تفتتح الدنمارك، اليوم، بعد تسع سنوات على قضية الرسوم الكاريكاتورية عن النبي محمد "صلى الله عليه وسلم" أول مسجد بمئذنة شيد بتكلفة عشرين مليون يورو قدمتها قطر. ويعتبر افتتاح المجمع البالغة مساحته 6700 متر مربع والذي يضم المسجد ومركزًا ثقافيًا واستديو تلفزيونيًا وقاعة رياضة، انتصارًا بعد سنوات من الخلافات السياسية والاحتجاجات التي واكبت المشروع، غير أن المبنى ليس رمزًا الاندماج الذي كان يأمل به العديد من مسلمي هذا البلد البالغ عددهم الإجمالي 200 ألف. ويقيم الدنماركيون علاقة معقدة مع الإسلام الذي يعتبر ثاني ديانة في بلادهم، متأثرين بسياسة الحزب الشعبي الدنماركي "يميني معاد للهجرة" الذي قضى عشر سنوات في الحكومة وبعنف ردود الفعل على الرسوم المنشورة في صحيفة "يلاندس بوستن" عام 2005. وقال رئيس التحالف الليبرالي "وسط يمين" أندرس ساميولسن متحدثًا لصحيفة برلينغسكي "لن أجازف وأدعم شيئًا يعتبر دعمه من الحماقة". ورأى رئيس الحزب الشعبي الدنماركي كريستيان توليسن دال، أن قطر تأمل "على الأرجح في ممارسة تأثير سواء مباشر أو غير مباشر على المسجد" ما سيضر بنظره باندماج مسلمي الدنمارك. وقال المتحدث باسم المجلس الإسلامي الدنماركي محمد الميموني "لسنا معنيين بسياسة قطر ولا صلة لنا على الإطلاق بما يجري هناك"، وأكد أن المجلس لديه "كامل الصلاحيات" في المسجد موضحًا أن الأموال التي قدمتها قطر هي "هبة سخية غير مرفقة بأي مطلب". وكان المجلس يعتزم في بادئ الأمر الحصول على هبات من ممولين كويتيين وسعوديين غير أن أمير دولة قطر السابق حمد بن خليفة ال ثاني أبدى اهتمامًا بالمسجد بعدما تحدثت عنه قناة الجزيرة القطرية. وأوضح مسلمو الدنمارك للممولين الخليجيين أنهم يعتزمون تشجيع الحوار مع شرائح أخرى من المجتمع الدنماركي، وقد دعا المجلس ممثلين عن الكنيسة الدنماركية ومجموعة اليهود في هذا البلد الى حفل الافتتاح الخميس. ومن المتوقع أن يحضر وفد قطري يضم وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية الحفل الذي ستنقله الجزيرة والتلفزيون العام القطري. وفي بلد تسوده الليبرالية في السلوك وتسمح فيه الكنيسة البروتستانتية بزواج مثليي الجنس، تبقى تساؤلات كثيرة مطروحة رغم تطمينات رئيس المجلس الإسلامي حول إمكانية تكيف المسجد السني مع المجتمع المحيط به.