وقد جاءت نتيجة الانتخابات الرئاسية حاسمة وجاء النجاح باكتساح وأصبح تربع المشير السيسى على رئاسة مصر أدنى من قيد أنملة.. فليسمح لى السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى رئيس جمهورية مصر العربية المنتخب أن أوجه له رسالة أعتقد أنها فى غاية الأهمية.. اعلم أنه بقدر ما كان نجاحك باكتساح فى الانتخابات الرئاسية تعبيراً عن حب الناس فى مصر لك وتقديرهم لشخصك بقدر ما كان ثقة من الشعب المصرى بأنك قادر على إعادة الاستقرار بل والخروج بمصر من عنق الزجاجة.. فأرجو ألا تأخذك بهجة الفرحة بالفوز وبحب الناس وتقديرهم لك وتنسى ثقتهم فيك والآمال العظام والجسام التى يعلقونها عليك.. ولا تنسَ لحظة واحدة أن الثقة إذا اهتزت فإنها تدمر الحب والتقدير. سيدى الرئيس.. اعلم وتعالَ نعترف بأننا حضارياً واقتصادياً وتنموياً وصناعياً وزراعياً ورياضياً وفنياً... إلخ فى الحضيض.. وأن بناء الحضارة وبناء الاقتصاد وبناء أى شىء يعتمد اعتماداً أساسياً على الإنسان وبناء الإنسان.. وتعالَ نعترف أن أجيالاً متعاقبة تربت بل وغاصت فى بحور الفساد وأن الفساد أصبح بداخلنا متوغلاً ومتوحشاً، وأن المعضلة ليست فى ميزانيات نبنى بها حضارة وصناعة واقتصاداً.. بل فى إنسان وبناء إنسان.. فلا بد أن تبحث مع علماء الاجتماع وعلماء النفس عن كيفية معالجة الفساد المستشرى داخل نفوسنا وعن كيفية بناء إنسان مصرى بهمته وعزيمته وانتمائه يستطيع أن ينتشل مصر من قاع الزجاجة ويخرجها بيسر وسهولة من عنقها.. فعليك أولاً وقبل أى شىء البحث عن كيفية إعادة بناء الإنسان الذى هو أهم أداة فى حل أى مشكلة وفى بناء أى حضارة. سيدى الرئيس.. جلس مبارك على عرش مصر ثلاثين عاماً مهملاً التعليم عن قصد ونية خبيثة فأصبح حالنا على ما هو عليه الآن مؤسفاً للغاية وذهب مبارك إلى مزبلة التاريخ بجريمته الشنعاء فى حق شعب مصر حين أفسد الإنسان كى يسهل له حكمه.. وجلس مهاتير محمد على عرش ماليزيا اثنين وعشرين عاماً فأحدث بها نقلة حضارية مهولة حين اهتم بالتعليم وببناء الإنسان.. وأعتقد أنك ملم بتجربة مبارك وبتجربة مهاتير محمد الذى سيخلده التاريخ.. ولك أن تختار أن تكون مبارك آخر وتودينا فى داهية أكتر أو أن تكون مهاتير محمد فيكتب التاريخ اسمك فى تاريخ مصر بحروف من أنوار سماوية.. ولن أزيد فى هذا الأمر عن كلمة واحدة.. البداية الصحيحة والصائبة والمنجزة والمعجزة هى الاهتمام للغاية بالتعليم.. التعليم.. التعليم.. سيدى الرئيس.. كما ذكرت عاليه أننا شعب ينخر الفساد فى نفوسنا.. وقد أصبحنا خلال السنوات الثلاث الماضية التى أعقبت ثورة 25 يناير 2011 نتباهى بالجهر بفسادنا فى كل تصرفاتنا خاصة بعد غياب وضعف الأمن.. لذلك فلا بد من تفعيل قوة وبطش القانون.. لا بد من وضع نهاية لعصر الطبطبة ونحنحة عبدالحليم حافظ.. ولا بد من إظهار عين القانون الحمراء وسيفه الباطش حتى يعتدل حال هذا البلد الذى أصبح لا يسر عدواً ولا حبيباً. سيدى الرئيس.. أرجو قبل أن تبدأ ممارسة مهام منصبك أن تتصل بالسيد رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات وتعقد معه اجتماعاً مطولاً ليطلعك بالمستندات على حجم الفساد المستشرى فى أجهزة الحكومة ودواوين الوزارات والهيئات الحكومية.. واسأله عن أحد قيادات وزارة الداخلية الذى يحصل على 12 مليون جنيه سنوياً بدل حضور لجان وعن السبعة من قيادات شئون العاملين بوزارة الداخلية الذين يحصلون على 84 مليون جنيه فى العام بدل حضور لجان.. واعلم حين يطلعك سيادته على التجاوزات المهولة فى دواوين الوزارات أن آلاف الأمهات يطبخن لأبنائهن على هياكل ورجول فراخ وأن أماً قتلت ابنها وضناها علشان كان يطالبها برغيف خبز زيادة فى وجبته.. اعلم أن الفساد مهوووول والفقر مهووووول.. والأمر بيدك إن أردت حقاً إصلاحاً. ونستكمل بقية الرسالة الأسبوع المقبل إن شاء الله.. والله من وراء القصد.