سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
بروفايل | عدلى منصور.. فى وداع رئيس محترم استشعر دوره كرئيس مؤقت للبلاد فلم تذكر له جولات خارجية كثيرة.. بدأها بزيارة السعودية وزيارتان إلى الصين وأثينا
هو أول من جلس على كرسى حكم، وتركه راضياً، غير مبالٍ بمن يتقلد المنصب بعده، وغير قلق من مصيره بعد الخروج من القصر الرئاسى، فهو أول شخص فى مصر يتم تعيينه فى منصب رئيس جمهورية، وأول شخص فى مصر يترك المنصب عن طيب خاطر، دون أن تخرج الجماهير لتطالب برحيله، ها هو المستشار عدلى منصور مرة أخرى يعود إلى مهنته رئيساً للمحكمة الدستورية العليا، غير طامح فى أكثر من ذلك، مثلما لم يطمح يوماً أن يكون رئيساً للبلاد، لولا الظروف التى تسببت فى ذلك، وجعلته يحلف اليمين رئيساً مؤقتاً للبلاد يوم 4 يوليو 2013، وهو اليوم نفسه الذى حلف فيه اليمين رئيساً للمحكمة الدستورية العليا. منصب هبط عليه من السماء، بعد أن تم عزل الرئيس السابق محمد مرسى بإرادة شعبية، ونادت الأصوات وقتها بتنصيب المستشار بصفته، ريثما يتم انتخاب رئيس جديد للجمهورية. ما يقرب من عام كامل، هو كل فترة حكم الرئيس عدلى منصور، لم يتخل يوماً فيه عن هدوئه وثباته الانفعالى فى كل المواقف، ربما سيذكر التاريخ اسمه فى سطر واحد كرئيس قدر له أن يكون أول محطة فى خارطة الطريق، التى أعلنها الفريق، وقتها، عبدالفتاح السيسى عشية يوم 3 يوليو أثناء الخروج الكبير للجماهير، مطالبة برحيل الرئيس الإخوانى محمد مرسى، ربما سيظل اسم المستشار عدلى منصور خالداً فقط على لافتة افتتاح المرحلة الثانية من الخط الثالث بمترو الأنفاق، والذى افتتحه منذ أسابيع قليلة، أو فى اللوح الرخامى للمستشفى الجوى التخصصى بالتجمع الخامس، أو المدينة الشبابية بشرم الشيخ، أو مركز السيطرة والتحكم بالمدينة نفسها، تلك المشروعات التى نسب إليه افتتاحها، حتى إن كانت إجراءات إقامتها بدأت فى عهد رؤساء سابقين. حكومتان أدتا اليمين الدستورية للمستشار عدلى منصور، فبالرغم من دوره رئيساً مؤقتاً للبلاد، والذى لم يتعد شهوراً فقط، فإن أزمات عدة جعلته يغير حقائب وزارية كاملة، فى البداية وبعد فترة من ثورة 30 يونيو، ارتأى البعض أن الدولة بحاجة إلى رجل اقتصاد يتولى رئاسة الوزراء لعله يصلح ما أفسدته فترة حكم «الإخوان»، كان الدكتور حازم الببلاوى هو فرس السباق، غير أن الغضب الشعبى تصاعد شيئاً فشيئاً جراء استمرار المشكلات من بنزين، وكهرباء، وخبز، ووزارة تتحرك خطوة للأمام وخطوتين للخلف، سرعان ما جاء المهندس إبراهيم محلب ليتولى الدفة بعد استقالة حكومة «الببلاوى»، تلك الحكومة التى ستتقدم هى الأخرى باستقالتها بمجرد مغادرة «منصور» قصر الرئاسة. خطابات قليلة ألقاها «منصور»، اكتفى وقتها بأن تتلخص فى كلمات شكر وتهنئة فى المناسبات القومية، مثل عيد العمال، وذكرى ثورة 25 يناير، وعيد تحرير سيناء، وحوار تليفزيونى وحيد اتسمت فيه إجاباته بالسرعة والاختصار الشديد، على عكس ما كان المواطن المصرى قد بدأ التعود عليه من خطابات طويلة ألقاها من قبله «مرسى»، بعضها امتد ليتواصل على مدى يومين. استشعر «منصور» دوره كرئيس مؤقت للبلاد، فلم تذكر له جولات خارجية كثيرة، قليل منها فقط بدأها بزيارة للمملكة العربية السعودية، والتى لم تستغرق سوى أيام قلائل، وزيارتان إلى كل من الصينوأثينا، الدولة الأولى لعقد اتفاقيات تعاون مشترك معه على المستويين الصناعى والتجارى، أما زيارة أثينا والتى جاءت بعد إعلان نتائج الاستفتاء على الدستور والاطمئنان على استقرار الأوضاع بعدها، فلم تستغرق سوى ساعات فقط، رافقه خلالها هشام زعزوع، وزير السياحة، ونبيل فهمى، وزير الخارجية، والتقى خلالها مع نظيره اليونانى للاتفاق على بعض النقاط التى من شأنها إعادة السياحة مرة أخرى إلى مصر بعد تأزمها على مدار ما يقرب من 3 أعوام منذ ثورة 25 يناير 2011. كان للرئيس المؤقت عدلى منصور حظ فى حضور القمة العربية بالكويت، هنا يرى البعض أنه خرج عن هدوئه المعهود عندما ألقى كلمات واضحة ورسائل عدة، بدأها بشكر الدول العربية التى وقفت بجوار مصر وساندتها فى ثورتها، ومندداً فى الوقت نفسه بكل من يساعد قوى الإرهاب وكان أبرز ما ذكره فى كلمته: «إن مصر تدعو كافة الدول العربية الشقيقة للوقوف صفاً واحداً ضد الإرهاب، وسرعة تفعيل الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب، وتسليم المطلوبين قضائياً، ورفض توفير المأوى والدعم لهم بأى شكل من الأشكال»، كما سعى أن يذكر وبوضوح أمام كافة الدول العربية أن «30 يونيو» كانت ثورة شعبية، وليست انقلاباً عسكرياً، كما يدعى البعض. أيام قليلة ويعود عدلى منصور إلى المحكمة الدستورية العليا، لن يحمل معه من فترة رئاسته شيئاً، سيعود حاملاً تاريخه كرجل قانون فقط، تخرج فى كلية الحقوق جامعة القاهرة عام 1970، وتدرج فى مناصبه من مندوب مساعد فى مجلس الدولة، إلى نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا، التى كانت «وش الخير» عليه، إذ ارتقى فيها لمنصب «رئيس المحكمة»، مروراً بأعلى منصب رسمى فى الدولة، وهو رئيس الجمهورية، يترك منصبه هذه المرة لرئيس آخر منتخب، يتولى بدوره المسئولية، ويتسلم السلطة من رجل كان قبله يجلس على الكرسى نفسه، وتركه عن طيب خاطر.