الجميع يقوفون على الأقدام، ينظرون إلى موضع سجودهم، يستمعون إلى ما أنزل الرحمن من آيات بينات، "ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق، يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين".. ذلك حال آلاف من المصلين يصطفون ليلة السابع والعشرين من رمضان لأداء صلاة التراويح من مسجد عمرو بن العاص، يؤمهم في الصلاة من اشتهر بدعائه الذي يغسل القلوب من الهموم، ويطهر الصدور من الغم. الشيخ محمد جبريل، أحد كبار المقرئين في مصر والعالم الإسلامي، ولد بقرية طحوريا بمركز شبين القناطر بمحافظة القليوبية عام 1964، رحلته مع الذكر الحكيم بدأت منذ طفولته، حيث حفظ القرآن قبل أن يتم عامه العاشر، أمّ المصلين بقريته وهو في الثانية عشرة من عمره، وتم ترشيحه للعديد من المسابقات القرآنية في مصر والعالم الإسلامي حيث فاز وهو طفل بمسابقة القرآن الكريم على مستوى الجمهورية والمسابقة الدولية لحفظة القرآن بماليزيا، ومسابقة العالم الإسلامي التي أقيمت بمكة المكرمة. انطلاقة الشيخ مع القرآن لم تكن عبر البلد الذي أنجبه، حيث حصل على إجازة الشريعة والقانون من معهد الأزهر، ثم انتقل إلى الجامعة الأردنية دارسًا لعلوم القرآن هناك، وعمل مدرِّسًا للقرآن الكريم بالجامعة ذاتها، واشتغل قارئًا ومعدًا لبعض البرامج الدينية بالتليفزيون الأردني، وقام بتسجيل المصحف المرتل كاملًا بصوته للإذاعة والتليفزيون الأردني وبعض الإذاعات العربية. شهرته لم تبدأ في مصر إلا بحلول عامه الرابع والعشرين، حيث بدأ الشيخ محمد جبريل مشوار إمامة المصلين في مسجد عمرو بن العاص عام 1988، وبدأ يلمع في الليالي الرمضانية التي كانت الإذاعة المصرية تنقلها من المسجد، ما جعله مَعلمًا أساسيًا من معالم صلاة التراويح في شهر رمضان، إلى جانب تسجيله للعديد من المصاحف المرتلة في الأسواق المصرية في منتصف التسعينات. ذكريات إيمانية انتظرت الشيخ محمد جبريل في العديد من الدول التي زارها، حيث يروي، في حوار سابق له، أن أسعد لحظاته كانت حينما أمّ آلاف المصلين الذين لا يتحدثون العربية في لندن، وكان تأثير تلاوته واضحًا عليهم، وأسلم على يديه هناك 3 رجال وامرأتان، وتكررت الواقعة نفسها في الولاياتالمتحدة حينما أشهر 7 رجال وامرأتان إسلامهم وجاءوا إلى مصر لحضور ختم القرآن معه في مسجد عمرو بن العاص، علاوة على إمامته لعشرات الآلاف من السنَّة والشيعة معًا في لبنان، وإعلان 5 ماليزيين إسلامهم على يديه بعد سماع قراءته للقرآن أثناء الصلاة.