الدعاية الانتخابية، والوجوه القديمة، وغياب الرؤية فى التعامل مع الشعب، أسباب أكد مصطفى بكرى، الكاتب الصحفى، أنها كانت أهم أسباب الفشل فى التواصل مع المواطنين، وعزوف الناخبين عن التصويت فى الانتخابات الرئاسية، لافتاً، فى حواره ل«الوطن»، إلى أن المجموعة المسيطرة على الحملة نجحت فى تكوين «شللية» سعت إلى الظهور فى المشهد الانتخابى إلى جوار «السيسى»، والحقيقة أن من أداروا الحملة هم مجموعة من الهواة، وكان أداؤهم أقرب ما يكون إلى الرغبة فى إفشال المشير، أو النيل من الرجل صاحب الشعبية الكبيرة.. وإلى نص الحوار: ■ عندما أعلن المشير عبدالفتاح السيسى عن ترشحه فى الانتخابات الرئاسية قال إن حملته غير تقليدية، إلا أن الواقع أثبت فشلها.. لماذا من وجهة نظرك؟ - بكل صراحة أرى أن حملة «السيسى» هى المسئول الأول عن كل الأخطاء التى وقعت أثناء فترة الدعاية الانتخابية، فى أيام التصويت، ما كان سبباً فى ضعف مشاركة المواطنين فى الانتخابات، و«السيسى» كانت لديه خطة لتقديم حملة انتخابية بالفعل غير تقليدية، ومنذ اليوم الأول وبرنامجه الانتخابى جاهز، لكن ما حدث داخل الحملة من أجواء وكواليس فاق الخيال، ودفع المشير إلى الاعتماد على نفسه فى اللحظات الأخيرة قبل الصمت الانتخابى، لأن من أداروا الحملة كانوا مجموعة من الهواة، وكان أداؤهم أقرب ما يكون إلى الرغبة فى إفشال المشير، أو النيل من الرجل صاحب الشعبية الكبيرة. ■ وما أسباب فشل الحملة الرسمية للمشير؟ - هناك وجوه فى الحملة تعمدت إفشال «السيسى»، ونجحوا فى تكوين «الشللية» التى استطاعت التحكم لفترة فى كل لقاءات المشير مع طوائف الشعب، ما أحدث ارتباكاً فى المشهد، وأفقد المشير فريقاً من محبيه، فضلاً عن ظهور رموز النظام السابق فى المشهد. ■ وما دليلك على ذلك؟ - لقاء المشير بالقبائل العربية مثلاً، أغفل بعض القبائل الأخرى، ما أدى إلى وجود حالة من التعصب الشديد، لدى بعض الجعافرة، والعرب، نفس الحال تجلى بوضوح فى الصعيد وبعض محافظات الوجه القبلى ذات العصبية، وباختصار تم تفضيل شرائح بعينها داخل المجتمع المصرى على حساب أنماط أخرى من المجتمع. ■ البعض يرى أن عمرو موسى يتحمل المسئولية الأكبر فى هذا الفشل، وأن اعتماد المشير عليه كان خطأً. - بحسب معلوماتى، فإن عمرو موسى اعتمد على بعض الشخصيات، وتولى تسكينها فى اللجان المطلوبة داخل الحملة، ثم اختفى، ولا نعرف السبب وراء ذلك. ■ ولكن بعض الوجوه فى حملة المشير «السيسى»، كانت لديها خطة واضحة ومحددة، ما دفع الشباب إلى الانضمام إليها. - هذا صحيح، فمثلما هناك الطالح، كان هناك الصالح، وبعض الشخصيات ظلت تعمل فى صمت، وكان هدفها الأساسى تلاحم «السيسى» مع الشعب، إلا أن شلة المنتفعين أفسدوا مجهودهم، وتعمدوا تشويه صورتهم، ما دفع بهم إلى الابتعاد عن المشهد. ■ وكيف رأيت الخطاب الإعلامى للحملة؟ - كان كارثياً بكل المقاييس، وأساء إلى المشير كثيراً، فمثلاً الموقع الإلكترونى الذى تم تدشينه لأخبار «السيسى»، تعمد القائمون عليه انتقاء الأخبار التى تخدمهم، وأغفلوا كل المؤتمرات الداعمة للمشير، ما أعطى انطباعاً لدى مؤيديه بأنهم غير مرغوب فيهم. كما فشل الخطاب الإعلامى للحملة فى التواصل مع جماهير الشعب المصرى، فغابت عنه الرؤية الواضحة، ما دفع المشير فى اللحظات الأخيرة إلى كتابة خطاباته بنفسه، وتحديد أولويات الحديث للشعب، فاعتمد على التلقائية، وهى السمة التى ربطت بينه وبين الشعب المصرى، فشخصيته هى من أنقذت الموقف، والأخطر من ذلك اللقاءات التليفزيونية التى عمد محاوروها إلى استفزاز المشير دون سبب، ما أعطى انطباعاً سلبياً إلى حد كبير. ■ هل ترى أن طرح «السيسى» لرؤيته الانتخابية فى اللحظات الأخيرة من المدة المحددة للدعاية أفقده الكثير فى معركة الرئاسة؟ - هذا صحيح، خصوصاً أن المشير منذ إعلانه قرار الترشح للانتخابات الرئاسية وبرنامجه الانتخابى واضح ومكتمل، لكن التأخر فى إعلانه يمثل علامة استفهام غير مفهومة، كما أن إعلانه فى وسائل الإعلام لم يكن منضبطاً، ولم يجر نقاش حوله بشكل مهنى، وبالتالى إذا سألت أى مواطن عن البرنامج، فستكون إجابته بالقطع: «معرفش عنه حاجة». ■ وماذا عن التوكيلات الانتخابية داخل اللجان؟ - حدِّث ولا حرج، فمعظم التوكيلات لم تذهب لأصحابها، أو للأشخاص المناسبين، ما أدى إلى مشكلات عديدة خلال أيام التصويت. مراجعة الأخطاء أتمنى من «السيسى» مراجعة كل الأخطاء التى أوقعته فيها الحملة وتداركها بشكل سريع، وأن يعتمد -حال فوزه- على فريق معاون يتميز بالكفاءة والأمانة والإخلاص. كما أن لديه مهمة شاقة تتمثل فى وضع آلية للاعتماد على الشباب والدفع بهم فى المرحلة المقبلة، ليس سياسياً فقط، وإنما فى مختلف المجالات، بما فيها الاقتصادية، فضلاً عن منح المرأة المصرية حقها فى المرحلة المقبلة، لأنها بالفعل كانت وقود الانتخابات الرئاسية، وأعتقد أن المشير بحاجة إلى إجراء حوار مجتمعى شامل مع الشعب فى المرحلة المقبلة.