من نافل القول أن دبى تمثل حالة خاصة بين المدن العربية؛ فهى ليست من المدن العريقة فى التاريخ، كالقاهرة، دمشق، بيروت، بغداد، حيث تمتزج فيها عصور من الحضارات والثقافات، لكنها مدينة اختارت أن تكون للحداثة والنظام والبهجة وجهاً وعنواناً، تذكرنى بما يقال عن نيويورك مقارنة بلندن وباريس وروما، ناهيك عن أن أهل دبى اعتادوا أن تكون مدينتهم Cosmopolitan Society أو مجتمعاً متنوع الجنسيات، فتلاقحت فيها الثقافات العربية والآسيوية ولمحة غربية من ناطحات سحاب وأبراج وماركات ومولات، تحتضنك هذه المدينة بدفء غريب، فلا تستشعر الغربة فيها أبداً. قضيت فى دبى 3 سنوات أثناء عملى فى قناة العربية وقت تأسيسها، وتعددت الدعوات الكريمة لى كل عام من نادى دبى للصحافة لحضور منتدى دبى للإعلام، والذى أعتبره أكبر تجمع إعلامى عربى رفيع المستوى، برعاية سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبى. حمل المنتدى هذا العام عنوان المستقبل، وسط نخبة من المتحدثين والندوات، وشرفت كمصرية أن يكون ضيف شرف المنتدى هذا العام المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء المصرى، الذى ألقى الكلمة الافتتاحية للمنتدى، فى إشارة واضحة لدعم دولة الإمارات العربية الشقيقة لمصر 30 يونيو وإرادة الشعب التى قهرت الإخوان وأسقطت مرشدهم وفضحت تلك المافيا الدولية التى شوهت ثورة شعب وسرقت أحلامه! بين أروقة المنتدى يأتيك السؤال من كل عربى بقلق: «مصر كويسة؟ إيه الأحوال عندكم ع الأرض يا مصاروة؟ السيسى هيكسب ويكتسح مش هيك؟ حمدين شجاع عن جد ما بيصير يحبطوه هيك؟» وحينما يستمعون للإجابة تجدهم يتفقون على جملة ختامية واحدة: «إذا مصر صارت قوية كل العرب حالهم بينصلح». أولاً: شكر واجب هنا لكل المنظمين لهذا المنتدى وأخص بالذكر منى المرى ومنى أبوسمرة ومريم فهد ومهاب مازن وأحمد خالد ونور الدين وخالد جمال، والجميع بلا استثناء، على المجهود الكبير فى التنظيم والإدارة واختيار الموضوعات والشخصيات. ثانياً: مع احترامى للشيخ الوليد آل إبراهيم مؤسس إمبراطورية MBC الأشهر والأنجح فى العالم العربى والتى عملتُ شخصياً فيها 3 سنوات كانت الأرقى فى حياتى المهنية، ولكن مع هذا فلم أهضم بصراحة قوله إن الإعلام المصرى ضعيف ومتهاوٍ ومنهار، متمثلاً فى التليفزيون المصرى الرسمى! متجاهلاً كل الفضائيات المصرية الخاصة! ومستفزاً الجميع قائلاً إن مجموعته لا بد أن تكون رقم 1 فى مصر! رفقا بنا السيد الوليد، فمزاج شعب المحروسة مصرى جداً ومحلى جداً بعيداً عن قياساتكم وتحديكم لإعلامه الخاص الذى خاض مع شعبه فى الميادين ثورات، فالواقع يختلف عن أجندات الإعلانات والبزنس. ثالثاً: اختيار الأستاذ أحمد رجب (نص كلمة) لتكريمه هذا العام على مجمل إنجازاته الصحفية وأفضل عمود صحفى فخر لمصر والعرب. كما أن فوز الأستاذ ياسر رزق بدرع جائزة أفضل حوار كان شيئاً مشرفاً بكل صدق. رابعاً: أتمنى أن تكون لدينا فضائية عربية إخبارية ناطقة بالإنجليزية تبث للعالم أخبارنا بلا تحيز حتى تصَّد عن دُولنا زمهريرَ «الرأى والرأى الآخر» الذى تدعيه قناة موزة وتميم. أخيراً: تجربة دبى لا يكمن النجاح فيها فقط بسبب وفرة المال، لكن احترام القوانين والسيستم والتعليم الجيد والاستفادة من الخبرات العالمية والإدارة الناجحة والتصميم على التميز هى مفتاح وسر نجاح درة الخليج العربى: دبى.