قبل نحو 15 عاماً، لم تكن البلطجة والانحرافات السلوكية ظاهرة مجتمعية فى مصر، غير أنها أصبحت كذلك بفعل عوامل عديدة، كان أبرزها دعم منظومة الشرطة لطائفة من البلطجية الذين يعملون تحت مظلتها، بالتوازى مع حالة انحطاط فنى قدمت البلطجى والفهلوى والخارج على القانون فى صورة البطل. ونتيجة لذلك تحولت مصر إلى ما نحن عليه الآن: «على قد ما تقدر.. بلطج». ولأن النظام دائماً جاهل، فإنه يتفنن بدوره فى صناعة الأزمات ومنح أدوار البطولة للتافهين والبلطجية، وليس أدل على ذلك من القرار التافه الخاص بمنع فيلم «حلاوة روح» بعد موافقة الرقابة على عرضه. وها هم المنافقون المتطوعون يكررون الجريمة نفسها بقرار رفض عرض مسلسل «أهل إسكندرية» لصاحب المؤلفات التافهة بلال فضل، وكأن هذا المسلسل سيهز أركان حكم مصر. حقا هل يستطيع المواطن «اليمنى» بلال فضل صاحب أفلام الانحطاط والابتذال أن يغير موقف الناس تجاه وطنهم؟ هل يستطيع أن يدفع الناس إلى الخيانة؟ لا أظن أنه قادر على ذلك، ومن يتابع مشوار بلال ابتداء من «حرامية فى كى جى تو»، مروراً ب«بلطية العايمة وحاحا وتفاحة ووش إجرام وخالتى فرنسا وعودة الندلة»، سيدرك أننا أمام تفاهة لا مثيل لها، لا يمكن أن تفعل شيئاً سوى ترسيخ نماذج «الهطل» والإسفاف والابتذال والبنطلونات الساقطة والبانجو. ولأنها كانت فرصة ذهبية لصاحب التفاهة فى أن يصبح بطلاً، فقد أصدر بلال بياناً يتحدث فيه عن نفسه كضحية ويحاول تصوير ما حدث على أنه دليل عداوة مع ثورة 25 يناير، وكأنه يريد إجبار قناتين خاصتين على بث مسلسله «التافه قبل أن أراه»، ثم يتسول قنوات الدولة لعرضه. وكان يمكن أن نتفهم بيانه لو أن المنع صدر من تليفزيون الدولة، ساعتها سيكون المنع قرار نظام، أما أن يكون الأمر قراراً من قنوات خاصة فهذا يعنى أننا أمام شخص جاهل. قديماً، كان «بلال» نفسه يروى حكاية طريفة عن يوم كان يركب فيه عربة نقل جماعى مع بعض أصدقائه، وارتكب أحدهم فعلاً سافلاً مع طفل كان يركب العربة، ولم يجد الطفل رداً سوى أن ينتظر النزول من السيارة ثم صرخ فى بلال وأصحابه: «تعرف تقرا فى الهوا»، ثم كتب لهم بأصابعه فى الهواء سباباً بذيئاً على سبيل الانتقام. بلال فضل، الصحفى الموهوب سابقاً، والكاتب التافه صاحب المواقف المؤيدة للإرهاب حالياً، أظننى ألمح كثيراً من أطفال مصر الذين لم يتلوثوا بأفلامك ومسلسلاتك يقولون لك: «تعرف تقرا فى الهوا؟» ثم يكتبون لك بأصابعهم ما يليق بك.