عرف الفراعنة الوشم منذ آلاف السنين، وكان يستخدم لدى النساء لأغراض التجميل في غياب المساحيق الملونة، خصوصًا في منطقة الحاجبين والشفتين لتضخيمها والرقبة، حيث كان يوخز بالإبر شكل قلادة عريضة، كما استخدمه الكهنة في المعابد، إذ وجد على بعض المومياوات الفرعونية، ويُملأ بأصباغ معدنية ومواد عشبية كان يطلق عليها "ماء الإله". ارتبط الوشم كذلك بالديانات الوثنية التي اعتبرته رمزًا للآلهة، حيث كان ينقش الوشم، وهي عادة ما زال يحتفظ بها أقباط مصر الذين ينقشون الصليب على الرسغ. يقول الباحث في التراث الشعبي والنوبي طاهر عبدالوهاب، "استخدم الوشم لطرد الأرواح ولمحاربة الشيطان والقضاء على السحر الأسود ووقايةً من الحسد، واستخدم في العلاج من بعض الأمراض"، لافتاً إلى أن القبائل الإفريقية استخدمته بهيئة علامات ورموز في الجسد كتحقيق للهوية في مجتمعات لا تقرأ. وكان إبراز الوشم يميّز الشخص ويعرف الآخرين به وبقبيلته، واستخدم ضمن مراسم بعض المناسبات مثل الزواج وفي أعياد الحصاد وأثناء الحروب. ويوضح عبدالوهاب أنه في بلاد النوبة كان يكثر الوشم فوق العين اعتقادًا أنه يقوّي النظر، واستخدمه الإغريق كدليل على الخيانة فكان الجواسيس يتم رسم الوشم على أجسادهم. كما استخدمه الرومان في حلبات المصارعة، حيث يوشم كل مصارع بوشم الحيوان الذي يصارعه، ويضيف الباحث: "انتقل الوشم ما قبل العصور الوسطى إلى حوض البحر المتوسط وإنجلترا، حيث انتشر بين أفراد الأسرة الحاكمة ومن ثم انتقل إلى أوروبا". وفي القرن ال19، كان بحارة الأسطول الملكي يضعون وشم السلحفاة لمن يعبر خط الاستواء ووشم المرساة لمن يعبر الأطلسي، حتى وصل إلى الصين حيث وَشم التنين". ويؤكد عبدالوهاب أن قياصرة روسيا استخدموه لوشم المساجين وفقًا لجرائمهم وعقوباتهم، كما وشم النازيون مساجينهم بأرقام مسلسلة في معسكرات الاعتقال. الوشم كفن أيقوني دائمًا ما يخترق توقعات الشكل التقليدي للفن، حتى بات الجلد مسرحًا للعديد من الرسوم والرموز، وعن الفرق بين الوشم والتاتو تقول خبيرة التجميل هدير طه: "الوشم هو التاتو ولكن اصطلح على أن الوشم يبقى ولا يُزال إلا بالليزر، وهو عبارة عن ثقوب في الجلد تحدث بواسطة إبرة أو جهاز خاص، ومن ثم تُملأ ببعض المواد والأصباغ، أما التاتو فيزول بعد فترة، وهو عبارة عن رسم ثابت ينفذ إلى الجسم، ويكون من الحناء الطبيعية أو من مواد كيماوية مثل الذهب المخلوط أو الرصاص القابل للزوال". وتؤكد هدير أن الوشم فن إبداعي تقبل عليه النساء في العالم العربي لأغراض تجميلية أو لدرء الحسد، وأغلبه يكون وشم الحواجب ووشم الشفاه ووشم كحل العين، بينما في أوروبا يقبل الرجال أكثر على الوشم، خصوصًا المشاهير، بحسب صحيفة "الحياة اللندنية". وصارت رسوم الوشم الفرعونية رائجة بين مشاهير العالم، فقد أضافت المغنية السمراء ريهانا إلى مجموعة الوشوم التي تغطي جسمها وشم الصقر حورس يحلق على شكل مسدس فوق كاحلها الأيمن، وأزالت النجمة أنجيلينا جولي وشم Billy بالليزر لتضع وشم كليوباترا. ووشم المصارع الأمريكي رومان رينز ليضع وشم حورس علامة القوة، حتى جيني والدة وينستون تشرشل، كان لديها وشم عبارة عن ثعبان الكوبرا الفرعوني محفور على معصمها، وكانت تغطيه بسوار من الماس، كما كان كينيدي يدق وشمًا فرعونيًا. يذكر أن لجنة أوروبية حذّرت من الكيماويات المستخدمة في الوشم لأنها تحتوي على صبغات صنعت في الأصل لأغراض أخرى، مثل طلاء السيارات أو أحبار الكتابة، وأن الأدوات المستخدمة من إبر وقفازاتن عادة ما تكون غير معقمة.