في مصر العديد من الأساطير التي نتعامل معها بقدسية غير مفهومة، فما الداعي لأن يخاف الفلاحين من "النداهة؟"، هل بسبب أن محمدين ابن عبد البر خرج ليلًا ولم يعد؟. وإذا كانوا يخافونها لماذا يخرجون ليلًا أيضًا ليبحثوا عن "محمدين" الغائب و هم خائفين من النداهة؟، وماهي العلاقة بين تربية الأطفال وأمنا الغولة.. تخيل معي طفل "رخم مابيسمعش الكلام" أمه جالسة أمامه تقول له: "انت عارف يا تامر لو مسمعتش الكلام هعمل فيك ايه؟ هاوديك عند أمنا الغولة". هذا طبعًا مع مؤثرات خاصة كتغيير نبرة الصوت؛ لتصبح أقرب إلى الفحيح مع تغيير ملامح الوجه لتتحول "ام تامر" نفسها إلى "أمنا الغولة" لنجد تامر يفتح فمه وتتسع عيناه، ويبدأ في البكاء، ولكن السؤال: هل تامر سيسمع كلام أمه فيما بعد؟ الإجابة طبعا "لأ". كل هذه وغيرها ك"أبو رجل مسلوخة" و"العفريت أبو عين إزاز" أساطير وخرافات.. أي أنها غير حقيقة، ولا تستطيع أن تراها أو تشعر بها، ولكن ما رأيك في الأساطير "الواقعية؟". نعم هناك أساطير واقعية تجدها حولك وتتعامل معها كل يوم ولا تشعر بها، أو بمعنى أصح لا تتعامل معها كأسطورة بل تجدها واقع وحقيقة، لنأخذ مثلًا مصطلح "كليات القمة".. هناك من سيقول ولماذا كليات القمة خرافة؟ الإجابة تكمن في تعريف هذا المصطلح.. فما هي؟ هل هي الكليات الأعلى في المجموع أم أنها الكليات التي يلتحق خريجيها بالوظيفة بعد استلام الشهادة مباشرة، ويحصلون على مرتبات رهيبة، هل العملية التعليمية بها تكون على أعلى مستوى، هل خريجيها لهم وضع خاص في المجتمع؟. ستجد أن "لأ" هي الإجابة على كل الأسئلة السابقة، إذن لماذا هي على القمة؟.. في الولاياتالمتحدة المحامي من أفضل المهن هناك، ولكن انظر إليه في مصر حينما تذكر أمام أحد أن فلان الفلاني محامي، ستجد ضحكة سخرية مع مقولة "الشغلانة دي حرام"، وحينما تسأل عن السبب ستجده أن المحامي يضطر أن يكذب ليكسب قضيته!، وهل المهندسون والدكاترة ينطقون بالصدق في عملهم دائمًا ولا يكذبون؟. الهندسة، الطب والصيدلة، هم طموح كل الآباء والأمهات.. تُصرف الأموال ويبذل كل غالي و نفيس ليعبر الولد أو البنت عنق زجاجة الثانوية العامة ليلتحق بواحدة من هؤلاء، ولكن إذا كان الابن "عاق" ولا يريد أن يدخل واحدة من هذه الكليات "تقوم الدنيا"، وبدل الخناقة في البيت تقوم خناقات مع تهديدات من الأب بطرد هذا الفاشل صاحب ال98% الذي يريد – استغفر الله العظيم - أن يصبح مهندس ديكور أو صحفي، بينما الأم تبكي طول الليل والنهار ف"الواد الحيلة هيطلع جورنالجي، أو بتاع بيانولا"، هذا بالإضافة إلى شماتة الأهل، الأصحاب والجيران فيها. المهم ان نظام التعليم في مصر فاشل بكل المقاييس، والمضحك أن تجد مصطلح كمصطلح "كليات القمة"، وكأنك تتوج هذا النظام الفاشل بتاج الفشل.. في النهاية أتمنى من الآباء والأمهات أن يجيبوا عن هذه الأسئلة: 1 وكلاء النيابة،القضاة، والضباط هل هم خريجين طب؟ 2 لماذا يسافر خريجي كليات القمة إلى الدول العربية بحثًا عن الرزق؟ هل هذه الكليات كليات قمة مصرية أم خليجية؟ 3 إذا أصبح الجميع دكاترة ومهندسين من الذي سيزرع، ومن سيصلح الاقتصاد، ومن سيكتب القوانين، ومن سيصعد بمصر لكأس العالم؟. ..أعتذر عن موضوع كأس العالم ده.. "العفريت أبو عين إزاز" نفسه لا يستطيع أن يصعد بلاعب واحد إلى البطولة.