لم يكن الوجه الأكثر قبولا لدى الشارع أو الميدان، لكنه على الأقل ظل الخيار الوحيد الباقى لصدارة المشهد، بعد أن نفد رصيد أعضاء «المجلس الأعلى» واحدا تلو الآخر بدءا ب«أصبع» الفنجرى ومرورا بالعصار والملا وعتمان والروينى. هو «العسكرى» الوحيد الذى صلى خلفه الإخوان والسلفيون والسياسيون بمختلف توجهاتهم أثناء اجتماع اللجنة التأسيسية للدستور، فقيه «العسكر» التشريعى يؤم الجمع بلا استفتاء أو إعلان دستورى، الأئمة الأربعة الكبار قالوا بإمامة الأقرأ والأفقه، المهندس التشريعى للمرحلة الانتقالية قال فى أعقاب الاستفتاء على تعديل الدستور «اللى قالوا نعم فى الاستفتاء قالوا نعم للمجلس العسكرى»، لم يختلف كثيرا عن الشيخ حسين يعقوب يوم سماها «غزوة الصناديق»حيث قال: «المصريون قالوا نعم للإسلام»، وكأنما يتبع مقولة تشرشل: «حارب عدوك بالسلاح الذى يخشاه وليس السلاح الذى تخشاه أنت». يؤخذ على الرجل تضارب تصريحاته حينا، وعدم مطابقتها للواقع أحيانا كثيرة، أقواله لا تتسق وزيه «الكاكى»، فهو القائل فى مارس 2011 إن دستور 71 مات ولن يعود، ليأتى بعد 6أشهر ويعلن بكل صراحة أن هذا الدستور لا يزال قائما، وفى غضون شهرين تندلع أحداث محمد محمود، ويتم الاعتداء على المتظاهرين بميدان التحرير، ويخرج مرة ثالثة ويتحدث بيقين العالم ببواطن الأمور: إن هناك طرفا ثالثا وأيادى خفية وراء تلك الأحداث، وإنه سوف يتم الإعلان عن نتائج هذه التحقيقات قريباً جداً. لم ينس مساعد وزير الدفاع أن يضيف: «التحقيقات ستفجر مفاجآت بالكشف عن أسماء المنظمات المتورطة فى تلك الأحداث». ابن قرية «العمار» -الشهيرة بزراعة المشمش- يراهن على ذاكرة المصريين. ما إن ذهب الدكتور الجنزورى ليؤدى اليمين الدستورية أمام المشير، حتى خرج شاهين ليزيل كل اللغط الذى طال هذه الحكومة: «الجنزورى له صلاحيات مطلقة، وشرف كان يتمتع أيضا بصلاحيات كاملة»، عبثا حاول المغرضون التشكيك فى كلامه، لكن جاءت واقعة سفر المتهمين فى قضية المنظمات الأجنبية لتؤكد صدق اللواء شاهين: «صلاحيات شرف هى نفسها صلاحيات الجنزورى». يتنحى جانبا كلما هدأت الأمور، الرجل الذى ظهر للمرة الأولى فى فبراير 2011 على قناة «دريم» الفضائية، يبدو وكأنما يُزج به فى الأوقات العصيبة فقط، عندما ظهرت بوادر سيطرة الإسلاميين على الانتخابات البرلمانية خرج ليؤكد: «البرلمان القادم بأى أغلبية كانت، ليس من حقه اختيار أو إقالة الحكومة المقبلة»، ولما تطاول البعض على قيادات المجلس الأعلى ذهب إلى البرلمان وتحدث محتدا ومتوعدا ومطالبا «سيد قراره» بالتصدى «العبد يقرع بالعصا»، وعند السير لوزارة الدفاع هدد باللجوء إلى قانون الطوارئ حتى وإن جىء برئيس مدنى «والحر تكفيه الإشارة».