدراسات أسعار تداول الأعضاء البشرية فى مصر، حيث ذكرت أن متوسط سعر الكلية يتراوح ما بين (30 و80 ألف جنيه) وأما سعر الكبد فيتراوح (من 70 إلى 100 ألف جنيه ) فى حين أن سعر البنكرياس وصل إلى 40 ألف جنيه، وأفردت بعض هذه الدراسات بعض الحقائق الصادمة حول أسلوب تقسيم الأرباح الناتجة عن هذه التجارة غير المشروعة، فقالت إن قيمة العضو البشرى لا تذهب بالكامل إلى البائع وإنما يتقاسمها معه الطبيب والسمسار، فيحصل البائع بعد ذلك على نصف أو ثلث القيم المذكورة سلفاً، ومن الحقائق المؤكدة أيضاً التى لوحظ حدوثها فى أعقاب معظم عمليات التبرع أن 78٪ فى المائة من المتبرعين بمصر تبدأ صحتهم فى التدهور الحاد فى أعقاب تلك العمليات الجراحية التى تجرى لهم بغية نقل الأعضاء، بينما 73٪ يعانون من الوهن والضعف بشكل عام فيما بعد، نتيجة للتبرع بأعضائهم تحت ضغط الفقر والحاجة وعدم الوعى وضعف الثقافة التى تدفع بهم إلى هذه الهاوية التى قد تودى بحياتهم بعد أن تتمكن منهم عصابات يديرها أحياناً بعض الأطباء الذين يعملون بلا ضمير أو رحمة بهدف الحصول على مكاسب سريعة، حتى وإن أودت بحياة الغير من المعدمين والسذج. وتجدر الإشارة هنا إلى أن الأمر لا يقتصر على استغلال حاجة البسطاء فقط وإنما يتجاوز هذا إلى ظاهرة أكثر خطورة ألا وهى ظاهرة اختطاف الأطفال والمشردين والمختلين عقلياً لسرقة أعضائهم ثم الإجهاز عليهم للتخلص منهم، ومن ثم بيعها بمبالغ مالية كبيرة، كما تقوم أيضاً هذه العصابات بسرقة جثث المحكوم عليهم بالإعدام، خاصة إن لم يوجد من يتسلمها من ذويهم بعد تنفيذ الأحكام الصادرة ضدهم أو أن يقوموا بسرقة تلك الجثث بعد دفنها. وأما بالنسبة للبرازيل فهى تعد كما ذكرت سابقاً من أكثر الدول على مستوى العالم التى تعانى من هذه الظواهر، خاصة أن عدد الأطفال المشردين بها فى ازدياد، حيث وصل إلى الملايين وفقاً للإحصائيات غير الرسمية المتاحة. من ناحية أخرى شاعت فى السنوات الأخيرة أنماط أخرى من تلك الجرائم، التى تعد الأشد خطورة وتتضمنها ظاهرة الاتجار بالبشر، تلك الجرائم التى تتم عن طريق الإنترنت كالجرائم الجنسية، إضافة إلى جرائم سرقة الأعضاء، وقد شوهد فى السنوات الأخيرة تزايد كبير فيها، حيث يعتبر الأطفال المراهقون من أكثر الفئات التى يمكن الإيقاع بها واستغلالها عبر شبكة المعلومات الدولية، ومن ثم نجد أن هذه المشكلة تعد الأخطر والأكثر تعقيداً واحتياجاً أيضاً إلى حلول قاطعة عن طريق تشريعات تعمل على حماية المجتمع من ضعاف النفوس الذين ينتهكون آدمية الغير ويسقطون العديد من الضحايا، بالإضافة إلى حزمة من الإجراءات التى يجب أن تؤخذ جدياً، كتفعيل تطبيق قانون نقل الأعضاء من الموتى إلى الأحياء، مع التوعية المجتمعية لثقافة نقل الأعضاء من الموتى، وكذلك الوصول إلى صياغة ضوابط صارمة تحكم هذا النشاط بشكل يتسم بالشفافية، مع الوصول إلى آلية منظمة لتبادل المعلومات بهذا الصدد بين الجهات المعنية بالتصدى للأنشطة الإجرامية وغير المشروعة فى تجارة الأعضاء، مع بناء قاعدة بيانات موحدة ودقيقة لجميع الجهات المعنية وسن قوانين رادعة لغير الملتزمين من الأطباء حتى تتسنى بعد ذلك السيطرة على هذه الظاهرة الكارثية.