يصرخ الجميع بأعلى صوت "جووول"،.. ينتفض الجالسون ويتأفف الجيران في المحيط، "شيشة وماتش ومشروب"، هكذا يتلخص معنى "المقهى" بالنسبة للكثيرين ممن يضيعون أوقاتهم بالجلوس عليها، لكن يبدو أن هذه الصورة في طريقها للتغير على يد مجموعة من محبي الثقافة الذين يطرحون ثلاثية مختلفة للمتعة تقوم على "كتاب ولوحة وقهوة". في منطقة عابدين كان من الممكن ل"دينا أبو السعود" أن تجني الكثير من المال بواسطة تلفاز موصول بالقمر الصناعي وبعض المشروبات الخفيفة والمقاعد، في مقهاها "كافيين" لكنها فضلت أن تقدم شكلا مختلف ل "المقهى" الذي يحمل بين جمباته معرضا فنيا، وكتبا للقراءة ومساحة لتبادل الأفكار. "ننظم عندنا في المقهى معارض فنية، كان آخرها معرض (علامات الحب) ونقدم مشروبات وشيشة وكتب، تتلخص فكرة القهوة عندي في أنها مساحة تلتقى بها ثقافة القهوة والشاي العالمية بروح القاهرة، في جو ملهم للتفكير والتأمل والإبداع، بحيث تقوم صداقات جديدة بين رواد المقهى الذين لا ينفقون أوقاتهم في مشاهدة المباريات فقط، ولكن أيضا في قراءة الكتب وتأمل اللوحات (الكتبجية)"، هكذا وصفت "أبو السعود" تفاصيل المقهى الذي تملكه، مؤكدة أنه يوجد مقاهي مثلها تقدم إلى جانب المشروبات كتب وموسيقى ولوحات، لكن بمقابل مادي. مطالعة مجانية، ومشروب مجاني أيضا، هكذا هو الحال في القاهرة الجديدة، ب "لو جراج"، حيث قرر أحمد شحاتة المهندس المعماري، الذي يعمل ببيع التحف الفنية والأنتيكات، أن يخصص مكانا بمحله للمطالعة المجانية، يوفر خلالها لرواد المكان مشروب مجاني أيضا :"عاوز أنشر الثقافة بين الناس، نفسي كل المصريين يبدأوا يقرأوا". 300 كتاب ومجلة متخصصة حول الفن والعمارة والديكور يوفرها الرجل في ركنه الصغير، قائلاً:" لازم الواحد يكون له رسالة مجتمعية، الفكرة عندي من تلات سنين، لكن نفذتها من سنة ونص بس". لا ينتظر "شحاتة" من يدخل إلى محله أن يشتري من منتجاته، فهو يرحب أيضا بالكثير من الطلبة ومحبي القراءة الذين يأتون إلى المكان بغرض القراءة فقط، معبرا عن أمله: "متفاءل إن الثقافة هتنتشر خلال الفترة الجاية وفي كل مقهى عام هيكون في ركن للقراءة والموسيقى بعيد عن الصخب وتضييع الوقت".