صباح السبت الماضى تصادف سيرى بالسيارة على الطريق الدائرى عند التجمع الخامس بالقاهرة. ظهرت دراجة نارية واحدة تابعة للشرطة تطلب من السيارات إفساح يسار الطريق. كلنا يعرف الهواية الغريبة للمصريين بأن يسيروا ببطء فى أقصى يسار الطريق بينما تندفع السيارات كالبرق فى أقصى اليمين. بعد الدراجة النارية بثوانٍ مر موكب الرئيس محمد مرسى المكون من 15 سيارة تقريباً، ولم يتوقف السير على الطريق لحظة. إغلاق الطرق لسير مواكب المسئولين ظاهرة شائعة حول العالم، وتختلف فقط فى مدة الإغلاق وطريقة التعامل مع البشر أثناءه. وتأمين المسئولين واجب الأجهزة الأمنية، التى تحاسب إن قصرت فيه، لكن أفضل مستويات التأمين تلك التى تتم بالسلاسة بحيث لا يكاد يشعر بها الناس ولا تمس حياتهم ولا تعطل مصالحهم.. وفى مصر وصلنا فى عهد مبارك إلى أعلى درجات إغلاق الطرق، وأدنى دركات التعامل مع البشر؛ حيث كانت القاهرة كلها تصاب بالشلل المرورى مع أى تحرك لموكب الرئيس أو موكب زوجته التى كانت تطلب لنفسها «تشريفة» أكبر من تشريفة الرئيس، فضلا عن مواكب النجلين، ورئيس الوزراء، والوزراء، وبخاصة وزير الداخلية، كما أن التعامل كان بمنتهى القسوة مع أى حركة غير معتادة ولو كانت غير مقصودة. لاحظت فى الآونة الأخيرة تعمد بعض وسائل الإعلام تركيز الحديث عن تشديد الحراسة حول الرئيس، حتى أن وصف إجراءات الحراسة يستغرق مساحة أكبر من تغطية الحدث ذاته، وفى يوم السبت الماضى كان عنوان صحيفة «الشروق» عن صلاة مرسى الجمعة فى مسجد السيدة زينب: «عجوز لمرسى: لو خايف تصلى وسط الناس اقعد فى بيتك»! لا أدرى لماذا ذهبت السيدة العجوز للمسجد يوم الجمعة رغم أن صلاة الجمعة ليست واجبة عليها؟ ولماذا وقفت عند باب دخول الرجال؟ والمعروف أن للنساء أماكن خاصة بهن، بينما أعرف أن صلاة مرسى فى المسجد واجبة، وأوجب الواجب عليه أن يتفقد أحوال الشعب وأن يحتك به ولا ينعزل عنه، دون أن يكون ذلك سبباً لتعريض حياته للخطر، ومن هنا كانت الإجراءات الأمنية لازمة. لا أدافع عن أطقم الحراسة حول الرئيس، وربما كان بعضها ممن خدم مع مبارك ولا يزال يحمل نفس طباع الاستعلاء والخشونة فى التعامل مع الناس، وهذا السلوك ينعكس سلباً على الرئيس قبل أن ينعكس على صاحب الفعل نفسه، وينبغى تصحيحه إن وجد. فى الولاياتالمتحدة.. قُتل أربعة رؤساء، أولهم إبراهام لنكولن أثناء حضوره عرضاً مسرحياً، وقد قتله ممثل كان يقف أمامه على خشبة المسرح، وقتل الثالث أثناء مشاهدته بعض الاختراعات الحديثة، وقُتل آخرهم جون كينيدى عام 1963 أثناء زيارة ميدانية لمدينة دالاس، كما جرت محاولة لاغتيال الرئيس رونالد ريجان عام 1981 أثناء خروجه من أحد الفنادق. أى أن أوقات خروج المسئول من مكانه هى أفضل اللحظات لاستهدافه. لا أظن أن الأمريكان «تحضروا» ولم يعودوا يلجأون للقتل، فحوادث قتل غير الرؤساء لا تزال مستمرة داخل الولاياتالمتحدة، بالجملة والقطاعى، وأعمال قتل الشعوب تسير على قدم وساق، خاصة الشعوب العربية والإسلامية، لكن بالتأكيد أصبحت الإجراءات الأمنية أفضل كثيراً. من حق الرئيس أن توفر له الدولة الحماية، ومن حق الشعب أن لا تكون تحركات الرئيس سبباً لتنغيص العيش عليه.