بعباءة رمادى، ترك فراش المرض، مقرراً أن يذهب إلى لجنته الانتخابية بمدرسة «الوحدة» فى المعادى، لم يكن بجانبه أحد من أولاده أو أقاربه حتى ينقله من مكانه: «كلهم فى البلد ومحدش بيسأل عليا من 30 سنة»، كلما مرت السنوات، زاد ابتعاد أولاده عنه: «عندى سرطان فى الكبد وجيت هنا عشان أتعالج، ولما عيالى مالقوش فيا أمل سابونى لوحدى لحد ما جالى القلب من كتر القهرة». نعيم مجلع، مواطن تحدى مرضه وصمم على المشاركة فى الانتخابات الرئاسية، وبالرغم من ظروفه القاسية طلب من جاره الشاب «أحمد» الذى يرى فيه أحد أولاده العشرة الذين تخلوا عنه لمرضه، صارخاً: «ودينى يا ابنى أصوت قبل ما اموت، دى مصر الوحيدة اللى شيلانى ومفيش أغلى منها»، ترك الرجل البسيط عشته التى يعيش فيها بمنطقة «عزبة الزبالين» بالمعادى، متكئاً على عصا خشبية متهالكة بجوار جاره، متجهاً إلى اللجنة: «عارف إنى ميت ميت وأيامى معدودة، بس ده مايمنعش إنى أقصر فى حق بلدى». يبكى «عم نعيم» مرة على جحود أولاده، وأخرى من شدة الألم والأوجاع التى انتابته من شدة المرض، يجلس على أريكة خشبية بجانب لجنته، منتظراً دوره: «الناس فى اللجنة لما شافونى تعبان جابولى الورقة لحد عندى من غير ما أقوم، كانوا أحن عليا وحسوا بيا عن عيالى»، مضيفاً: «صعبت عليا نفسى لما مسكت الورقة ومش شايف هاعلم على إيه، ولما الراجل سألنى نعلملك على إيه يا حاج، قلت له على السيسى، هو فيه غيره اللى يرجع الحب بين الناس تانى».