بعد انتخابات رئاسية غير مسبوقة، شهد لها العالم بالنزاهة والشفافية، تسلم الرئيس عبدالفتاح السيسى مقاليد حكم مصر لمدة أربع سنوات، وبعد مخاض أليم من التخبط والعشوائية تبدو مصر دولة فتية واثقة الخطى، واضحة المعالم، تقف على أرض صلبة مستندة إلى عراقة شعبها، وطيب معدنه النفيس. لم تعد مصر الدولة العجوز الهشة، ولم تعد الدولة الضعيفة المهترئة التى يسودها الانقسام والفوضى، وإنما بفضل يقظة شعبها وصلابة جيشها وفدائية شرطتها عادت مصر لأبنائها دولة فتية قوية شابة تعيد أمجادها، وتصحح مسارها، وتنقِّى ثوبها الناصع من براثن الجمود والانغلاق والرجعية والإرهاب. من حق المصريين أن يستعيدوا الفرحة، وأن يتشبثوا بالأمل بعد فترة حالكة السواد، وبعد إثبات قدرتهم الفذة على إجهاض مكائد الداخل، ومؤامرات الخارج. لقد عادت الدولة بكل عناصرها وقامتها وقيمتها وهيبتها لتحسن استغلال مواردها، وتستنهض كل طاقاتها من أجل البناء والتقدم، والقفز خطوات هائلة نحو مصاف الدولة المتقدمة، سوف تدهش العالم كما أدهشته مرات عديدة، البعيد منه قبل القريب. لقد أعاد المصريون صياغة تاريخهم، وبهروا العالم من جديد بفضل شعب لا يعرف المستحيل، يظنه الجاهل شعباً نائماً أو خاملاً ولكنه شعب عريق، ينتفض فى اللحظة المناسبة ليصنع المعجزات. لقد عبَّر المشهد الحضارى لتسلم السلطة وإقامة الجمهورية الثالثة عن انتصار الدولة المصرية، واستعادة الكبرياء الوطنية، وتدشين الشرعية الدستورية لثورة 30 يونيو. كان مشهد المحكمة الدستورية العليا ببنائها الشامخ وقضاتها الأجلاء لحظة حلف اليمين الدستورية، ولأول مرة فى تاريخ مصر يتسلم الرئيس الجديد مقاليد السلطة من الرئيس السابق فى مشهد تاريخى بقصر العروبة «الاتحادية» وبحضور ملوك ورؤساء وممثلين لقيادات عربية وعالمية، حيث تم توقيع وثيقة تسلم السلطة من الرئيس السابق المستشار عدلى منصور إلى الرئيس المنتخب عبدالفتاح السيسى، وكان نص الوثيقة: «باسم الشعب، صاحب السيادة، ومصدر السلطات، ومفجر ثورة 25 يناير 2011 وما حملته من آمال وطموحات وتطلعات، وثورة 30 يونيو 2013 المكملة التى صوبت المسار واستعادت الوطن، وتنفيذاً للاستحقاق الثانى من خريطة مستقبل الشعب المصرى، وبناء على قرار اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية رقم 26 لعام 2014 بإعلان فوز عبدالفتاح سعيد خليل السيسى فى الانتخابات الرئاسية، وعقب أداء اليمين الدستورية أمام الجمعية العامة للمحكمة الدستورية العليا - تسلم الرئيس عبدالفتاح السيسى مقاليد السلطة من المستشار عدلى منصور رئيس الجمهورية المؤقت. حررت هذه الوثيقة فى العاشر من شعبان 1435، الثامن من يونيو 2014». ثم ألقى الرئيس المنتخب كلمة أمام وفود الدول العربية والأفريقية والأوروبية قال فيها: «إن رئاسة مصر شرف عظيم ومسئولية كبيرة، وعلى الشعب أن يجنى ثمار ثورتيه بعد بذل العرق والأرواح، وآن الأوان أن نبنى مناخاً أكثر استقراراً يؤسس لمرحلة العمل الجاد، يكفل عيشاً كريماً ويمنحنا الفرصة لكى نولى اهتماماً لحقوقنا وحرياتنا فى إطار فاعل بعيداً عن الفوضى، ومن خلال مسيرة جامعة يستمع فيها كل طرف للآخر، نختلف من أجل الوطن وليس على الوطن ليكون الاختلاف ثراءً نضفى به روح التعاون والمحبة على عملنا الوطنى المشترك». وصاحب هذه المراسم احتفالات هائلة ضمت مئات الآلاف من المواطنين فى كل ميادين الحرية بالقاهرة والمحافظات فى أجواء من البهجة، والألعاب النارية، والبالونات، والزغاريد، مصحوبة بالهتاف والدعاء بالتوفيق للرئيس الجديدة لبناء مصر الجديدة لكى تعود بحق أماً للدنيا.