«والجوع القاتل يأكلنى.. يتسلل سماً فى الأحشاء.. يشطرنى فى كل الأرجاء.. أرقب أشلائى فى صمت.. فأرى الأشلاء بلا أشلاء.. من منكم يمنحنى فتوى باسم الإسلام.. أن آكل ابنى.. ابنى قد مات.. قتلوه أمامى.. قد سقط صريعاً بين مخالب جوع لا يرحم» ألقى «فاروق جويدة» قصيدته قبل عام، لم يكن يعلم أن يوماً قريباً سيأتى سيسقط فيه الابن صريع سكين والدته التى رحمته من «جوع لا يرحم». «جرائم الجوع» اصطلاح جديد لجريمة جديدة فى مصر «القتل للرحمة من الفقر والجوع»، فعلتها «سيدة» قبل شهور قليلة من ثورة يناير فقتلت ولدها الوحيد البالغ من العمر 9 سنوات؛ لأن زوجها قد طلقها ولا تملك وظيفة تعيل بها ولدها فأراحته من هم الحياة وأرادت أن تلحقه بالانتحار بسم الفئران وقطع الشرايين، لكنها فشلت مرتين فطلبت الإعدام، اليوم تعاد القصة وبالبطل نفسه «الجوع الكافر» فتقتل أم فى الإسكندرية طفلها الصغير لأنه تجرأ وطلب كمية إضافية من الخبز. «نسبة الجرائم الأسرية فى مصر تخطت ال70% وهى الجرائم التى طرفاها، القاتل والمقتول، من أسرة واحدة»، حسب د.محمد المهدى، أستاذ الطب النفسى، مؤكداً أن سيكولوجية الأم القاتلة والأب القاتل مختلفة عن سيكولوجية أى قاتل آخر، وفى بعض الحالات يسمى هذا النوع من القتل «قتل الفقر»، هو ما يختلط فى هذه الحالات ب«قتل الرحمة»، ففيهما يخاف الأب أو الأم على طفلهما من الحياة الكئيبة التى يعيشانها ويقرران إنهاء حياته وحياتهما معه، فى الغالب يقدمان على الانتحار بعدها. محمود الشيخ، مدير البرامج بقرية الأمل لأطفال الشوارع، يؤكد أن معدلات أطفال الشوارع والأطفال الذين تلفظهم أسرهم للجمعيات فى تزايد بشكل كبير فى الآونة الأخيرة، مضيفاً أن جمعية قرية الأمل، المهتمة بشكل أساسى بأطفال الشوارع، أضافت برنامجاً جديداً لرعاية أسر على شفا الانهيار خشية على أطفالها من القتل الرحيم أو الهروب للشارع «لولا كرم من الله لكان فى مصر كل يوم طفل ضحية فقر أمه وأبيه».